القمة العربية في الأردن.. رؤساء يتناقشون وشعوب لا تكترث

القمة العربية في الأردن

بقائمة ملبدة بالملفات الشائكة والمعقدة، وخلافات حادة بين الأشقاء، تستعد القمة العربية للانطلاق الأربعاء المقبل، وسط العديد من الأزمات المشتعلة في سوريا وليبيا واليمن وفلسطين، وصراعات حدودية بين المغرب والجزائر، وبين السودان ومصر، وتوترات الأخيرة مع السعودية.

 

أعمال التحضير للقمة العربية الثامنة والعشرين، بدأت بالفعل في منطقة البحر الميت بالعاصمة الأردنية عمّان، وسط ظروف صعبة تمر بها المنطقة، فضلاً عن الخلافات بين عدد من الدول حول العديد من الملفات والتي قد تتسبب في فشل القمة قبل انعقادها. بحسب مراقبين. وتأتي القمة وسط سيل من الخلافات بين عدد من الدول الأعضاء على رأسهم خلافات المغرب والجزائر بسبب قضية الصحراء، فضلاً عن الجدل السوداني المصري حول حلايب وشلاتين، وتوتر العلاقات بين القاهرة والرياض.

 

القضايا العربية

  

تأتي القمة في وقت يكشف بوضوح استمرار تراجع دورها في معالجة القضايا العربية خاصة في السنوات الأخيرة، بسبب الأزمات السياسية الطاحنة في عدد من البلدان العربية وظهور عوامل جديدة حددت بشكل أكبر  قدرة الجامعة على التحرك الفعال بسحب مراقبين.

ويرى مراقبون أن ثقة الشارع العربي تبخرت في القمم العربية والتي عادة تعقد من دون أن تنجح في إحداث أي تغيّر نوعي في الأوضاع العربية، كما أن أوساطًا شعبية واسعة في العالم العربي لم تعد تعلّق آمالاً على قمم المؤتمرات والمحافل الدولية.

 

ومن المتوقع أن يحضر القمة أغلب قادة الدول العربية، فيما يغيب بعضهم لأسباب صحيّة، مع استمرار غياب الرئيس السوري بشار الأسد بسبب القرار العربي بتعليق عضوية سوريا في الجامعة، ولذلك سيكون مقعد سوريا شاغرًا بسبب عدم الاتفاق العربي على إشغال ممثلي المعارضة هذا المقعد.

 

وكانت الجامعة العربية علقت عضوية سوريا فيها عام 2011، إثر اندلاع الأزمة، وقالت الجامعة حينها إنّ العضوية ستبقى معلقة لحين التزام دمشق بجميع تعهداتها الخاصة بخطة العمل العربية لحل الأزمة.

 

آلية شكلية

 

بهاء الدين عياد الباحث في العلاقات الدولية وشؤون الأمن القومي قال إنّ مؤتمرات القمة العربية أصبحت آلية شكلية للتعبير عن المواقف الجماعية العربية من القضايا غير المختلف بشأنها، في إشارة لما يسمى بالبنود الثابتة على جدول أعمال القمة العربية كالقضية الفلسطينية والموقف من الإرهاب وغيرها.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أنه لم تتبلور بعد إرادة سياسية وتعاقدية لتوظيف مؤتمرات القمة في تحقيق نتائج ملموسة يشعر بها ويتفاعل معها الشارع العربي. وتابع أن هناك حالة عزوف من الشارع العربي عن متابعة نشاط الجامعة العربية والعمل المشترك، ربما باستثناء قمة شرم الشيخ التي استضافتها مصر عام 2015 حيث استغلتها السعودية كغطاء لدعم عملية التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن او "عاصفة الحزم" وكذلك اقتراح مصر لمشروع القوة العربية المشتركة، معتبرا أن كلا المبادرتين لم يحققا النتائج الملموسة.

 

وأوضح أن الأمين العام لجماعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، كثيراً ما أعرب عن أسفه لغياب اهتمام الشارع العربي بعمل المنظمة التي يتولى مسؤوليتها، وهو يبذل جهود لإحياء دور المنظمة وتفعيله ولكن ذلك يصطدم بغياب الاتفاق بين الدول الأعضاء.

 

الإرادة غير موجودة

 

وفيما يتعلق بالقمة العربية في عمان التي تنطلق اجتماعاتها على مستوى القادة، الأربعاء المقبل، اعتبر "عياد" أن المملكة الأردنية الهاشمية أحسنت إعدادها من الناحية التنظيمية، بصورة لافتة، وضمنت من خلال اتصالاتها وتحركاتها المتواصلة، حضورا عربيا استثنائيا، لاسيما في ظل أهمية الظروف التي تنعقد فيها القمة وسيما بالتزامن مع وصول رئيس جديد للبيت الأبيض.

 

لكن عياد أكد أن الإعداد الجيد والمشاركة المميزة ليست مؤشرات كافية لتوقع نجاح القمة في أحداث فرق على الساحة العربية، إلا إذا هبطنا بسقف المأمول واعتبرنا أن مجرد اجتماع الزعماء العرب وحضور معظمهم للقمة والتقاط الصورة الجماعية للقمة والخروج ببيان ختامي أو إعلان مشترك يمثل انجازاً.

 

وأشار عياد إلى أن القمة تمثل أيضا فرصة للقاء بين القادة العرب وزيادة التفاهم في القضايا ذات الاهتمام المشترك أو حل الخلافات الثنائية إذا توفرت الإرادة لذلك، ولكنه قلل من أهمية التفاؤل بهذا الدور الذي يمكن أن تلعبه القمة العربية، لاسيما أن الدول الأعضاء تفضل مناقشة خلافاتها على المستوى الثنائي وداخل الغرف المغلقة للأجهزة الدبلوماسية والأمنية والرئاسية.

 

 كما أن مجرد اللقاء الثنائي على هامش القمم لا يضمن حلحلة الخلافات، فأمير قطر تميم بن حمد زار مصر للمشاركة في قمة شرم الشيخ والتقى بالرئيس عبدالفتاح السيسي ولم يحدث تحسن في العلاقات بين البلدين، معتبرا أن لقاء الرئيسين المصري والسوداني على هامش القمة العربية ربما يساهم في مزيد من تلطيف الأجواء بين الجانبين، لكن كل ذلك تحصيل حاصل حيث ساهمت اتصالات وزيري خارجية البلدين وزيارة مدير مكتب البشير للقاهرة في تجاوز أزمة التصعيد الاعلامي بالفعل.

 

وأكد "عياد" أن فاعلية المنظمات مثل الجامعة العربية تتعلق بمدى السلطة والصلاحيات التي تفوضها وتخولها الدول للمنظمة، مما يترتب عليه حصول المنظمة على قدر من السيادة لإنفاذ قراراتها على الدول الأعضاء، كالاتحاد الأوروبي، أما الجامعة العربية فهي مجرد انعكاس لإرادات أعضاءها التي كما نعلم بينها الكثير من التباينات والخلافات.

 

انقسامات عربية

 

من جانبه قال المحلل السياسي الليبي سعد مفتاح العكر، إنه في ظل الانقاسمات العربية لا يعتقد بأن القمة العربية في عمان ستحقق أي نتائج يطمح لها كل مواطن عربي، لافتاً أن عدم الاستقرار بعد ثورات الربيع العربي هو الذي كشف عدم جدوى الجامعة العربية.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن جامعة الدول العربية منذ تأسيسها لم تحقق أي نتيجة أو هدف من الأهداف التي أنشئت من أجلها، واليوم مع ما وصل إليه حال المنطقة بالكامل من تشرذم وإرهاب وعدم استقرار لن تستطيع القمم العربية تحقيق طموح الشعوب.

 

وطالب العكر من قادة الدول العربية تصحيح ما وقعوا فيه عام 2011 وسماحهم للغرب بالتدخل في شؤون الدول العربية، وهذا العمل يخالف تماما ميثاق الجامعة، وميثاق الأمم المتحدة، فالمنتظر على الأقل أن يكون هناك استنكار لمثل هذه التدخلات، وأن توضع خارطة طريق يتم العمل من خلالها على إصلاح ما أفسده الربيع العربي.

مقالات متعلقة