بعد اتفاق دولفينز .. صفقات الغاز بين مصر وإسرائيل

على الرغم من تأكيد وزارة البترول على أنها ليست طرفًا في اتفاقية الغاز المبرمة مع الجانب «الإسرائيلي»، إلاّ أن الوزارة حددت ثلاثة شروط أساسية للموافقة على استيراد الغاز من أى جهة خارجية أهمها موافقة الحكومة على الاستيراد.

 

صباح الأحد 26 مارس، وصل وفد من مجموعة «تمار» الإسرائيلية لحقول الغاز الطبيعي، إلى القاهرة، في زيارة يلتقي خلالها مسؤولين بشركة (دولفينز) المصرية الخاصة للغاز الطبيعي، لاستكمال مباحثات تصدير الغاز الإسرائيلي.

 

بحسب «الأناضول»، قال مصدر أمني في مطار القاهرة الدولي كان في استقبال الوفد، إن «الوفد يضم 3 من كبار مسؤولي شركة تمار»، وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه ، أن «الوفد سيلتقي خلال زيارته قيادات شركة (دولفينز) لاستكمال المباحثات بشأن التوصل إلى اتفاق تصدير الغاز من الحقول الإسرائيلية خلال الشهور المقبلة».

 

وكشفت وسائل إعلام غربية أن مجموعة شركات «تمار» الإسرائيلية أبرمت أكبر صفقة لتصدير الغاز الطبيعي لمصر من خلال شراكة بين الحكومتين تمتد لـ 15 عامًا، حيث ستصدر لمصر خمس حجم المخزون الاستراتيجي للغاز من حقلها المقدر 60 مليار متر مكعب، نظير تحمل مصر قيمة الصفقة التي تقدر بقرابة 20 مليار دولار يتم تسديدها على مدى عمر المشروع بين إسرائيل ومصر.

 

صلاح حافظ، الخبير البترولي ونائب رئيس هيئة البترول سابقًا، قال إن الاتفاق بين شركات الغاز الإسرائيلية والمصرية هو الأرخص بسبب استخدام خطوط الغاز القائمة بالفعل، منذ أن كانت مصر تُصدر الغاز لإسرائيل، لذلك فإن الاتفاق مُربح نوعا ما لهذه الشركات، وبالتأكيد ستستفاد الحكومة بشكل أو بآخر من هذا الاتفاق.

 

وأضاف «حافظ» في تصريحات لـ«مصر العربية»، أن مصر أصبحت دولة مستوردة للغاز بعد أن كانت دولة مصدرة، بسبب ثبات سعر الغاز منذ 2010، ولم تستطع مصر إبرام أي اتفاقيات جديدة بسبب هروب المستثمرين وتفجير خط الغاز لعدة مرات بعد 2011، وأيضًا ارتفعت قيمة الاستهلاك.

 

وكانت مصر قد وقعت اتفاقًا في 2005 لتصدير الغاز لإسرائيل وبدأت التصدير فعليا في عام 2008 بقيمة 2.5 مليار دولار، وطيلة فترة التوريد التي أوقفت في مايو 2012، كانت إسرائيل تعتمد على الغاز المصري في إنتاج 40% من الكهرباء.

 

وتراوح سعر المليون وحدة حرارية بين 70 سنتاً و1.5 دولار، كما حصلت شركة الغاز المسؤولة عن التصدير، على إعفاء ضريبي من 2005 إلى 2008، وقدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية خسارة مصر من تصدير الغاز لإسرائيل بنحو 10 مليارات دولار، في حين قدرها السفير إبراهيم يسري، بنحو 45 مليار دولار.

 

وفي 27 فبراير 2010، أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها بوقف بيع الغاز لإسرائيل، كما قضت محكمة الجنايات، في يونيو 2012، بمعاقبة وزير البترول المصري الأسبق سامح فهمي بالسجن المشدد لمدة 15 عامًا، مع عزله من وظيفته في قضية تصدير الغاز لإسرائيل وهدر المال العام، ومن ثم حكم عليه بالبراءة في أكتوبر الماضي.

 

وعاقبت المحكمة "غيابيًا" رجل الأعمال الهارب حسين سالم بذات الحكم، مع معاقبة عدد آخر من المسؤولين وتغريم المتهمين جميعاً مبلغ 2.3 مليار دولار تقريبا وألزمتهم بردّ مبلغ 500 مليون دولار.

 

غير أنه وبعد ثورة يناير 2011، توالت تفجيرات خط الغاز حيث وصلت إلى نحو 30 مرة طوال خمس سنوات، فقررت الحكومة السير في اتجاه آخر حيث أعلن وزير المالية المصري سمير رضوان، عزم حكومة بلاده مراجعة البحث في عقود تصدير الغاز إلى إسرائيل، إثر قيام القاهرة بمراجعة عقود تصدير الغاز مع كل من الأردن وإسبانيا.

 

وتكرر الأمر بصورة أكثر جدية حيث تقدم رئيس الوزراء المصري، عصام شرف في أبريل من العام 2011 بطلب لإعادة دراسة عقود الغاز التي أبرمتها مصر مع جميع الدول، بما فيها الأردن وإسرائيل، لبيعه بأسعار مجزية تحقق أعلى فائدة لمصر وبعدها توقف ضخ الغاز لإسرائيل.

 

إسرائيل بدورها هددت مصر في 31 مايو 2011، ببدء عملية تحكيم دولي ضد الحكومة المصرية بعد توقف صادرات الغاز الطبيعي، وفي 28 أغسطس من نفس العام أعلن وزير الطاقة الأردني أن بلاده ستوقع اتفاقية مع مصر في سبتمبر 2011 لاستئناف صادرات الغاز المصرية، وأن الاتفاقية الجديدة تتضمن دفع سعر أعلى للغاز، لكنه رفض الكشف عن الأرقام.

 

من جانبه، رأى الدكتور رمضان أبو العلا، نائب رئيس جامعة فاروس، والخبير البترولي، أن الاتفاق بين شركات الغاز المصرية والإسرائيلية يجب أن يواجه برفض حازم من البرلمان والحكومة، وألا تسمح الحكومة بمثل هذه الاتفاقيات تحت أي مبرر.

 

وأضاف في تصريحات لـ«مصر العربية»، أن موافقة الحكومة المصرية على اتفاق الشركات الخاصة المصرية الاسرائيلية، هو اعتراف رسمي من قبَل الحكومة بملكية إسرائيل لحقل «ليفاثيان» المتُنازع عليه بين مصر وإسرائيل.

 

وتابع: «الشركات الخاصة لا تعمل لصالح الحكومة ولا تعمل لصالح الشعب»، مشيرًا إلى أن مصر تعرضت لضغوط من قبَل شركات الغاز الأوروبية والأمريكية لاستيراد الغاز من إسرائيل بعد توقف مصنعي الإسالة «دمياط وإدكو».

 

وأوضح أن مصر كان لديها العديد من البدائل الأخرى، كالاتفاق مع الجزائر مثلًا أو إسبانيا، لكن ما حدث هو التفاف من رجال الأعمال لاستغلال خط أنابيب الغاز الممتد بين مصر وإسرائيل، لتصدير الغاز الإسرائيلي لمصانعهم.

 

وفي مارس 2014 قال الرئيس التنفيذي لشركة «ديليك دريلينغ» التي تملك حصصاً في حقل ليفياثان الإسرائيلي، إن جزءا من الإنتاج قد يصدر إلى مصر، وردت تقارير غير رسمية مصرية بأن حقلي «ليفياثان» و«تمار» موجودان في مناطق بحرية متنازع عليها.

 

وزير البنى التحتية «الإسرائيلي» السابق بنيامين بن أليعازر، كان قد دعا في تصريحات صحفية لموقع «غلوبز» الاقتصادي الإسرائيلي، إلى إعطاء الأولوية لتصدير الغاز الإسرائيلي للدول العربية المجاورة، مع تأكيده على ضرورة أن يتم استخدام محطة تسييل الغاز في مدينة دمياط لهذا الغرض.

 

الخبير البترولي، مدحت يوسف، قال إن الاتفاق تم بموافقة الحكومة المصرية، وتحت إشراف المهندس شريف إسماعيل، مشيرًا إلى أن الشروط التي وضعت لهذا الاتفاق من قِبل الحكومة كانت جيدة جدًا لمصر، خاصة مع إعلان مجلس الوزراء بايقاف أي تعاقدات ما بين القطاع الخاص المصري وأي شركات إسرائيلية، الا بعد التنازل الكامل عن كل قضايا التحكيم المنظورة والمرفوعة من جانب الشركات الإسرائيلية.

 

وأضاف «يوسف» في تصريحات لـ«مصر العربية» شركة «دولفينز» ليس لديهم بدائل خلاف الشركات الإسرائيلية، حيث أن المصالح متبادلة وبالقطع على حساب قطاع البترول، مضيفًا: « لإن الاتفاق السابق إبرامه بين شركة (دولفينز) المصرية (قطاع خاص) وشركة نوبل إنرجي الأمريكية والخاص بحصتها فقط من الغاز الاسرائيلي وذلك من خلال بيع جزء منه للشركة المصرية تمهيدا لبيعه لكبار المستهلكين للغاز الطبيعي من الشركات المصرية وباسعار مميزة شريطة تسييل باقي الحصة لدي شركات الإسالة المصرية وتصدير الغاز مسالأ لحساب شركة نوبل إنرجي للخارج».

 

وكان المهندس، شريف إسماعيل وزير البترول السابق، قد استبعد في سبتمبر 2015، أن يؤثر كشف الغاز على مفاوضات تجريها شركات القطاع الخاص لاستيراد الغاز من منتجين في المنطقة مثل إسرائيل وقبرص، وفي نفس الشهر قال وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، إن شركة «غازبروم» الروسية ستقوم بتزويد مصر بنحو مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا خلال الأعوام الخمسة المقبلة وهو ما أكدته وزارة البترول المصرية.

 

وكان وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، قد صرّح في 24 ديسمبر 2015، إنه سيكون بمقدور إسرائيل بيع خمسة مليارات متر مكعب من الغاز إلى مصر في الأعوام السبعة المقبلة من حقل تمار وذلك بعد أن استقبلت الحكومة المصرية وفدًا رسميًا من إسرائيل للتباحث حول التعويض وإمكانية استيراد الغاز من إسرائيل.

 

وكالة «بلومبيرغ»، كانت قد أكدت أن إسرائيل وافقت على قبول نصف مبلغ الغرامة المستحقة البالغة 1.73 مليار دولار، سيوزع على أقساط لمدة 14 عاماً وفي 21 سبتمبر 2016 وصل وفد إسرائيلي إلى القاهرة، لاستئناف مفاوضات استيراد الغاز.

مقالات متعلقة