"مول مصر يُدخل رياضة التزلج لـ إفريقيا".. هكذا عنونت شبكة "بلومبرج" الإخبارية الأمريكية تقريرًا سلطت فيه الضوء على تدشين "مول مصر" في العاصمة المصرية القاهرة، والذي يتميز باحتوائه على أول مدينة للتزلج على الجليد في البلد العربي الواقع شمالي إفريقيا بجانب 21 دور عرض سينمائي ومتاجر لبيع السلع الكمالية.
واعتبرت الشبكة أن ذلك يعكس تنامي ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري، لاسيما عقب تدابير التقشف الصارمة التي اتخذتها الحكومة في الشهور الأخيرة.
وذكر التقرير أن افتتاح "مول مصر" – أكبر مركز تسوق في البلد العربي الواقع شمالي إفريقيا- جاء بعد تراجع مستويات الإنفاق من جانب الأسر جراء انخفاض قيمة العملة المحلية بنسبة 50% في أعقاب تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأخرى في الـ 3 من نوفمبر الماضي لمواجهة أزمة نقص العملة الأجنبية.
وأضاف التقرير أنه وبدلاً من أن تتخذ الشركات الكبرى قرارًا بالانتظار وترقب ما سيجري في السوق المصري، راهنت كيانات أخرى، مثل "ماجد الفطيم"، مطور العقارات الإماراتي ومؤسس "مول مصر" على المستهلكين في البلد الأكبر تعدادًا للسكان في العالم العربي.
وتحدث آلان بيجاني، الرئيس التنفيذي لـ "ماجد الفطيم" ومقرها في دبي في حديثه مع "بلومبرج" بقوله: "لست قلقًا على الإطلاق من انخفاض الدخول المتاحة للتصرف للمواطنين؛ لأن مصر لديها، منذ سنوات، اقتصاد رسمي."
وأضاف بيجاني:" الوضع الراهن بدا إيجابيًا، قياسًا بما كانت عليه الأمور في السابق."
وأشار بيجاني إلى أن مجموعته التي يطرح "مول الإمارات" المملوك لها أيضًا في البلد الخليجي مدينة للتزلج الداخلي، ستضخ استثمارات قدرها 600 مليون دولار لبناء مول ضخم آخر في القاهرة.
وأضاف أن الإجراءات الاقتصادية الصعبة التي اتخذتها الحكومة مؤخرًا، وعلى رأسها تحرير سعر صرف الجنيه، تسير في الطريق الصحيح، وستؤتي ثمارها على الاقتصاد بدءًا من العام الجاري، مشيرًا إلى أن الاقتصاد المصري بدأ بالفعل يظهر بعض العلامات الإيجابية بفضل هذه الإجراءات.
وتبلغ كلفة المشروع الكائن بمدينة السادس من أكتوبر- إحدى مناطق العاصمة التي شهدت نموًا سريعًا في السنوات الأخيرة وتضم المقار الخاصة بمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين- 6.3 مليار جنيه مصري (399 مليون دولار).
ويضم "مول مصر" مجموعة فريدة من الأنشطة الترفيهية غير المسبوقة بمصر مثل "سكي مصر" ، والذي تم بناؤه على غرار "سكي دبي" وتصل أعلى درجة حرارة به إلى 3 تحت صفر . كما يضم سينما فوكس، كارفور، وهايبر ماركت، المستكشفون الصغار، ماجيك بلانينت ومجموعة متنوعة من أفضل المطاعم والكافيهات الموجودة بمصر، كما يحتوي المول على ساحة كبرى لانتظار السيارات تتسع إلى 6500 سيارة .
مطور العقارات الإماراتي لم يكن الوحيد المستثمر بمصر في تلك الظروف الاقتصادية العصيبة، لكن زاحمه أيضًا شركات تجزئة، مثل "نستله" السويسرية و"بي آي إم" التركية التي قررت أيضًا توسبع عملياتها في مصر، ناهيك عن مجموعة "فواز الحكير " العقارية السعودية وصاحبة "مول العرب" الذي يقع على بُعد كيلومترات قليلة من "مول مصر" والتي تخطط لاستثمار 8 مليارات جنيه مصري (441 مليون دولار) لبناء ثلاثة مراكز تسوق خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
وقال ياسر عبد الملاك، الرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "نستله": "في تقديري أن مصر ستستمر في كونها محركًا قويًا للنمو للشركات متعددة الجنسيات والمحلية أيضا."
وأردف عبد الملاك في تصريحات لـ "بلومبرج": "تخطط نستله لضخ استثمارات بقيمة مليار جنيه مصري لتوسيع عملياتها، حيث توفر البلد العربي فرصة كبيرة للشركات لتحقيق نمو هائل."
لكن لا يزال، وفقا للتقرير، ثمة مخاطر كبيرة تتمثل في ارتفاع مستويات التضخم في مصر إلى أعلى مستوياتها في ثلاثة عقود وذلك في أعقاب قرار الحكومة تعويم الجنيه من أجل تأمين حصولها على قرض صندوق النقد الدولي البالغ قيمته 12 مليار دولار، ما يزيد المخاوف من إمكانية أن تتسبب الإصلاحات الاقتصادية في حصول اضطرابات اجتماعية في بلد أطاح برئيسين منذ العام 2011.
وفي هذا الصدد، قال محمد زين، المحلل في مؤسسة "رينيسانس كابيتال" لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا:" الخطر الأكبر الذي كانت تواجهه مصر خلال الأعوام القليلة الماضية كان يتمثل في التعويم المحتمل للعملة، لم يعد هناك خطر."
وتابع زين في تصريحات هاتفية لـ "بلومبرج":" ينبغي أن يشجع ذلك المستثمرين الأجانب على العودة مجددًا."
كانت القاهرة، ومع تضاؤل احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، قد اضطرت للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد، وأقدمت مصر في المقابل على خفض سعر عملتها المحلية التي فقدت حوالي نصف قيمتها، في إطار حزمة الإصلاحات الاقتصادية.
وشهد الجنيه المصري تعافيًا ولو قليلًا منذ ذلك الحين، لكن سجل صافي التضخم قرابة 30% في يناير الماضي في أعقاب ارتفاع أسعار الواردات على خلفية تحرير سعر الجنيه أمام العملات الأخرى.
ومع تراجع قيمة الجنيه، ارتفعت معدلات التضخم وقلّ الدعم الحكومي، وانهارت القوة الشرائية للعملة المصرية. وعلاوة على ذلك، تناقص العديد من المواد الغذائية والسلع المستوردة في السوق المحلي، مثل السكر وألبان الأطفال.
ويعيش أكثر من 27% من المصريين تحت خط الفقر، ويتخوف المحللون من أن تتزايد هذه النسبة حال لم يتعافَ الاقتصاد بوتيرة سريعة.
لمطالعة النص الأصلي