بموافقة 24 نائبا برلمانيا واعتراض 14 أقرت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، بمجلس النواب عصر اليوم الإثنين، قانون اختيار وتعيين رؤساء الهيئات القضائية، المقدم من النائب أحمد حلمي الشريف، وكيل اللجنة، بعد إدخال بعض التعديلات عليه بالرغم من اعتراضات القضاة وتمسكهم بمبدأ الأٌقدمية.
ورغم إدخال بعض التعديلات على القانون الذي أقرته اللجنة إلا أن قضاة رفضوا تدخل رئيس الجمهورية في الاختيار معتبرين ذلك تدخلا في شئون السلطة القضائية، واخلال بمبدأ الأقدمية المتعارف عليه، بينما أيده خبير دستوري، لكن بشروط.
وجاءت التعديلات بأن تختار كل هيئة قضائية سواء المجلس الأعلى للقضاء، أو النيابة الإدارية، أو مجلس الدولة، أو هيئة قضايا الدولة، ثلاثة مرشحين من بين أقدم سبعة أعضاء وترفعهم لرئيس الجمهورية ليختار من بينهم رئيس للهيئة، لمدة 4 سنوات أو المدة الباقية، حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب ولمرة واحدة طوال مدة عمله.
وكان المشروع السابق يتضمن أن يتم التعيين من قبل رئيس الجمهورية من بين 3 نواب يرشحهم المجلس الأعلى بكل جهة قضائية، إلا أن القضاة اعترضوا على ذلك متمسكين بتطبيق مبدأ الأقدمية فى التعيين.
في البداية قال المستشار أحمد مكي، وزير العدل الأسبق، والقيادي بتيار استقلال القضاء، إن فكرة توسيع العدد ليكون الاختيار من بين سبعة قضاة بدلا من ثلاثة، لم يدخل جديدا بل الأمر نفسه مازال قائما في يد رئيس الجمهورية، باختيار من يريده، ولا يحقق أي مطلب مما رفعه القضاة، تحقيقا لمبدأ استقلال سلطاتهم، وعدم تحكم السلطة التنفيذية فيها.
وأضاف مكي لـ"مصر العربية"، أن الأصل ألا يتدخل رئيس الجمهورية في الأمر، وأن يختار كل مجلس قضائي رئيسه بحسب الأقدمية كما هو متعارف عليه.
وأوضح أن التعديلات لا تتعلق بالسلطة القضائية، فلا يمكن القول بأن العلاقة بين السلطتين التنفيذية والقضائية تحولت من الحميمة للصدام، فالأمر هنا متعلق بطموحات السلطة التنفيذية للسيطرة على جميع الهيئات سواء القضائية أو الرقابية، مشيرا إلى أنه لن يبقى إلا تعيين رئيس الجمهورية لأعضاء البرلمان.
وذهب إلى أن القضاة في العموم يجنحون دائما للاستقلالية، ويرفضون التدخل في شئونهم، لكن السلطة السياسية في كل العصور كانت تسعى للسيطرة وكل حاكم يرغب دائما في خضوع الجميع له.
واتفق معه المستشار محمد حامد الجمل، نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، في رفض القانون حتى بعد التعديلات، مؤكدا أنه بالصيغة الحالية لن يحقق ما سار عليه العرف القضائي، ويخل بمبدأ استقلال القضاة.
وقال الجمل لـ"مصر العربية"، إن الدستور ألزم مجلس النواب بأخذ رأي الهيئات القضائية في القوانين المتعلقة بها، منوها إلى أنه رغم عدم النص على أن رأيها ملزم إلا أن العرف جرى بأن رأي الهيئات القضائية يأخذ به ولا يتم تجاهله وإلا كان القانون غير دستوري.
وتوقع رفض الهيئات القضائية للقانون لمخالفته ما يطالبون به، مشيرا إلى أن المتعارف عليه هو تعيين رؤساء المحاكم من قبل المجالس القضائية دون تدخل رئيس الجمهورية إلا بالتصديق فقط على ما يختاره المجلس.
في المقابل، قال صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة، وعضو لجنة الإصلاح التشريعي، إنه لابد من عرض القانون مرة أخرى على القضاة طالما أدخلت تعديلات عليه.
وأضاف فوزي لـ"مصر العربية"، أنه وفقا للفقرة الأخيرة بالمادة 185 من الدستور فإنه يشترط أخذ رأي الهيئات القضائية في القوانين المتعلقة بها، مشيرا إلى أن رأي الهيئات القضائية دائما يكون مدعما بالحجج القانونية والدستورية، وبالتالي أي رأي مخالف لها يجب أن تكون حجته أقوى.
ولفت إلى أن القاعدة السابقة تدرج ضمن القواعد الإجرائية، مشيرا إلى أنه من حيث المضمون فإن موضوع تحديد رؤساء الهيئات القضائية مسكوت عنه بالدستور، والأمر متروك للقانون وبيد المشرع، إلا أن المادة 193 من الدستور حددت طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية بالاختيار من بين ثلاثة أعضاء تختارهم الجمعية العمومية للمحكمة، مشيرا إلى أنه يجب أن يسير الأمر بنفس المنوال ﻷن اختيار الرئيس هنا سيكون تعبيرا عما اختارته الهيئات القضائية.
وبحسب فوزي، يمكن استدعاء النصوص المنظمة لعملية اختيار رئيس المحكمة الدستورية العليا وإقرارها على مجلس الدولة، والنيابة الإدارية ومحكمة النقض، وهيئة قضايا الدولة.
وأوضح أن ذلك سيحقق مزيد من الاستقلال للسلطة القضائية، بتحقيق مبدأ الأقدمية، وإقرار ديمقراطية الاختيار التي تقرها الهيئات القضائية.
يشار إلى أن مجلس القضاء الأعلى، أعلن في 12 مارس الجاري رفضه لمشروع قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية قبل إدخال تعديلات الأخيرة، مؤكدا أن القضاة متمسكون بطريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية الواردة في قانون السلطة القضائية الحالي، والتي تنص على مبدأ الأقدمية في الاختيار.
ومن قبله رفض مجلس الدولة، نفس المشروع وأرسل خطابا رسميا بالرفض إلى مجلس النواب.