أصبحت قوات "سوريا الديموقراطية" أحد أهم الأرقام في المعادلة السورية، لاعتماد الولايات المتحدة عليها في عملية استئصال تنظيم داعش من معقله في مدينة الرقة من جانب، وصدام تركيا بهم من جانب آخر، بعدما تدخلت في سوريا بعملية "درع الفرات" أغسطس الماضي.
الآن وبعد أن نجحت قوات سوريا الديموقراطية في السيطرة بالكامل على مطار الطبقة العسكري وهو ما يعد ضربة كبيرة لداعش، فرضت نفسها كقوة مؤثرة بسوريا، ومع ذلك لم تدع لأي مباحثات سياسية سواء في جنيف أو الأستانة لأن غالبيتها من الكرد الذين تعارضهم أنقرة.
ماهي المرحلة المقبلة من حملة "سوريا الديموقراطية" ضد داعش وما صعوباتها؟ وما طبيعة علاقتهم بالنظام؟ وهل يسعون للانفصال عن سوريا؟ وكيف ينظرون لإقصائهم من المفاوضات؟ وما احتمالات الصدام مع تركيا؟
تساؤلات أجاب عنها باستفاضة رياض درار رئيس "مجلس سوريا الديموقراطية" في حوار مع "مصر العربية"
إلى نص الحوار..
حققت قوات سوريا الديموقراطية نتائج ملموسة على الأرض منذ بداية معركتها ضد تنظيم داعش، هل لك أن تطلعنا على ماحدث وصعوبات المرحلة المقبلة؟
نحن على أبواب المرحلة الثالثة من عملية تحرير مدينة الرقة والتي تجري بدعم متزايد لقوات التحالف الدولي وهي تستهدف تحرير الريف الشرقي للمحافظة، بعدما بدأت قوات سورية الديموقراطية وهي تحالف فصائل عربية وكردية سورية في الخامس من نوفمبر الماضي حملة "غضب الفرات" لطرد داعش من الرقة.
وفي العاشر من ديسمبر الماضي، أعلنت بدء "المرحلة الثانية" من حملة غضب الفرات التي تهدف إلى تحرير كامل الريف الغربي من الرقة إضافة إلى عزل المدينة".
وأهم الصعوبات قلة عدد المقاتلين من المكون العربي وهذا ما نعمل على تداركه، بجانب المساحة الواسعة للمناطق التي تتطلب تحركا مدروسا فالتنظيم لا يحارب بجيوش وإنما عبر فرق خاصة وانتحاريين ومفخخات.
علاوة على بحث كيفية الحفاظ على سلامة المدنيين، والتفكير في إيواء النازحين، بجانب مشكلة نهر الفرات الذي يفصل الشمال عن الجنوب وهو ما يتسبب في حركة مفتوحة للتنظيم في المناطق الجنوبية وحينها يمكنه أن يناور من خلالها ويتلقى الدعم عبرها.
أمريكا اعتمدت على قوات سوريا الديموقراطية في معركة الرقة والآن تركيا تحاول إغراءها من أجل الاعتماد عليهم في طرد داعش .. فهل هذا ممكن؟
لا يرحب الطرف التركي بمشاركة قوات سوريا الديمقراطية في القتال، ولذلك أعدت قوات باسم "درع الفرات" للتدخل باسمها في سوريا تتبع لقيادة تركيا وترتهن بأمرها، وأعتقد أن ذلك كان ضمن تنسيق مدروس بحيث يسمح لهذه القوات المشاركة في عملية التحرير ضمن التحالف دون تدخل قوات على الأرض، فتدخل القوات التركية على الأرض السورية مرفوض ويشكل حساسية إلى درجة وصفه بالاحتلال.
عموما الأمريكان حسموا الأمر بالاعتماد على قوات سوريا الديمقراطية دون غيرها.
هناك اتهامات مستمرة لكم بالسعي لاقتطاع دويلة للأكراد بسوريا على أن يكون مشروع الحكم الذاتي روج أفا مرحلة أولى منها، كيف ترد على ذلك؟
لا أحد يفكر في الانسلاخ عن سوريا ولا تقسيمها، فمجلس سوريا الديمقراطية بفصائله والكرد أكثرية فيه أعلن تمسكه بوحدة سوريا أرضًا وشعبًا، ولكن مشروع الإدارات الذاتية وتقرير الفدرالية هو سعي لإدارة لامركزية تعطي المناطق صلاحيات واسعة مع بقاء السلطات السيادية بيد المركز كالجيش والخارجية والمالية.
إن السوريين بحاجة لتغيير الذهنية؛ فهم مازالوا يفكرون من داخل صندوق الدولة القومية الإقطاعية التي أدارها تنظيمات مثل حزب البعث ورسخ مفاهيمها في لاشعور الأفراد عبر مناهجه لسنين طويلة.
نحتاج لإعادة مفهوم المواطنة الحقة وترسيخها في نصوص دستورية تقبل الاعتراف بالآخر وتعيش التنوع المجتمعي دون حساسيات ولا خوف، وتطبيق الإدارات الذاتية هو تنفيذ للتجربة في غياب الدولة ضمن ظروف الحرب، ونجاحها يعطي مزيدًا من الثقة بالمستقبل حين تطبيقها في كل سوريا.
الكثيرون يخشون من صدام كردي تركي كبير في سوريا .. هل ترجح حدوث ذلك؟
الأتراك يتخوفون من قيام حكومة كردية على حدودهم تشجع الكرد في تركيا على إدارة مماثلة، فالمركزية الشديدة في تركيا ترفض أي تصور لهذا النموذج لذلك تسعى لإيجاد المبررات لمنع أي تمدد كردي وتسعى لإفشال أي مشروع إدارة ذاتية، وهذ سبب سكوتها على وجود تنظيمات تصنف في دائرة التطرف والإرهاب وقد كان داعش على حدودها لفترة طويلة دون أن تفكر في محاربتها.
وكان عناصر داعش يدخلون ويخرجون من الحدود دون أن ملاحقة، الآن وقد بدأ تطهير المناطق من داعش صارت تسعى للتدخل وتهدد بقصف المناطق المحررة، الأولى بتركيا أن تتفاهم مع المحررين من السوريين لا أن تصنع فصائل عرقية بغاية مواجهة السوريين ببعضهم، هذا إثم لا يغتفر ويمكن أن تتلقى ردا مناسبا إذا تطور.
يقال إن قوات سوريا الديموقراطية كردية خالصة والعرب والقوميات الأخرى بها مجرد غلاف .. ما صحة ذلك؟
هناك تقصير عربي بإدراك أهمية التحالف الكردي العربي، إن من لا يريد لسوريا أن تتقسم عليه أن يبادر لاحتضان الكرد في الحل السياسي والعسكري وليس استبعادهم عن جنيف، ويكال لهم الاتهامات التي لا تدل إلا على استمرار العقلية العنصرية والفوقية التي تربوا عليها في مؤسساتهم القومية وادعاءات الوطنية الكاذبة .
الوطنية الحقة تقبل كل المكونات على درجة المساواة وليس فيها أهل ذمة وليس فيها أقليات، وتجربة مجلس سوريا الديمقراطية جاءت بمبادرة من أهلنا الكرد لتدل على التمسك بالإخاء العربي الكردي الآشوري التركماني وبقية المكونات دون تمييز، وهذا عمل استراتيجي يقوم على نظرية سياسية "إخاء الشعوب ضمن الأمة الديمقراطية" من أجل بناء دولة حديثة ديمقراطية تعددية.
دائما يتم اتهامكم بالتعامل والتنسيق مع حزب العمال الكردستاني، هل تنفي هذه الادعاءات؟
هذه اتهامات غايتها إفراغ النجاحات التي تتحقق سواء في تحرير الأرض أو في استقرار المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية، تجربة مجلس سوريا الديموقراطية سورية لا علاقة لها بأي طرف خارج سوريا وكل من يشارك بها هم من السوريين.
ما موقفكم من النظام السوري.. وهل هناك أي تنسيق بينكم وبينه؟
لا يوجد تنسيق إلا ما تفرضه الوقائع على الأرض من تغيير في الخطط العسكرية، والموقف المنهجي هو أن هذا النظام معاق في بنيته وتركيبته ويحتاج إلى تغيير ولكن طريقنا لا يعتمد التغيير المسلح وإنما تغيير الذهنية الجماهيرية وإسقاطه عبر وسائل سياسية .
كيف تنظر لاستثناء الأكراد من مباحثات الأستانة ومفاوضات جنيف؟
ليس المستبعدون هم الكرد وحدهم بل من لا يتفق على منهج المعارضة الممثلة بالائتلاف السوري والهيئة العليا للتفاوض، وهذه تتبع أجندات غير سورية.
وجودنا كمعارضة فيها الكرد ضمن مجلس سوريا الديمقراطية وقواتها المقاتلة سيكون لها الحضور المناسب في الوقت المناسب .
ما هي توقعاتك للأزمة السورية في الفترة المقبلة؟ وهل لديك تفاؤل بمفاوضات جنيف 5 ؟
لن تستطيع أي جولة من جنيف تحقيق شيء مادامت المعارضة غير موحدة وتتنافس على المناصب وعلى الأدوار فيما بينها، كل ما يجري حتى الآن هو استنزاف في الوقت والجهد والدم، وعملية استدراج للقوى والفصائل للوصول إلى قناعات كاملة بضرورة الحل السياسي، وهذا سيحصل بعد أن تنهك الفصائل وتتفاهم الدول المؤثرة على رسم الحل النهائي لأنه سيفرض على السوريين حلا ما داموا منقسمين ومتناحرين ولا رأس لهم يوجههم ويقود مسارهم.
ما رأيك بالمسودة التي طرحتها روسيا لتكون مشروع دستور لسوريا؟
تمت قراءة المشروع الروسي والتعليق على ما فيه من نقاط سلبية وذلك في ما يتعلق بتضارب صلاحيات الغرفتين" جمعية الشعب" و"جمعية المناطق " ورأى البعض أن جمعية المناطق تعطي شرعية للتقسيم وامتدحوا نزع صلاحيات الرئيس لصالح الجمعيتين ورئيس الوزراء ولم يتوقف المشاركون عند كون المشروع من روسيا لأنهم اعتبروه مقترحا قابلا للمناقشة وأن السوريين هم من يقررون ما يصلح لدستورهم.
تتواتر معلومات تارة أن علاقتكم بإقليم كردستان العراق متوترة وأخرى متعاونة.. فماهي حقيقة علاقتكم بالإقليم؟
إقليم كردستان العراق هم أخوة لنا استطاعوا رسم طريقهم عبر تضحيات جسيمة ونحن كسوريين نرسم طريقنا دون تدخل من أحد ودون أن نتدخل في مسيرة أحد.