تترقب دول مجلس التعاون الخليجي خطاب الرئيس اللبناني ميشال عون في القمة العربية التي ستنعقد في الأردن الأسبوع الجاري، لمعرفة موقف لبنان من البند المتعلق بإدانة التدخلات الإيرانية في الدول العربية، لتقرر ما إذا كانت ستواصل تحسين العلاقات أم ستجمد انفتاحها الذي وعدت به عون بعد زيارته الأخيرة للسعودية.
ويستضيف الأردن القمة العربية المزمع عقدها غداً الأربعاء 29 مارس، وسط إجراءات أمنية مشددة، بعد اعتذار اليمن عن تنظيمها منتصف أكتوبر الماضي، "نظرا للأوضاع الميدانية والسياسية" في البلاد.
وبدأت أمس الاثنين بالبحر الميت بالأردن اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية على مستوى الوزراء تحضيرا لانعقاد الدورة الـ28 للقمة العربية المقررة بعد غد الأربعاء.
ملفات القمة
وتبدأ الاجتماعات بجلسة بروتوكولية يتسلم فيها الأردن رئاسة القمة من موريتانيا، ويلقي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط كلمة، وذلك قبل البدء بجلسة موسعة لبحث القضايا المطروحة.
وستبحث القمة 17 بندا تتناول مجمل القضايا العربية وعلى رأسها "التطورات السياسية للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي وتفعيل مبادرة السلام العربية"، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع في القدس وملف الاستيطان.
كما ستبحث التدخل الإيراني في المنطقة العربية سواء في سوريا والعراق واليمن، فضلاً عن هيمنتها على لبنان من خلال حزب الله اللبناني الذي يعتبر من أكبر القوى العسكرية في لبنان.
قبلة لبنان
وتعمل إيران عبر ميليشيات طائفية موالية لها على زعزعة استقرار دول عربية، وتسهم في إطالة أمد الحرب السورية، كما تحتل ثلاث جزر إماراتية منذ أكثر من 3 عقود، بحسب مراقبين.
بدوره قال الباحث المتخصص في العلاقات الدولية أنس القصاص، إن العلاقات بين لبنان ودول الخليج لم تضح بعد، على الرغم من زيارة الرئيس اللبناني للرياض في أول زيارة له بعد توليه الرئاسة، لافتاً أن عون جاء رئيس بتنسيقات وترتيبيات إيرانية وسعودية.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية " أن الحريري كان حلقة الوصل بين الرياض ولبنان في الفترة الأخيرة حتى حدث توافق على عون، لكن الذي يقول أن هناك تحسن في العلاقات السياسية بين البلدين هو مدى الدعم المادي المقدم من السعودية للبنان لأن لبنان لديه التزامات مالية لابد أن يجد من يدعمها حتى لوكانت إيران.
وأوضح أن الخطاب الذي سيلقيه عون في القمة العربية المرتقبة ربما سيحدد قبلة لبنان في المرحلة المقبلة، فإذا ما رأينا إدانة واضحة من عون لتدحلات إيران التوسعية في المنطقة العربية نستطيع القول وقتها أن الرياض قدمت وعود قوية بالدعم المالي للبنان وإذا حدث في الخطاب العكس سيكون الأمر أصبح بشكل واضحاً.
توازنات ضرورية
بدوره قال الدكتور مختار غباشي ـ نائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية، إن رسالة عون في خطابه بالقمة لن تصل لمرحلة الصراحة المطلقة التي تدفعه بإدانة طهران في ظل هيمنتها على مكون كبير وقوي في إيران كحزب الله الذي دعم عون في انتخابات الرئاسة.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن الرئيس اللبناني سيراعي ضرورة التوازنات خلال حديثه وذلك لأنه لا يريد أن يخسر أي طرف من الأطراف الخارجية التي لديها مصالح مع لبنان.
وأوضح أن زيارة الحريري للقاهرة كانت مؤشر جيد على تحسن السياسيات الخارجية للبنان، مؤكداً أن هذه الزيارة ربما كان الهدف منها تدخل مصر في حين حدوث أي خلاف بين الداعمين للبنان في أي وقت.
وتوقع غباشي أن خطاب عون لن يحمل أي هجوم على أي طرف لكنه ربما يؤكد على أن لبنان قطعة من الوطن العربي، ويرفض هو بشكل عام تدخل أي قوى خارجية في شؤونه أو شؤون أي دولة عربية أخرى دون ذكر إيران.
وكان "عون" انحاز مؤخرًا إلى جانب "حزب الله"، زاعمًا أن سلاحه -غير الشرعي- ضروري لحفظ الأمن في لبنان، ولمواجهة العدو الإسرائيلي في ظل ما اعتبره ضعفًا للجيش اللبناني. وعلى خلفية موقف الرئيس اللبناني، عاقبت المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات حكومة بيروت بالامتناع، ولأول مرة، عن الموافقة على بند التضامن مع لبنان خلال الاجتماع التمهيدي لمجلس جامعة الدول العربية الأخير في القاهرة. ومع الاهتمام "الدولي - العربي" بخطاب "عون"، سَرَّبت مصادر قريبة من الرئاسة اللبنانية معلومات بشأن ملامح كلمة الرئيس اللبناني، مؤكدةً أن الخطاب سيتسم بالهدوء والتوازن، ولن يكون في وارد الدخول في "معركة" مجانية مع أحد.