تونس تبحث عن دعم عربي لمبادرتها الليبية في قمة البحر الميت

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي

يشارك الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، غداً الأربعاء، في القمة العربية بمنطقة البحر الميت في الأردن، حاملا معه مبادرته لحل الأزمة الليبية، المدعومة مصريا وجزائريا، على أمل الخروج بدعم عربي، يعطيها زخما أكبر.

 

فالسبسي، سيكون محمّلا بملفات عدة يتصدّرها "مبادرة تونس لدعم التسوية الشاملة وإيجاد حل للأزمة اللّيبية"، وفق ما أعلنته الرّئاسة التونسية في وقت سابق.

 

وسبق لتونس أن تقدمت في سبتمبر الماضي (2016)، بمبادرة لحل الأزمة الليبية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى الوزراء المنعقد في القاهرة آنذاك، تضمنت تشجيع الأطراف الليبية على تجاوز الصعوبات التي تحول دون استكمال بقية استحقاقات الاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية في 17 ديسمبر 2015.

 

وبلورت تونس مبادرة مشتركة مع الجزائر ومصر، في اجتماع لوزير خارجيتها خميس الجهيناوي، مع نظيره المصري سامح شكري، والوزير الجزائري المكلف بالشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل، في 20 فبراير الماضي.

 

وتضمنت المبادرة، مواصلة السعي الحثيث لتحقيق المصالحة الشاملة في ليبيا دون إقصاء في إطار حوار ليبي، بمساعدة الدول الثلاثة وبرعاية الأمم المتحدة، والتمسك بسيادة ليبيا، ووحدتها الترابية، وبالحل السياسي كمخرج وحيد للأزمة، على قاعدة الاتفاق السياسي.

 

واعتبر الدبلوماسي التونسي السابق عبد الله العبيدي، أنّ "عوامل عديدة ستكون سببا في نجاح مبادرة تونس لدعم التسوية في ليبيا، ولعل أبرزها أنها تحظى بمساندة وتزكية من الأمم المتحدة، ومن دول الجوار الذّين لديهم علاقة مباشرة بالوضع في ليبيا".

 

كما عبّر العبيدي، عن أمله في أن يكون لها وقعٌ وصدًى لدى المجتمعين بالقمة العربيّة، وأن يتم اتخاذ موقف مشترك إزاء بعض الدول التي تقف عقبة إزاء حل الأزمة في ليبيا (دون مزيد من التوضيح)".

 

استقرار ليبيا من مصلحة تونس  

كما تطرّق العبيدي، في حديثه عن التأثير الكبير لتواصل الأزمة في ليبيا على الوضع التونسي، سواء من الناحية الاقتصاديّة أو الأمنية أو الاجتماعيّة، ذلك أنّ 60 ألف تونسي موجودون اليوم في ليبيا، فيما يوجد مئات الآلاف من الليبيين في تونس.

 

وتشترك تونس وليبيا بشريط حدودي على طول نحو 500 كلم، ويربطهما منفذان بريان. (معبر راس جدير، ومعبر الذهيبة وازن).  

كما تشدد تونس من إجراءاتها الأمنية على الحدود مع جارتها الشرقية لمقاومة ظاهرة التهريب أو تسلل الإرهابيين، عبر إنشاء منطقة عسكرية عازلة، وحفر خندق عازل بطول 250 كلم على الحدود، إضافة الى تعزيز تواجد مختلف الأسلاك الأمنية.

 

قبل سنة كشفت إحصائيات رسمية تونسية أن نحو مليونين و600 ألف يقطنون في تونس.  

وأشار العبيدي، إلى أهمية إيجاد حل سريع للوضع في ليبيا.

 

ولفت إلى أنّ "العلاقات التونسية الليبيّة تفرضها طبيعة الجوار، فقبل الثورتين التونسيّة والليبيّة في 2011، وصل حجم المبادلات إلى مليارين و500 مليون دولار، كما أن حوالي 170 ألف تونسي كانوا يشتغلون في ليبيا، عندما كانت الحدود مفتوحة، ما ساهم حينها في سد بعض الثغرات الاقتصادية في تونس".

 

تحولات جيوستراتيجيّة مؤثرة

 

وفيما يتعلق بالمواقف العربيّة من الشّأن الليبي قال الديبلوماسي التونسي: "ليست جميع الدول العربية على نفس الوتيرة، فاليوم نشهد تحولات جيواستراتيجية كبيرة ستؤثر حتما في المشهد الليبي، فمصر مثلا مالت مؤخرا نحو المعسكر الروسي، فيما عرفت الجزائر منذ استقلالها سنة 1962 بمساندتها لروسيا".

 

وأضاف أنّ "خليفة حفتر (قائد القوات المدعومة من مجلس النواب)، أحد أهم عناصر المشهد الليبي، اقترب هو الآخر من روسيا، والتقى مؤخرا بمسؤولين هناك".

 

وتابع العبيدي، أنّ "تونس لم تحمل على عاتقها هذه المبادرة إلا بعد أن لقيت حسن استعداد وتهيئة من قبل دول الجوار؛ أي مصر والجزائر، ومن جهات أخرى نافذة".

 

غير أن هناك دول عربية لا تدور في الفلك الروسي ولا تدعم حفتر، كما أن الجزائر ورغم تحالفها مع روسيا إلا أنها ترفض دعم حفتر، وعارضت في 2015، رفع حظر توريد السلاح إلى قوات حفتر.  

مبادرة قد تضيع في بيان القمة الختامي

 

في مقابل ذلك رأى الدبلوماسي والسفير السّابق التونسي توفيق وناس، أنّ مآل المبادرة سيكون الاندثار والضياع ضمن بقية مخرجات القمة العربية وبنود بيانها الختامي.  

كما اعتبر أنّ "هناك أطرافا عديدة تدخلت في الموضوع الليبي، وشوشت على هذه المبادرة منها زيارة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى الجزائر، ولقاؤه بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لمناقشة الوضع في ليبيا، إضافة إلى لقاء أمين عام حركة مشروع تونس محسن مرزوق، بحفتر في مدينة الليبية (شرق)."

 

وبحسب ونّاس، "وقع إرباك المبادرة التونسية قبل وصولها إلى القمّة العربّية، لتضمحل ضمن قمة عربية عادية، ولتنتهي وتفقد مقوّماتها فتصبح عنوانا على جدول أعمال كلاسيكي."  

وفي حوار سابق رجح الغنوشي، إمكانية الوصول إلى وفاق في ليبيا بعد أن "تعبت" كل الأطراف من الحرب الدائرة في البلاد منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، نافيا أن تكون حركته تقوم بدور "دبلوماسي" في هذا الملف لكنها "جهود مساعدة" للقيادة التونسية.

 

وفي فبراير الماضي، التقى مرزوق، حفتر، الذّي أكد له أنّ "علاقات تونس بليبيا تاريخيّة، وأنّ أمن البلدين واحد، والمعركة ضد الإرهاب واحدة."

 

وقبل أسبوع من ذلك، أعلن وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، أن حفتر، سيزور تونس قريباً، وهو مرحب به مثل كل الأطراف الليبية.

 

ونّاس، أيضا اعتبر أن أحد أسباب عدم التوفق في إنجاح تلك المبادرة، مرورها مباشرة إلى القمة العربّية، في حين أنه كان من المقرر أن تتم قمة رئاسية ثلاثية في الجزائر بين كل من السبسي، ونظيريه المصري عبد الفتاح السيسي، والجزائري عبد العزيز بوتفليقة، حول القضية اللّيبية.

 

هذه القمة اصطدمت وفق متابعين بظروف صحية للرئيس الجزائري تحول دون تمكنه من المشاركة فيها.

 

للإشارة فان وزير الشؤون الخارجية التونسي طرح أيضا هذه المبادرة مع مسؤولين أمريكيين خلال زيارة أداها إلى واشنطن، منتصف مارس الجاري، وهو ما اعتبره متابعون ورقة دعم أخرى تحصل عليها تونس من حليف غربي في ظل التوترات الحاصلة.

مقالات متعلقة