ازداد عدد النساء العاملات في الجزائر في السنوات الأخيرة إلا أن الكثير منهن بتن عرضة لـ "تحرش مالي" من قبل أزواجهن، ويجدن أنفسهن مضطرات للاختيار بين التنازل عن راتبهن أو الانفصال عنهم. وتقول المحامية فاطمة الزهراء بن براهم إن "هذا تحرش مالي، وهو ظاهرة خطيرة ظلت طويلاً في طي الكتمان". وتزايد عدد النساء العاملات، خلال الفترة الممتدة بين عامي 2005 الى 2015، إذ بلغ مليوني امرأة من أصل اكثر من عشرة ملايين عامل في بلد يصل عدد سكانه إلى 40 مليون نسمة. وتشكل النساء غالبية اليد العاملة في قطاعات الصحة والقضاء والتربية. أما في الحكومة فهن خمس نساء من أصل 31 وزيراً. وتفيد إحصائيات رسمية أن 386 ألف عقد قران سجل في 2014 انتهى 60 ألفاً منها إلى طلاق. وترى بن براهم أن الخلافات المالية "تعد السبب الأول للطلاق في الجزائر". طلاق بعد 22 عاما
هذا ما حصل لسمية (45 عاماً) التي تطلقت من زوجها بعد 22 سنة من الزواج بسبب استحواذه على راتبها. وهو فتح بيتاً ثانياً بأموالها... ولم تكتشف ذلك إلا بعد تسع سنوات. ويقول محاميها الذي رفض الافصاح عن هويته حتى لا تعرف موكلته، إن "الزوج استغل راتب زوجته لمدة تسع سنوات على أساس أنها تساعده على متاعب الحياة، ولما اكتشفت خيانته طلبت الطلاق بالخلع والقاضي لبّى طلبها". شراء الحرية
والخلع صيغة من صيغ الطلاق الذي نص عليه القانون الجزائري المستمد من الشريعة الاسلامية، ويكون بأن تدفع الزوجة مقابلاً مادياً للزوج حتى تنفصل عنه. وهي بذلك "تشتري حريتها" كما تؤكد بن براهم، التي أضافت أن هذه الصيغة تمثل 11 % من حالات الطلاق. وتضيف أن الكثير من النساء "يفضلن الطلاق للحفاظ على رواتبهن لهن ولاولادهن" من سيطرة الأزواج. ونص تعديل صدر سنة 2015 لقانون العقوبات على السجن ستة أشهر إلى سنتين "لكل من يمارس على زوجته أي شكل من الإكراه أو التخويف ليتصرف في ممتلكاتها أو مواردها المالية". سيطرة ذكورية
ومع أن الحكومة هي التي بادرت إلى التشريع الجديد، إلا أن أحد أعضائها وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، منية مسلم، صدمت النساء أخيراً بطلبها منهن التنازل عن رواتبهن للدولة التي تمر بصعوبات مالية بسبب تراجع أسعار النفط مورد البلاد الرئيسي. وأثار هذا التصريح موجة من الانتقادات في وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبره البعض دليلاً على تراجع لقضايا المرأة. وتجد هذه الممارسات تفسيرها الاجتماعي في "تنشئة الرجل الجزائري وربما العربي الذي تم تعليمه أن السلطة المالية أساس إثبات رجولته"، على ما يوضح الباحث الاجتماعي نور الدين بكيس.