كوارث متكررة، وحوادث قاتلة، وفزع يُلازم أهالي المساكن والطرق والمزارع المحيطة بأسلاك وأبراج الكهرباء، وخاصة المناطق العشوائية والريفية، بسبب السقوط المفاجئ لها، والتي كان آخرها سقوط برج ضغط فائق الجهد على منزل بمنطقة جسر السويس بالقاهرة.
ومع تكرار تلك المشاهد في الآونة اﻷخيرة، لجأت وزارة الكهرباء بالتعاون مع وزارة التخطيط، إلى اعتماد مشروع تحويل الخطوط الهوائية إلى كابلات أرضية على مستوى محافظات الجمهورية، بقيمة تصل إلى 2 مليار جنيه، لتصل مجموع الأطوال التي سيتم تحويلها إلى 2481 كيلو متر.
ولفتت وزارة الكهرباء، إلى أن هذا المشروع يُعد أحد المشروعات القومية ضمن خطة العام المالي المقبل 2017/2018، بدعم من وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، في حين أنه من المقرر أن يستغرق تنفيذ المشروع عامين، وتُعد الشركة القابضة لكهرباء مصر هي الجهة المنوط بها تنفيذ المشروع من خلال الشركات التابعة لها.
وبالتزامن مع الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الكهرباء، عن ضعف مواردها وارتفاع نسب ديونها لدى الجهات الأخرى، اعتمدت وزارة التخطيط مبلغ 150 مليون جنيه كاعتماد إضافي بخطة العام المالي الحالي 2016/2017، بناءً على طلب وزارة الكهرباء المعنية بتنفيذ المشروع ضمن أعمال المشروعات الاستراتيجية لأعمال تعديل مسار الخط الكهربائي، لتشمل تلك الأعمال إحلال وتجديد للخطوط، وتعديل الكابلات الهوائية إلى خطوط أرضية.
وحول آليات تنفيذ المشروع، استعرض "مصر العربية" الخطط المُمنهجة لتنفيذ المشروع على أرض الواقع، وموقف شركات التوزيع من إجراء المقايسات، وكيفية تحديد المبالغ المستهدف الحصول عليها في كل محافظة، وأيضًا العوائد المتوقع الحصول عليها بعد تنفيذ المشروع.
رئيس شركة توزيع القناة للكهرباء، المهندس محمد السيد، قال في تصريحات لـ"مصر العربية" إن شركات التوزيع قامت بإنهاء عمل المقايسات المطلوبة لتحديد المسافات المستهدف تطبيق المشروع فيها، مشيرًا إلى أنه من المقرر أن تتولى شركات التوزيع تنفيذ المناطق الخاصة بأبراج الجهد المتوسط، في مقابل أن تتولى شركات النقل أبراج الجهد العالي والفائق.
وأضاف "السيد" أن الوزارة أعلنت في توجيهاتها إعطاء الأهمية للمناطق الأكثر خطورة بسبب الرياح والتقلبات الجوية، وكذلك المناطق العشوائية والتي تتعرض لحالات سرقة التيار بشكل ملحوظ، موضحًا أن الخطة المستهدفة من المنتظر أن تبدأ بالقرى والمناطق الريفية أولًا من أجل تقليل حدة المخاطر للأسلاك العارية والقريبة من المواطنين.
ولفت إلى أن شركة القناة لتوزيع الكهرباء قامت بإنهاء المقايسات، وتم رفعها إلى الشركة القابضة للكهرباء لفحصها وتحديد المبالغ التي يتم تخصيصها لتنفيذ المشروع، موضحًا أن شركته توصلت إلى المبلغ النهائي المقترح والذي بلغت قيمته نحو 700 مليون جنيهًا.
وحول الفترة المتوقع استغراقها في تنفيذ المشروع، قال "السيد": إنه من المؤكد أن المدة المستغرقة لا تقل عن سنة ونصف، في حين أنه من المتوقع أن تتخطي العامين بسبب صعوبة الحفر والتوصيل، لافتًا إلى أن الشركات على أهب استعداداتها للتنفيذ، إلا أن المانع الوحيد هو إتاحة المبالغ المخصصة للتنفيذ، وإعطاء إشارة البدء بعدها من الوزير، لتقوم الشركة القابضة بتوزيع إشارات البدء نيابة عن الوزير.
وأشار إلى أن تنفيذ خطة الكابلات الكهربائية، من المنتظر أن تساهم في تخفيف نسب فقد التيار الكهربائي، وخاصة أن شركات توزيع الكهرباء تعاني من نسب مرتفعة للغاية، مضيفًا أن شركة القناة وحدها تعاني من نسبة فقد تصل إلى 8% من التيار الكهربائي.
وعلى نفس المنوال، رأى المهندس حمدي عكاشة، رئيس شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء، أن مشروع تركيب الكابلات الكهربائية واستبداله بالتوصيلات الهوائية، سيؤتي نتائجه الإيجابية على المدى القريب، مستشهدًا بالتجربة التي تم تنفيذها بمحافظة الإسكندرية.
وأكد "عكاشة" في تصريحات إلى "مصر العربية" أن شركة الإسكندرية نجحت في تطبيق المشروع على المحافظة بالكامل بنسبة 100%، موضحًا أنه تم الحصول على منحة أمريكية في الثمانيات، ساعدت على تنفيذ المشروع بشكل كامل، وظهرت آثارها الإيجابية بشكل سريع في تقليل الأعطال، وتخفيض نسب الفقد في التيار، وإزالة المخاطر التي كانت عُرضة للمواطنين بسبب التغيرات المناخية.
وأضاف أنها تساعد في تجنب الأضرار الناتجة عن سقوط الكابلات الهوائية والأضرار الناجمة عنها مع تغييرات العوامل الجوية من أمطار ورياح وتفاديًا لحالات الإصابات التي تكررت نتيجة لهذه الكابلات.
وفي المقابل، استبعد رئيس جهاز مرفق الكهرباء السابق، الدكتور حافظ سلماوي، تنفيذ المشروع على مستوى الجمهورية بشكل كامل، قائلًا: "مشروع صعب للغاية، ومن المتوقع تنفيذه في الأماكن الأكثر تعديًا، واستخدام التيار بشكل عشوائي، مشيرًا إلى أن تلك الخطة يتم الحديث عنها منذ سنوات عديدة، ولكن لم يتم تنفيذ النسب المُعلن عنها بشكل رسمي، إلا أنه دائما ما يتم تجديد الترويج لها.
وأوضح "سلماوي" في تصريحات إلى "مصر العربية" أن تكاليف المشروع تُعد العقبة الأولى والأخيرة في تنفيذه، مؤكدًا أن تكلفة تركيب الكابلات الكهربائية واستخدامها بدلًا من الهوائية والتي تُقدر تكلفتها 10 أضعاف التوصيلات الهوائية.
ولفت إلى أن الهدف الأول والأخير لمشروع الكابلات الكهربائية، يرجع إلى الحد من سرقة التيار وتحجيم نسب التعدي على التيار باستخدام التوصيلات العشوائية وتوصيل التيار للمباني المخالفة، مشددًا على ضرورة إيجاد حلول بديلة لمعالجة تلك الأزمة دون اللجوء إلى ذلك المشروع الذي تستنزف قيمته ميزانية هائلة، في حين أنه يتم تطبيق المشروع في الأماكن السياحية والهامة فقط.
وكشف مصدر مسئول بوزارة الكهرباء، في تصريحات إلى "مصر العربية" أن الحديث عن تعميم منظومة الكابلات الكهربائية على مستوى المدن والقرى غير صحيح، موضحًا أن هناك قواعد منظمة لتنفيذ المشروع بالمحافظات يتم ترتيبها مع شركات التوزيع ونقل الكهرباء.
وأضاف المصدر، أن الوزارة ستعطي أولوية للمناطق الأثرية والسياحية أولًا، ومن بعدها المدن الهامة من أجل الحفاظ على المظهر العام لها، وسيتم النظر إلى المناطق الأكثر خطورة على المواطنين بسبب التغيرات المناخية والعواصف الهوائية، موضحًا أنه سيتم استبعاد المناطق طويلة المسافات.
وقال المصدر، "إنه من المستبعد أن يتم تطبيق المشروع بشكل كلي، على جميع محافظات الجمهورية، ونحن لسنا أفضل من دول العالم المتقدمة، وهناك 195 دولة تستخدم الكهرباء حتى الآن على مستوى العالم، ولم تستطع دولة تطبيق الكابلات الأرضية بنسبة 100%.
وبالمقارنة بين الكابلات الأرضية والوصلات الهوائية، أوضح المصدر، أن الأخيرة أسهل بكثير ولم تستغرق وقتًا طويلًا، غير أنها لم تستنفذ تكلفة مادية كبيرة تصل إلى 2 مليار جنيه، حيث أن الكابلات تكلف 5 أضعاف الهوائية، في حين أن الفائدة العائدة لا تتطلب تلك المبالغ.
وفي الآونة الأخيرة، سعى الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء، إلى جلب قروض ميسرة لتنفيذ مشروعات نقل وتوزيع الكهرباء تبلغ حوالى 37 مليار جنيه منها 18 مليار جنيه للنقل و19.4 مليار جنيه للتوزيع من خلال قروض محلية بدون فوائد بتكليفات من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وذكرت وزارة الكهرباء في تصريحات لها، أن هناك تنسيقا مع البنك المركزي المصري ووزارة المالية والبنوك الوطنية (الأهلي ومصر) لإتمام هذه الصفقة، وتنفيذ مشروعات النقل والتوزيع بهذه الاستثمارات على مدى عامين للنقل و3 أعوام للتوزيع، بحيث يتم حل جميع العقبات الحالية المتبقية لتوفير الكهرباء بشكل كامل لجميع الأغراض.