أثارت خطبة الجمعة اليوم في بعض المساجد، والتي خُصصت للحديث عن حقوق الأطفال الأيتام وذوي الإعاقة، غضب عدد من النشطاء ذوي الإعاقة بعد وصف الخطباء لهم بـ"الابتلاء واختبار لصبر الأهالي، وخلقوا كعظة وعبرة للأصحاء".
أوضح محمد أبو طالب الناشط في مجال الإعاقة، أن الائمة في المساجد قاموا بالتجويد على الخطبة المكتوبة بتأكيدهم أننا "فئة ليس عليها حرج ومش مسؤولين، وإن واجب أهالينا مسؤوليتهم علينا وحمايتنا و عايتنا بما يرضي الله لأنهم سيسئلوا علينا يوم القيامة".
وأضاف أبو طالب لـ"ـمصر العربية"، أن إمام أحد المساجد في محافظة سوهاج وجه حديثه للمصلين قائلاً: " أخي الشاب وأختي الفتاة إذا ارتضيتم الزواج من أحد ممن إبتلاهم الله فهذا لو تعلمون صدقة وتقربا إلى الله"، مؤكداً أنه ترك المسجد والصلاة بعد هذه الكلمات.
وأكد الناشط الكفيف، أن الموجع في الأمر إن الخطبة معممة على مستوى مساجد مصر كلها في بلد فيها عدد ذوي الإعاقة حوالي 15 مليون شخص، متسائلاً: "احنا ذنبنا ايه نسمع دا طيب ذنب أهالينا ايه مش عارف"، واختتم حديثه قائلاً: "اللهم موت أو هجرة أيهما أقرب".
وشاركه في الرأي محمد مختار الناشط الحقوقي في مجال الإعاقة، قائلاً: "بعد ما قريت الخطبه وسمعت تجويد بعض الشيوخ أرى أننا مش محتاجين تجديد الخطاب الدينى ولكن محتاجين تجديد عقول القائمين على الخطاب لأنهم عملو بالمثل القائل (جه يكحلها عماها)".
وأضاف مختار لـ"مصر العربية"، أنه من المفترض أن تكون توعية المجتمع بفئة ذوى الإعاقة، وما لهم من حقوق يكون عن طريق ذكر الصحابة من ذوى الإعاقة، وما كان لهم من فتوحات وغزوات وهم كثر، لإثبات أن الشخص ذوي الإعاقة حباه الله وعوضه بقدرات أخرى.
وأكد أنه يرى أن الجمع فى الخطبة بين اليتيم وذوي الإعاقة خطأ فى الأساس، موضحاً أنه ليس مع النظرة الرعائية لذوى الإعاقة، قائلاً: "لا اعتبر نفسي أو اى شخص ذو إعاقة من المستضعفين".
ولفت مختار إلى أن خطبة اليوم تؤكد أن الخطبة الموحدة مشروع فاشل، لأنها وحدت الموضوع ولم توحد العقول التي تخطب وبالتالى كل شيخ فسرها بطريقته.
الجدير بالذكر أن التاريخ الإسلامي حفل بصفحات مضيئة لشخصيات عبقرية ابتليت بالإعاقة، ولم تتطرق لها خطبة اليوم باعتبارها نماذج على العطاء كدافع لذوي الإعاقة على الاندماج في المجتمع والإعطاء بداخله.
ومن هذه النماذج على سبيل المثال لا الحصر، "ترجمان القرآن عبدالله بن عباس، والشهيد الأعمى .. عبدالله بن أم مكتوم، وعبدالرحمن بن عوف، وعثمان بن مظعون، والترمذي، وطلحة بن عبيد الله، ومعاذ بن جبل، وعمرو بن الجموح".
عبد الله بن عباس لقب بترجمان القرآن وحبر الأمة، وهو ابن عم الرسول، فقد بصره في الكبر، كان يعرف أن الله تعالى عوضه عن بصره خير العوض، لذا قال "إن يأخذ الله من عيني نورهما ففي لساني وسمعي منهما نور قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل وفي فمي صارم كالسيف مشهور".
ظل عبدالله بن عباس ينهل من العلم والحكمة والمعرفة، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستشيره في كل أمر ولقبه بـ «فتى الكهول».
عبدالله بن أم مكتوم
كان الرسول صلى الله عليه وسلم كلما رآه يقول له: «مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي»، تحمّل الكثير من المشقة في سبيل إعلان دينه فهاجر مع مَنْ هاجر من مكة إلى المدينة ورغم فقده البصر شارك مشاركة فعلية في الدعوة الإسلامية، فحفظ القرآن الكريم وروى عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) الكثير من الأحاديث، وكان لجمال صوته يؤذن للصلاة مع بلال بن رباح.
وأتى عبدالله يوماً يريد سؤال الرسول في مسألة دينية فأعرض عنه لانشغاله بسادة قريش فأصابه الهم والحزن لإعراض النبي عنه، وهبط الوحي بقوله تعالى: "عبس وتولى. أن جاءه الأعمى. وما يدريك لعله يزكى. أو يذّكر فتنفعه الذكرى. أما من استغنى. فأنت له تصدّى. وماعليك ألا يزّكى. وأما من جاءك يسعى. وهو يخشى. فأنت عنه تلهى".
عبدالرحمن بن عوف
أصيب في غزوة "أحد" عدة إصابات في مختلف أنحاء جسده سببت إحداها عرجًا دائمًا في ساقه، والأخرى أسقطت ثناياه وتركت هتمًا واضحًا في نطقه، وفي غزوة تبوك تصدق بجميع ما يملك في سبيل تجهيز جيش المسلمين ولم يترك لأهله شيئاً.