"دونالد ترامب أحدث زعيم غربي ينتظر مقابلة السيسي" .. هكذا عنونت "إندبندنت" البريطانية تقريرا للكاتبة الصحفية أميليا سميث أوضحت فيه الأسباب التي تدفع العديد من رؤوساء وقادة الدول الغربية الذين طالما يتعهدون بالتزامهم بالديمقراطية وسيادة القانون، إلى الاصطفاف لمقابلة السيسي، رجل مصر القوي.
وقالت سميث إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي الثالث من أبريل المقبل ىسيكون أحدث زعيم دولة غربية يستقبل السيسي خلال زيارته لواشنطن، مضيفة أن إيطاليا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا كلها قد استضافت بالفعل الرئيس المصري، وأظهرت دعمها الصريح لحكومته.
وأوضحت سميث أن ثمة أسباب عدة تفسر الأهمية الاستراتيجية التي يحظى بها السيسي لدى الغرب، ولعل واحدة منها هو الحرب الشرسة التي يطلقها الرجل على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، على سبيل المثال لا الحصر.
وأردفت سميث أن السيسي يتبنى موقفا صارما ولا هوادة فيه إزاء الإرهاب الذي يطل برأسه القبيح على بلاده بين الحين والأخر، وربما هذا هو السبب في أن يغض الغرب الطرف عن توجيه أية انتقادات لانتهاكات حقوق الإنسان في مصر، إذ أن كافة تلك الممارسات تتم تحت ستار الحرب على الإرهاب.
ودللت الكاتبة على كلامها بالغضب الذي أبدته الولايات المتحدة إزاء مصر في أعقاب عزل المؤسسة العسكرية الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في الثالث من يوليو 2013، إثر خروج مظاهرات حاشدة رافضة لحكمه، لكن سرعان ما تلاشى هذا السخط وتقرر واشنطن إستئناف المساعدات العسكرية التي تمنحها للقاهرة.
ولم تكن الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تغير موقفها تجاه مصر، بل تبعتها في ذلك فرنسا التي باعت للقاهرة طائرات مقاتلة، في حين أقدمت المملكة المتحدة التي علقت عددا من التراخيص العسكرية لمصر، على إلغاء العدول عن بعض قراراتها في هذا الخصوص.
والرسالة هنا واضحة تماما، ومفادها أن قوات الأمن المصرية تستطيع أن تفعل ما تشاء، دون أن تثير سوى القليل من الإدانات الدولية، إذ أن المصالح المكتسبة في مصر تتقدم على كل ما سواها، بحسب الكاتبة.
وفي فبراير من العام 2011، قوبل تنحي مبارك عن السلطة بقبول جماعي من جانب المحتجين في ميدان التحرير الذي حظيت أحداثه في تلك الآونة بتغطية إعلامية على مدار الساعة. لكن الأنباء الت ترددت الأسبوع الماضي حول إخلاء سبيل مبارك من مستشفى المعادي العسكري التي كان يقيم فيها طيلة فترة محاكمته في الست سنوات الماضية، مرت مرور الكرام في وسائل الإعلام.
وقالت الكاتبة:” هذا الرجل الذي حرض على قتل 900 متظاهرا أثناء أيام الثورة الـ18، وبعث بالجمال والخيول لتفرقة الحشود المتجمعة في التحرير، يتم إخلاء سبيله من محبسه بعد 6 سنوات فقط.”
وحقا تتمتع الدول الغربية بالقوة التي تكفل لها الإطاحة برؤوساء الدول من مناصبهم، إذا ما رآت في ذلك مصلحة. ففي العام 2002، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على الرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي وزوجته بسبب خروقات انتخابية، وانتهاكات حقوقية. وفي العام 1997، فرض الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون حظرا على السودان وجمد أرصدة الرئيس عمر البشير بسبب انتهاكات تتعلق بملف الخرطوم في مجال حقوق الإنسان أيضا.
لكن القرار الذي يقوم بموجبه قادة الغرب بالاصطفاف سويا ضد أي زعيم دولة يكون عشوئيا في الغالب الأعم. فهو يعتمد ليس فقط على الخروقات المتعلقة بحقوق الإنسان، ولكن أيضا على مدى الخطر الذي يفرضه هذا الشخص أو ذاك على المصالح الغربية.
لمطالعة النص الأصلي