في الوقت الذي يشتعل فيه الخلاف بين القضاة والبرلمان، بعد الموافقة المبدئية للنواب على تعديلات قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية، أعلن محمد أبو حامد، شروعه في إعداد قانون بخفض سن القضاة إلى 60 عاما، ليزيد من حدة الخلافات بين الطرفين.
قضاة سابقون، على اختلاف توجهاتهم السياسية، أجمعوا برفض مقترح خفض سن القضاة، معتبرين أنه يحمل نوعا من المساومة مع القضاة بأن يوافقوا على تعديلات قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية مقابل سحب مقترح تخفيض السن، مؤكدين أنه مخالف للدستور ويعد تدخلا في أعمال السلطة القضائية.
بداية استنكر المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، مقترح خفض سن القضاة إلى 60 عاما، قائلا :" لا أعرف من الهدف من هذا المقترح في هذا التوقيت ؟".
وأوضح الجمل، لـ "مصر العربية"، أنه خفض سن القضاة يتنافى مع الهدف الأساسي منه، وهو مواجهة النقص في أعداد القضاة بالمحاكم الطبيعية والتي تصل فيها القضايا إلى نحو 2.5 مليون قضية مقابل 13 ألف قاضي، و200 ألف قضية بمجلس الدولة مقابل نحو 2000 قاضي.
وأكد، أن هذا المقترح ومن قبله التعديلات الخاصة بتعيين رؤساء الهيئات القضائية، مخالفات للدستور، وتعد تدخل في شؤون السلطة القضائية وليست في صالح القضاة .
وينص مشروع قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية بعد التعديل الأخير في مادته رقم 44، على أن ترشح الهيئات القضائية المختلفة 3 شخصيات من أصل 7 ويختار رئيس الجمهورية رئيس الهيئة القضائية من بين هؤلاء الثلاثة، لكنها تقضي أيضا بأنه حال عدم إرسال الهيئات القضائية ترشيحاتها خلال 60 يوما يحق لرئيس الجمهورية أن يختار مباشرة رئيسا لكل هيئة من بين السبعة الأقدم من أعضاءها.
وانتقد المستشار أحمد مكي، وزير العدل الأسبق إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، مقترح خفض سن القضاة إلى 60 عاما، معتبرا أنه عقاب للقضاة لاعتراضهم على مشروع قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية، وبمثابة سلاح للتأثير عليهم للموافقة على القانون.
وأضاف مكي، أن خفض سن القضاة أمر طيب لا بأس به، حتى يكون هناك مساوة بينهم وبين سائر العاملين بالدولة، ولكن المرفوض هو استخدامه لأغراض سياسية.
وتقدمت جماعة الإخوان المسلمين، أثناء تولي محمد مرسي حكم البلاد، بمشروع قانون لتعديل بعض أحكام قانون السلطة القضائية، تضمن أن يكون تعيين النائب العام بقرار من رئيس الجمهورية، وخفض سن معاش القضاة إلى 60 عاما.
و أشار وزير العدل الأسبق، إلى أنه حينما تقدمت جماعة الإخوان بهذا المقترح تعرضت لهجوم كبير، لافتا إلى أنه كان أحد المهاجمين للقانون سابقا وكذلك المقترح الحالي، مبررا أن الهدف منه في الحالتين تحقيق أغراض سياسية.
وأوضح، أن الحكومات السابقة كانت ترفع سن المعاش للقضاة على سبيل الرشوة، وذلك لأن هناك فارق كبير بين مرتب القاضي ومعاشه، وهو يمثل 1/10 من الراتب، متابعا :" كانت تميل إلى استمراره في الخدمة سنوات أطول ليحصل على أموال أكثر ".
ورأى وزير العدل الأسبق، أن علاج هذه القضية يكون بإعادة النظر في نظام معاش القضاة، حتى لا يكون الفارق بين الراتب والمعاش كبيرا.
وعن قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية قال مكي إن النظام الحاكم حاليا يريد فرض مزيدا من التحكم في السلطة القضائية، منوها إلى أن السلطة التنفيذية دائما متحكمة في القضاء، وما يتردد عن الاستقلال مجرد "كلام على ورق".
وقال المستشار أحمد سليمان، وزير العدل الأسبق، إن مقترح خفض سن القضاة إلى 60 عاما، يعد "ورقة ضغط" على القضاة، لتمرير قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية.
وألمح سليمان، إلى أن نفس المقترح تعرض للهجوم حين تقدمت به جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما اعتبره كان نوعا من "المكايدة السياسية".
وشدد وزير العدل الأسبق، إلى أن تعديلات قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية، التي وافق عليها البرلمان بشكل مبدئي، تعد جريمة مخالفة للدستور، مستشهدا بنص المادة 184 من دستور 2014، والتي تنص على :"السلطة القضائية مستقلة، والتدخل فى شئون العدالة أو القضايا، جريمة لا تسقط بالتقادم".
وأردف، أن تعديلات القانون الأخيرة تخالف المادة 185 من الدستور والتي تنص على :"تقوم كل جهة، أو هيئة قضائية على شئونها، ويكون لكل منها موازنة مستقلة، يناقشها مجلس النواب بكامل عناصرها، وتدرج بعد إقرارها فى الموازنة العامة للدولة رقماً واحداً، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المنظمة لشئونها".
واستطرد سليمان، أن القانون لا يحقق أي فائدة ولا يدفع أي ضرر، ولكن الهدف منه تمكين السيسي من السلطة القضائية حتى تكون خاضعة له، لافتا إلى أن الهدف منه إقصاء المستشار يحيى دكروري، نائب رئيس مجلس الدولة، على خلفية حكم قضية "تيران وصنافير".