لم تختلف النتائج المنبثقة عن مباحثات الأيام الثمانية من الجولة الخامسة لمفاوضات جنيف عن سابقاتها، إذ لم تحصد الأطراف السورية النتائج المرجوة رغم تحديد أجندة النقاش مسبقاً مع نهاية الجولة السابقة، لتعود الوفود خاوية الوفاض، وتبقى البنود الأربعة المحددة للنقاش "فارغة من الثمار".
والبنود الأربعة هي الحكم غير الطائفي، والدستور، والانتخابات، ومكافحة الإرهاب، وفق ما أعلن عنها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، مع نهاية جنيف 4، في 3 مارس الجاري.
وفي الجولة الأخيرة التي انتهت مساء اليوم الجمعة، جاءت النتائج وفقاً للتوقعات، في ظل خلاف لا يزال كبيراً بين المعارضة التي تريد انتقالاً سياسياً وتشكيل هيئة حكم انتقالي، والنظام الذي لا حديث له سوى "الإرهاب ومكافحته".
وسيطرت خروقات وقف إطلاق النار المعلن منذ 30 ديسمبر 2016، على سير المحادثات، مع محاولة كل طرف اتهام الآخر بارتكابها، كما أرخى مصير رئيس النظام بشار الأسد، مجددا بظلاله على سير المحادثات، فيما كان منتظرا مناقشة سلال الحكم الانتقالي.
وعقب اختتام الجولة اليوم، قال المبعوث الأممي دي ميستورا، في مؤتمر صحفي، إن "جميع المدعوين لمفاوضات جنيف 5، شاركوا بتفاصيل وجوهر المناقشات التي اتسمت بالجدية والتفاعلية، وهم مستعدون للمشاركة في جنيف 6".
ولفت إلى أن "كل المدعوين ينكرون مشاركتهم بتفاصيل وجوهر المناقشات"، معتبراً أن هذا الإنكار "طبيعي".
وأشار دي ميستورا إلى أن موعد الجولة الجديدة مرهون بمشاورات يجريها في مجلس الأمن وأخرى مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، نهاية الأسبوع المقبل.
وبيّن أنه "في هذه الجولة (الخامسة) لا ينبغي توقع أي انهيار في المباحثات أو تقدم، المهم التقدم في جدول الأعمال، ولا يمكن تقليل شأن ما فعلته الأطراف هنا".
ورأى أنه "في كل المفاوضات، هناك قضايا تحتاج للتحضير والمناقشة قبل الخطوات الفعلية وهذا لم يبدأ بعد، والأهم هو الاهتمام بالنقاط التحضيرية وفي هذا المجال حصل تقدم".
من جانبها، قالت المعارضة السورية إن "مفاوضات جنيف 5، لم تنجح حتى الآن في إحراز تقدم نسبي خاصة وأنه لا يوجد أي تغيير جذري في موقف واشنطن من بشار الأسد".
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع دي مستورا، عقده رئيس وفد المعارضة نصر الحريري، في جنيف.
ولفت الحريري، إلى أن "المعارضة تناقش الانتقال السياسي ذا الأبعاد المختلفة والمفاوضات حتى هذه اللحظة لم تنجح كثيرا في تحقيق تقدم نسبي، ولكن نتمنى أن لا تكون قد فشلت".
وأرجع ذلك إلى أن "النظام هو الذي أفشل المفاوضات السابقة ويسعى لإفشال هذه المفاوضات، وهو المسؤول عن إفشال مفاوضات العام الحالي"، مشدداً على أن "المعارضة تحرص على عدم إفشالها".
ورداً على سؤال حول تغيّر الموقف الأمريكي من مصير بشار الأسد، قال الحريري "نحن نتعرف على الموقف الأمريكي من خلال تواصلنا مع المسؤولين الأمريكيين، ولا يوجد تغيير جذري تجاه الأسد".
ولفت إلى أنه "حاليا تتجه الإدارة الأمريكية لمحاربة الإرهاب وتحجيم دور إيران ونحن نقول أن محاربة الإرهاب تبدأ بمسببه (قاصدا نظام الأسد)".
أما بشار الجعفري، رئيس وفد النظام السوري في مفاوضات جنيف 5، فقال إنهم لم يتلقوا أجوبة من الأطراف السورية (المعارضة)، على مجموعة أوراق تقدموا بها (وفد النظام) للمبعوث الأممي دي ميستورا.
ولفت الجعفري في مؤتمر صحفي عقده في جنيف اليوم أيضاً إلى أنه خلال هذه الجولة قدم وفد النظام أوراقاً عديدة إلى دي ميستورا "الأولى تتعلق بمكافحة الإرهاب، وورقة مبادئ عامة للحل السياسي في سوريا وهذه الأوراق تتعلق بإيجاد أرضية منطقية للبدء بقضايا الدستور".
ولفت إلى أنه خلال الأيام الثمانية "ناقشوا بالعناوين السلال الأربعة، وقدموا ورقة المبادئ الأساسية، وقدموا مجموعة تساؤلات حول قضايا طرحها دي مستورا قبل وأثناء هذه الجولة".
وكما جرت العادة، هاجم الجعفري وفد المعارضة، قائلاً "لم يكن على ألسنة المعارضة سوى كلمة واحدة، أو بالأحرى وهم واحد ألا وهو أن نسلمهم مفاتيح سوريا والسلطة فيها".
ومن الأمور اللافتة التي حصلت في جنيف خلال الجولة الأخيرة، استقبال دي ميستورا للجعفري عند باب مقر المفاوضات، فور وصوله لأول لقاء ضمن هذه الجولة، حيث قال المبعوث الأممي إن "النظام (السوري) مرحب به دائما في الأمم المتحدة"، في إشارة إلى عدم استقبال النظام لدي مستورا في العاصمة السورية دمشق قبل المفاوضات.
كما كان لافتاً انكفاء وفد النظام عن التصريحات الإعلامية، وتجنبه استقبال أسئلة تضعه في موقف محرج، مكتفياً بتصريحين اثنين، الأول بعد أول اجتماع، والثاني بعد آخر اجتماع اليوم، ساق فيه الاتهامات للمعارضة وبعض الدول بدعم الإرهاب.
ولعل لقاء المعارضة السورية مع نائب وزير الخارجية الروسي في مقر الأمم المتحدة لأول مرة، أعطت المعارضة اعترافاً جديداً من قبل روسيا.
بدوره، كان مصير دي ميستورا هو الآخر، له حصة كبيرة من اهتمامات المتابعين والمراقبين، إلا أن فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أكد في مؤتمر صحفي عقده اليوم في مقر المنظمة الدولية في نيويورك أن الأمين العام مدد تفويض المبعوث دي ميستورا "على الأقل لحين الانتهاء مما يقوم بها حاليا في جنيف".
ونتيجة للتصريحات من الأطراف السورية التي صدرت في ختام المفاوضات، ورغم التفاؤل الحذر لدي ميستورا، بقيت السلات الأربع التي كانت مقررة للتفاوض، من دون أي ثمار، وهو الأمر غير المفرح بالنسبة للسوريين.
وبذلك تنتهي مفاوضات جنيف 5، التي استغرقت 8 أيام، إذ انطلقت بلقاءات تمهيدية في 23 مارس الجاري، واجتماعات رسمية الجمعة الماضية في المقر الأممي.