حالة واسعة من الجدل أثارها حكم محكمة الأمور المستعجلة، اليوم الأحد، بسريان اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية، وما يترتب عليها من تسليم جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين في البحر الأحمر إلى المملكة، وإلغاء حكم القضاء الإداري الذي أعادهما للسيادة المصرية في يناير الماضي.
وذهب نشطاء وسياسيون إلى الربط بين لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، خلال القمة العربية، الأسبوع الماضي، معتبرين أن الحكومة تحاول استخدام القضاء لتمرير الاتفاقية وتسليم الجزيرتين للسعودية، محذرين مما وصفوه بـ "العبث بالدستور وسيادة البلاد".
وقضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، بقبول دعوى تطالب بإسقاط مسببات حكم دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، وانعدام حكم القضاء الإداري الذي ألغى اتفاقية تعيين الحدود مع السعودية، وتنفيذ حكم "الأمور المستعجلة" الذي قضى بسريان الاتفاقية.
وعلق شريف الروبي، القيادي بحركة شباب 6 إبريل، على قرار محكمة الأمور المستعجلة قائلا:"نحن نعيش في شبه دولة"، موضحا أن القضاء المستعجل غير مختص بالفصل في تلك القضايا، وليس له سلطة فوق المحكمة الإدارية العليا، التي قضت بشكل نهائي وبات ببطلان الاتفاقية.
وقضت المحكمة الإدارية العليا، منتصف شهر يناير الماضي، ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، والتأكيد على سيادة مصر على جزيرتي "تيران وصنافير".
وأشار الروبي لـ"مصر العربية" إلى أن حكم "الأمور المستعجلة"، جاء بعد اللقاء الأخير بين السيسي وسلمان، في القمة العربية، مستدلا باستئناف شركة آرامكو السعودية ضخ النفط إلى مصر مرة أخرى.
ووصف مدحت الزاهد، القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، حكم الأمور المستعجلة بـ "العبث المتعمد وألاعيب سيكون مصيرها الفشل"، محذرا من أنها ستضر بالنظام السياسي نفسه.
وأوضح الزاهد، أنه حينما ينهار التوازن بين السلطات التنفيذية والقضائية، ويشعر الناس بأن كل الهيئات حتى القضائية في قبضة السلطة التنفيذية فهذا معناه أن طرق التغيير السلمي تنسد، وبالتالي يعبر الناس بالطرق المتاحة أمامهم.
ولفت إلى أنه منذ بداية القضية والرئيس السيسي والحكومة يدافعان عن أحقية السعودية في الجزر، مشددا أنه مهما كانت الضغوط والألاعيب فلن يسمح الشعب بالتفريط في جزء من سيادته على أراضيه، وأن مصرية الجزر أمر محسوم بالمعاهدات الدولية.
وقال خالد داود، رئيس حزب الدستور، إن إحالة القضية من البداية لمحكمة الأمور المستعجلة، كان حيلة قانونية من محامي الحكومة لتعطيل حكم القضاء الإداري، معتبرا أنها إساءة استخدام للقضاء للحصول على أحكام لتمرير الاتفاقية وعرضها على البرلمان الذي ينحاز للسلطة التنفيذية.
واستبعد داود، الربط بين لقاء السيسي بنظيره السعودي، خلال القمة العربية وحكم الأمور المستعجلة، مشيرا إلى أن القضية مطروحة أمام القضاء المستعجل منذ فترة، مستطردا :"ولكن المؤشرات مقلقة للغاية والحكومة تصر على تسليم الجزيرتين للسعودية لتحقيق مصالح مشتركة بينهما، لكن لن يتم ذلك على حساب البلد والشعب".
واعتبر السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق وأحد أعضاء هيئة الدفاع بقضية تيران وصنافير، حكم القضاء المستعجل محاولة للالتفاف على الدستور والقانون، مؤكدا أنه ليس له قيمة قانونية.
وشدد مرزوق، أن أي محاولة للمساس بالدستور أو ازدراء أحكام القضاء، ستؤدي إلى انهيار دستوري، مستشهدا بما حدث مع الرئيس المعزول محمد مرسي حين أصدر الإعلان الدستوري، مضيفا:"حينما تكون المقدمات واحدة ستكون النتائج واحدة".
وعن الربط بين القاء السيسي بسلمان، قال مرزوق: إنه إذا صح ذلك فسيكون الأمر خطير جدا، ولا يبنغي أن تكون علاقة مصر بأي دولة قائمة على المساومة.
وتابع :"يبنغى على السعودية أن ترتقي عن هذا الجدل السياسي، فهو شأن داخلي وعلى الجميع احترامه سواء في الداخل أو الخارج".