تجربتى فى المراجعات الفكرية فتحت الباب لمراجعات الجماعة الإسلامية والجهاد
"نداء الكنانة" نقل الإخوان من الاعتدال للتشدد
ما يطرحه جمال حشمت في أخطاء الإخوان مراجعات سياسية فكرية
إسلاميو تونس والمغرب رحّبوا بـ"العدالة والتنمية" التركية والإخوان اعتبروها تجربة علمانية
السياسة بدت عالما أكبر من حسن البنا وتقديرات الجماعة
لجنة المراجعة للشباب بالسجون تحتاج مشاركة أوسع وخبرات أكثر
وسط حالة الاضطراب التى يشهدها تيار الإسلام السياسي في مصر، والتى انحصرت ما بين الخروج المسلح والقعود الخامل، دعا الدكتور كمال حبيب الباحث المتخصص فى شؤون الحركات الإسلامية، شباب التيار الإسلامى إلى الخروج من التنظيمات السرية والانفتاح على المجتمع، والانتقال من حالة المواجهة مع الدولة إلى المشاركة عبر الأحزاب السياسية، كما حدث فى التجربة التركية.
لم يكتفِ "حبيب" بذلك بل كشف خلال الجزء الأول من حواره مع "مصر العربية"، أن هناك تيار عنف داخل جماعة الإخوان، لكنه أكّد أن مصيره سيكون الانفصال، مشيرًا إلى وجود مراجعات فكرية داخل الجماعة إلا أنها فردية وتتم فى إطار صراع.
ورحّب "خبير الحركات الإسلامية"، باللجنة التى يشكلها اللواء أحمد جمال الدين المستشار الأمني للرئيس عبد الفتاح السيسي، والخاصة بالمراجعات الفكرية، والتي ستخاطب شباب التيار الإسلامي بالسجون، معتبرًا إياها خطوة جيدة، لكنها بحاجة لتوسيع المجال وضم خبرات أكثر.
وإلى نص الحوار...
خلال تجربتك المبكرة في «مراجعات الجماعات الإسلامية».. هل يمكنك تسليط الضوء على ملابساتها؟
ألّفت كتابًا مهمًا اسمه "الحركة الإسلامية من المواجهة إلى المراجعة"، كان عبارة عن نقد لتجربة جماعة الجهاد ومأزق العنف وتطور الحركة الجهادية والإسلامية بشكل عام، وطرحت خلال الكتاب أفكارًا جديدة حول ضرورة الانتقال من حالة العنف إلى الحالة السياسية.
وقلت إن السياسة هي الحرب بوسائل أخرى، أي أننا نستطيع من خلال السياسة أن نحقق ما نحققه من العنف، وتحدثت فى الكتاب عن ضرورة أن تكون هناك نظرية سياسية للحالة الإسلامية، وأن يكون هناك تقاليد لما أطلقت عليه "الاجتهاد السياسي"، نوضح فيه الموقف من التعددية والعنف ومن المجتمع.
وعبر الكتاب نبّهت الشباب داخل التيار الإسلامي إلى ضرورة الخروج من التنظيمات السرية، والانفتاح على مجتمعاتهم، وعدم الاندفاع نحو المواجهة مع الدولة، وبناء تجارب سياسية أو تعلم التجارب السياسية من خلال الالتحاق بالأحزاب، وأنا شخصيًا أصبحت عضوًا فى حزب العمل وقت أن كان يقوده عادل حسين، ثم أصبحت عضوا فى مكتبه السياسي، ثم انتخبت عضوا فى لجنته التنفيذية.
واستخدمت تعبيرا اسمه "الإسلام المشارك" وليس "الإسلام المواجه"، وعندما عزمت في إعداد رسالة الدكتوراه بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ذهبت إلى التجربة التركية، باعتبارها نموذجا مهما في مسألة تأسيس الإسلام المشارك، المبنية على فكرة المشاركة مع الدولة وليس المواجهة، وأعتقد أن هذه الأفكار لاقت صدى واسعًا وأحدثت تأثيرًا كبيرًا في تونس ومصر .
كثيرًا ما يحدث خلط حول طبيعة هذه المراجعات، هل هي فقهية أم فكرية أم سياسية؟ كيف تنظر لهذا الخلط؟
المراجعات التي عملتها كانت فكرية، ولم أتطرق إلى الجوانب الفقهية، وكانت حول ضرورة بناء نظرية سياسية للحركة الإسلامية، بمعنى أن يكون لدينا وعي بالخطوات التي نخطوها من خلال فهمنا للمستقبل، وكيفية التعامل معه.
وتحدثت عن قضايا مهمة كـ"فكرة الخروج على الحاكم"، من منظور فكري، فبعض الناس كان يظن أن هذه المسألة قضية عقدية، وليست فكرية، ولكن من خلال الاطلاع على القضية وجدت أن ابن حزم تكلم عن موضوع الخروج بكل حال حتى الظلم اليسير، وآخرون تحدثوا عن مسألة المصالح والمفاسد كابن تيمية مثلا، وهناك من تكلم عن عدم الخروج مطلقا، لأن معظم تجارب الخروج على الحكام أدت إلى حدوث فتنة وفشل، لذا انتهى علماء الأمة إلى مسألة عدم الخروج، بالتالي هذا موقف فكري وليس عَقَديًّا.
أما الجماعة الإسلامية على سبيل المثال فقد تحدثت فى القضايا الفقهية، وكان لهم تصورات في مسألة المواجهة مع الدولة، حيث كانوا ينظرون للدولة على أنها طائفة ممتنعة وجب قتالها، لذا فإن مرجعات الجماعة الإسلامية كانت فقهية حول الجهاد، هل هو غاية أم وسيلة؟ و مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هل تقوم به الدولة أم أحادي الناس؟ ومسألة الموقف من الأقباط هل تستعيد مفاهيم الجزية والدولة الإسلامية القديمة أم لا ؟
وهناك مراجعات سياسية تحدثت عن الموقف من الدولة، وهي عملية ذات طابع مركب فيها الفقهي والسياسي والفكري، وما يطرحه جمال حشمت في أخطاء الإخوان أغلبه سياسي وفكري.
لكن في مسألة نداء الكنانة الصادر عن الإخوان الذي وقع عليه 100 عالم من علماء الشريعة، وحكم على كل من يتعامل مع طوائف معينة مثل القضاة والشرطة والمنظومة العامة للدولة بالإثم، هذا نداء خطير ويحتاج إلى مراجعة فقهية؛ لأن نقل الإخوان من فكر أهل السنة إلى الفكر الجهادي الراديكالي، وهناك أيضًا أفكار استخدمها سيد قطب مثل التوقف والتبين والعزلة الشعورية والجاهلية والحاكمية كلها تحتاج إلى مراجعة فقهية.
لك إطلالة واطلاع عميق على التجربة الإسلامية في تركيا.. أين تكمن نقاط التلاقي والاختلاف بينها وبين التجربة المصرية؟
التجربة التركية مختلفة عن المصرية، لعدة أسباب أولها، أن العقل التركي ورث تجربة الدولة العثمانية السياسية التي حكمت العالم لمدة 6 قرون، ورثت فيها تقاليد الإمبراطورية الرومانية، واستطاعت أن تفهم التوازن الدولي، وأن تحكم مجتمعات غير مسلمة لمدة 5 قرون، وأما عندنا فى مصر ليس لدينا تجربة بهذا المعنى، فأول مصري يحكم المصريين كان جمال عبد الناصر، وحتى محمد على عندما أسس الدولة المصرية الحديثة كان يعمل في السياق العثماني.
ثانيا: التيار الإسلامي في تركيا نشأ داخل الإدارة العثمانية نفسها، فعندما كان قطاع منها ينادي باتباع الغرب، خرج تيار آخر ليقول إن الشريعة قادرة على أن تجيب على أسئلة العصر ومستجداته، أما عندنا في مصر التيار الإسلامي دائمًا خارج الدولة وليس داخلها.
ثالثا: عندما جاء مصطفى كمال أتاتورك واختلف معه الإسلاميون، نحن قلنا إنّ الخلافة الإسلامية سقطت، ولكنهم قالوا إن الخلافة لم تسقط وإنما انتقلت وظائفها إلى المجلس الملي الكبير الذي كان يعبر عن الأمة في ذلك الوقت، بالتالي هذا أحدث جزءًا من التصالح مع الدولة، واعتبر الإسلاميون أن الدولة دولتهم، وأن وظائف الخلافة انتقلت إليها حتى لو كان كمال أتاتورك نفسه.
وهنا أشير إلى أن الوجه العلماني لكمال أتاتورك لم يظهر إلا في مرحلة متأخرة، وظل الدستور العثماني ينص على أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام، إلى قبيل وفاته بسنوات قليلة.
رابعًا: كان التيار الإسلامي فى تركيا تيارًا واعيًا في قصة عدم مواجهة الدولة أو مفاصلتها وظل هذا التيار فصيلاً داخل الأحزاب السياسية وجمعيات رجال الأعمال، وعندما أسس أتاتورك الحزب الديمقراطي، دخله الإسلاميون، ومارسوا المعارضة ضده، ولم يستقل التيار الإسلامي بحزب خاص به إلا وبعد أن رفض الحزب الديمقراطي ترشيح نجم الدين أربكان، فأسس الأخير حزب النظام الوطني، بعدها تم حله فأسس حزب السلامة، الذي تحالف مع حزب الشعب عدوه الرئيسي الذي أسسه أتاتورك.
و«أربكان» في هذا الموقف نظر إلى الجوانب المتصلة مع فكرته، فيما يتعلق بالأخلاق والحفاظ على الإسلام وعودة إذاعة القرآن، إلى أن جاء توركوت أوزال، في الثمانينيات وكان الجسر الذي عبر عليه أربكان ليؤسس حزب الرفاه الذي مهد لوصول أول رئيس وزراء إسلامي إلي السلطة، وعندما حدث انقلاب على أربكان عام 1997 كان كل الناس ينتظر أن تغرق الشوارع بالدماء كما حدث فى الجزائر، لكنه منع هذا وقال: "تلك دولتنا ونحن نعارض على أرضها، لكننا لا ندخل فى مواجهة معها".
ولم يطرح التيار الإسلامي في تركيا فى مواجهة مع التيارات الأخرى، ولم يعتبرها تيارات مارقة وعلمانية، وكانوا يفسرون العلمانية على أن المسلم لا يكون علمانيًا كفرد، وإنما الدولة يمكن أن تكون علمانية، بمعني حيادها تجاه جميع مواطنيها.
أما في مصر فلم تتوقف الدولة عن الدخول في صدام مع الإخوان المسلمين بدرجة أو بأخرى، بدءًا من عام 1942 عندما اعتقل حسن البنا لأول، مرورا بدخول الجماعة فى صدام سنة 1948 بعد حلها وقتل مرشدها، ثم سنة 1954 ، وبعدها في 1965 ، ثم في عهد مبارك، وأخيرا ما حدث بعد 30 يونيو.
بالتالي السياق المصري مختلف عن السياق التركي، وأنا نفسي عملت ورقة بحث تحدثت فيها عن موقف الإسلاميين العرب من حزب العدالة والتنمية التركي، ووجدت أن راشد الغنوشي رحب بهذه التجربة، وكذلك المغاربة الإسلاميين رحبوا بالعدالة والتنمية واستخدموا نفس شعاره ونفس الاسم، والتقاليد، والوحيدين الذين كانوا ضد هذه التجربة هم الإخوان المسلمين، لأنهم كانوا يعتبرونها تجربة لا تستحق الالتفات، وأنها تجربة علمانية، ولن تقود إلى الدولة الإسلامية، ومثل هذه الأمور بالتالي هنا فرق كبير.
قلت: "إن الإخوان يتعرضون للمحن عقب مشاركتهم في أي حدث سياسي".. فما تفسير هذا الأمر؟
جماعة الإخوان بدأت دعوية سنة 1928 ، وفي عام 1933 انتقلت إلى القاهرة وامتلكت مطبعة وبدأت في العمل الإعلامي وإصدارات مطبوعات مثل "النذير" و"مجلة الإخوان المسلمين"، و"المنار" لرشيد رضا، ثم انتقلت إلى الجامعة، وكان الناس ينظرون للجماعة على أنهم ناس متدينون وطيبون ولا أرب لهم فى الدنيا والسياسة وهذا سبب انتشارها.
دخلت الجماعة عالم السياسة في المؤتمر الخامس عام 1938، وهو عالم أكبر من حسن البنا، ومن تقديرات الجماعة نفسها للمحيط الخارج عنها، وعندما اعتزم حسن البنا ترشيح نفسه في الانتخابات، طلب منه مصطفى النحاس عدم الترشح فى مقابل مزايا معينة وافق عليها.
وفي عام 1942 قبض على البنا، هو وأحمد السكري، ومنذ ذلك الوقت بدأ حسن البنا يؤسس التنظيم الخاص، ورشح نفسه فى الانتخابات عام 1944 هو وعدد من الإخوان، وتم تزوير الانتخابات وسقطوا جميعًا، وبدأت بعدها القوى السياسية تنظر للجماعة على أنها قوة تمثل تحديًا للوفد.
وبهذه المناسبة أود أن أشير إلى أنّه كان هناك تيار داخل حزب الوفد يمثله فؤاد باشا سراج الدين متعاطفًا مع الإخوان، ويرى أنهم مهمون لمواجهة الشيوعيين والتيارات الماركسية، في مقابل تيار آخر داخل الحزب كان يرفضهم.
لذا كلما كانت الجماعة تقترب من السياسية، كلما كانت تفتح على نفسها باب محنة، لأنها دخلت في عالم لا تملك مفاتيحه وحدها، وبعد حل الجماعة ومقتل حسن البنا واختيار المرشد الجديد، أعيدت الجماعة مرة أخرى، وكان للإخوان علاقة بحركة الضباط الأحرار، حيث لعبت دورا كبيرا فى تأمين انقلاب الضباط، وعندما بدأت تدخل عالم السياسة دخلت في محنة 1954 .
عقب الانتكاسات الكبرى كثيرا ما يطلق مصطلحات قبيل نهاية التاريخ.. فهل نحن أمام ما يسميه البعض "نهاية الإسلام السياسي"؟
لا أعتقد ذلك، فالإسلام السياسي كقوة موجود طبعًا في المجتمع ولديه برنامجه، ومسألة نهايته كلام غير صحيح، ولكن أمامه تحديات، ولديه أزمة، بالتالي نحن أمام احتمالات شكل جديد من أشكال هذا التيار، بمعنى أن هناك اجتهدًا جديدًا مفروضًا عليه.
وأرى أن تيار الإسلام السياسي يحتاج إلى إعادة تعريف ذاته، لأن التعريف القديم لم يعد ملائمًا له، ويجب على تلك التيارات سواء كانت الإخوان أو الجماعة الإسلامية، أو السلفية الجهادية التى تواجه مأزقًا فى الموصل والرقة، أن تحدد موقفها من العالم والعصر، والتنظيمات السياسية، والسلطة، والموقف من تجربة العنف والمواجهة مع الدولة.
كيف تقيمون ما يثار من وقت لآخر حول مراجعات لجماعة الإخوان؟
الجماعة تواجه أزمة، وهناك مراجعات فردية موجودة، وهناك نقد للقيادات التاريخية القديمة، ومطالب متصلة باللائحة، وأخرى بضرورة وجود رقابة من مجلس الشورى على مكتب الإرشاد، ومطالب بتمكين الشباب والمرأة، كل هذه المطالب يطرحها التيار الثوري الذي تمثله جبهة محمد كمال، في المقابل يرفض التيار القديم هذه المطالب ويرى أنه من يمثلون الجماعة، وأن القيادات لازالت مسجونه، ولم تحدث بعد انتخابات، بالتالي هذا وجه من أوجه الصراع داخل الجماعة.
ومن خلال إطلاعي على تاريخ الإخوان توصلت إلي أن التعديلات وضرورة وجود المراجعات تطرح فى سياق صراعي، فعلى سبيل المثال المجموعة التى انشقت عن المرشد في الخمسينيات، وضمت الشيخ الغزالي، والسيد سابق، وأحمد عادل كمال، كان جزء من مطالبها تعديل اللائحة، وإجراء مراجعات وتحديد الموقف من الدولة، وتغيير اسم الجماعة، وكل هذا الكلام طرح فى فترات مختلفة كلما كانت تواجه الجماعة أزمة.
ما تقييمك للجنة المراجعات التي شكلها مستشار الرئيس الأمني؟، هل أعضاؤها قادرون على إقناع الشباب؟
هذه بداية جيدة، ولكن أرى أن اللجنة تحتاج لهيئة أوسع يضاف إليها آخرين، وأن تذهب بورقة معده سابقا للحوار مع هؤلاء الشباب، وكنت أفضل ألا يشرف على هذه اللجنة مستشار الرئيس الأمني فقط ، بل نفتح المجال لمستشارين آخرين للرئيس كمستشاره السياسي مثلا، ونوسع المجال لضم خبرات مراجعين آخرين كـ"ناجح إبراهيم"، و"مش معقول أن نبيل نعيم هو لوحده اللى هتختاره من كل الناس"، وأري أن وجود كلا من الدكتور مصطفى الفقي، والدكتور قدري حفني عالم النفس، والمراكز القومية للبحوث الجنائية ضمن اللجنة أمرا مهما.
"المصالحة بين الإخوان والسلطة" تثير جدلا عنيفا ما بين الرفض والقبول .. فكيف تنظر لهذه الدعوات؟
الرئيس السيسي تحدث عن هذه القصة وقال إننا نقبلهم كأفراد، وكذلك مجدي العجاتي، والتيار التقليدي داخل الإخوان يبعث برسائل للدولة حول أنهم ملتزمون بالطابع الإصلاحي والسلمي للجماعة، في مواجهة تيار آخر يتحدث عن الثورة واحتمالات العنف وغيره، ولكن حتى الآن فكرة المصالحة غامضة وتستخدم كجس نبض، ولكن لا يوجد شيء واضح، ولا تزال هناك قيودًا داخل الإخوان والدولة على هذا الموضوع ، وخير دليل على ذلك أنه عندما تطرح مبادرة للصلح يخرج الإعلام في الطرفين ويهاجم هذه المبادرة.
لكن فى الدستور كلمة مهمة جدا يمكن استخدامها للاقتراب من هذه القضية، وهي فكرة العدالة الانتقالية، يمكن أن يكون جسرا لاستيعاب المظالم المختلفة، واعتراف جميع الأطراف بأخطائها، والوصول إلي صيغة تطوي هذه الصفحة المريرة وتفتح بابا لموقف يكون به قدرا من العدل.
إلى أي مدي تعتقدون أن تيار العنف بات قويا ومؤثرا داخل جماعة الإخوان ؟
لا شك أن قطاع كبير من شباب الإخوان تأثر بالفكر السلفي الجهادي، واعتبر هؤلاء الشباب سلمية الجماعة هذه سلمية تعبر عن تخاذل، وبدأت تعمل بمفهوم أقرب للسلفية الجهادية، ولذا ظهر على السطح كتائب حلوان والمقاومة الشعبية، ولواء الثورة، وحسم، وبالفعل هناك تيار عنف داخل الجماعة، لكن هذا التيار لن تستطيع أن يحسم موقفا داخل الجماعة، وإنما سينفصل عنها ويخوض طريقه، ولن تقبله الجماعة داخلها، وسيكون أشبه بشباب محمد في فترة الثلاثينيات.
لماذا تنحصر اجتهادات معظم الإسلاميين ما بين الخروج المسلح أو القعود الخامل، فيما تغيب الاجتهادات الفقهية حول المعارضة السلمية والتدافع المدني؟
هذه تجربة الإسلام المواجه التى تقوم على العزلة الشعورية واعتبار الدولة جاهلية، ووصم التاريخ الإسلامي بأنه لا يعبر عن الإسلام.. "حسن البنا قال للناس كل واحد يعمل مشروعه الخاص ومتشتغلوش موظفين فى الدولة".. وطالما أنت معزول داخل تنظيم فهذا يحرمك من الانتشار داخل المجتمع واعتبار نفسك جزء منه.
للأسف الحركة الإسلامية تنظر إلى نفسها وكأنها أعلى من مجتمعها، وتتصرف بديلا عنه، وتعمل على خلق جيل من الشباب فكرة الجهاد هي الأساسية عنده، لذا عندما تشتد هذه التنظيمات تجدها تطالب بالخروج المسلح على الدولة، وبالتالي إذا دخلت فى مغامرة غير محسوبة مع الدولة على طول تنتج حالة خمول وقعود، ولذلك من المهم التأكيد على فكرة الخروج السياسي الذي لا يستخدم العنف، وإنما يستخدم فيه أدوات السياسة من مظاهرات وخلق الوعي، والأحزاب السياسية، والتظاهرات العامة التي يكون بها قطاعات كبيرة من الشعب.