قال الدكتور خالد عزب رئيس قطاع المشروعات بمكتبة الإسكندرية، إن الإسكندرية ليست ملحق للقاهرة، وتستحق أن يكون قرار تنظيم معرض للكتاب في المدينة نابعا منها، لا أن يتخذ في القاهرة، لذلك جاء قرار ضم معرض الكتاب ليكون تحت مظلة مكتبة الإسكندرية.
وأكد في حوار خاص لـ"مصر العربية"، أنه لا يوجد محاذير على اختيار الشخصيات التي تستضيفها مكتبة الإسكندرية، مضيفا أن آخر مقتنيات المكتبة نسخة من أرشيف الصوفي أبو طالب رئيس مصر السابق والذي تولى الرئاسة بصفة مؤقتة عقب رحيل الرئيس الراحل أنور السادات.
وأضاف أن المكتبة ستبدأ حملة لدعم مكتبة"آشور بني بال" بالموصل في العراق عقب تدميرها من قبل داعش ومدها بألف نسخة إضافية من الكتب.
ما أسباب ضم معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب لمعرض الهيئة العامة بالإسكندرية؟
دائما ما نجد تفكير لدى الهيئة العامة للكتاب الإسكندرية ملحق على القاهرة، وهي فكرة لم تعد تناسب الحياة الثقافية بالإسكندرية، بعدد سكانها الذي يزيد عن 6 مليون نسمة، وبها حراك ثقافي ضخم، وتضم عدد من المثقفين والمفكرين يستحقوا أن يكون لديهم معرض دولي للكتاب يعمل لخدمتهم، وفكرة الإعلان عن معرض بالإسكندرية امتدادا لمعرض القاهرة تحتاج للمراجعة، وهذا هو السبب وراء تنظيم المكتبة لمعرض سنوي يحمل اسم مدينة الإسكندرية.
ورأينا ضرورة التنسيق بين أجهزة الدولة المختلفة للعمل مع بعضها، وأن الإسكندرية ليست ملحق للقاهرة، وتستحق أن يكون قرار تنظيم المعرض نابع من مدينة الإسكندرية، لا يتخذ في القاهرة.
هل يعني ذلك أن ضم المعرضين ليس له علاقة بالميزانية؟
الموضوع متعلق بأن المصريين اعتادوا على مركزية القرار، الثقافة، ومركزية كل شيء، هل تتخيلي أن معرض ميلانو الدولي للكتاب ينظم في روما مثلا؟ وهو من أكبر المعارض الدولية ينظم في ميلانو من المؤسسات الثقافية في ميلانو وترعاه إحدى الشركات الموجودة في المدينة، ونسعى لعمل تحول في طبيعة الثقافة في مصر وهو تحول جيد، في السنوات القادمة سنجد أهل كل محافظة يقومون بتنظيم الحراك الثقافي فيها، خاصة أن وسائل التواصل الاجتماعي هدم فكرة مركزية الإعلام، فحجم علاقتنا عبر معرض الكتاب من خلال "السوشيال ميديا" علاقات قوية جدا، تجعلني لست بحاجة لمحطات التلفزيون في الدعاية الخاصة بمعرض الكتاب"الفيس بوك وتويتر" يكفيني لجذب الجمهور لمعرض الكتاب.
النقطة الثانية أن الناس اعتادوا على إحضار مثقفين من القاهرة لعمل ندوات بالإسكندرية، بينما استطيع أن أقدم مثقفين من الإسكندرية يستطيعون أن يجذبوا الجمهور، ويقيموا نشاط ثقافي في المعرض ويطعموا بأدباء ومثقفين من المحافظات الأخرى، فهذا العام لدينا أدباء من دمياط يستحقون أن نلتفت إليهم، حتى لا نجد أديب من أسيوط أو دمياط حصل على جائزة دولية في يوم ما دون أن تعلم الصحافة في القاهرة شيء عنهم.
كم تبلغ ميزانية معرض الكتاب؟
معرض الكتاب يمول نفسه بنفسه، وهو ما نجحت فيه المكتبة، فإيرادات معرض الكتاب تموله، وميزانية المعرض"صفر"، وذلك هو النجاح الحقيقي طوال 13 عام، وفي بعض الأحيان يكون هناك فائض في الموازنة.
هل اختلف الأمر هذا العام عقب الشراكة مع الهيئة العامة للكتاب؟
لا، لأن الشراكة الجديدة هي شراكة في التقسيم وليست شراكة متداخلة، فالشراكة المتداخلة تحتاج وقت من الزمن، خاصة أن الشراكة مع هيئة لها طابع حكومي، والهيئات الحكومية لها درجة من درجات البيروقراطية لا تتمتع بديناميكية المكتبة.
ذلك يعني أن المكتبة سنت سنة جديدة لخلق حراك ثقافي داخل المحافظات؟
هناك بعض المحافظات بها حراك ثقافي موجود بالفعل، فالمنصورة مثلا بها حراك ثقافي ليس له صدى في القاهرة لكن له صدى على الصعيد العربي، والمؤسسات الثقافية لابد أن تستجب للمتغيرات الحديثة في الشارع الثقافي والمجتمع وإلا أصبحت مؤسسات منعزلة فمكتبة الإسكندرية مؤسسة غير منعزلة.
في رأيك هل ضم معرض الكتاب لمعرض مكتبة الإسكندرية يفيد الجمهور السكندري بشكل أكبر؟
هي تجربة ستخضع للتقييم بسلبياتها وإيجابياتها ومدى قدرة الطرفين على التعاون، ولا يوجد تجربة دون سلبيات وإيجابيات.
ما هي مشروعات المكتبة الخاصة بالدول العربية؟
حاليا لدينا مشروع تم عرضه على وزير الخارجية، ووافق عليه وهو أن المكتبة ستهدي جامعة الموصل، بالعراق وخاصة مكتبة آشور بني بال وهي واحدة من أقدم المكتبات في العالم وعصر على ركم طينية عليها فهارس كتب في الموصل بنينوى، خاصة بهذه المكتبة وهي محفوظة في المتحف البريطاني حاليا، وجرت محاولات في عصر الرئيس السابق صدام حسين، لإعادة إحياء المكتبة، وتعثر هذا المشروع في ظل الحصار الاقتصادي على العراق.
وجرت في 2010 محاولات لإحياء المشروع مرة أخرى، وقدمنا خلالها الدعم لكلية الآثار بجامعة الموصل، على الصعيد العربي وتم إهداء المكتبة 20 ألف كتاب من مثقفين عرب، ومكتبة الإسكندرية ومؤسسات ثقافية عربية، ولكن للأسف داعش دمرت ما عثر عليه من كتب داخل المكتبة، وحاليا تواصلنا مع المسئولين في جامعة الموصل وخاصة الدكتور علي الجابوري، وتمت الموافقة مؤخرا في مكتبة الإسكندرية على إهداء "آشور بني بال" ألف كتاب إضافية، وسنبدأ خلال 2017 حملة لدعم مكتبة آشور بني بال مرة أخرى وتعويضها عما فقدته بسبب داعش.
ماذا عن مشروعات المكتبة في محافظات مصر؟
لدينا عدة مشروعات في محافظات مصر، لكن أهمها مشروع سفارات المعرفة، وهي عبارة عن غرفتين كبار في كل جامعة إقليمية تهدف لتقديم خدمات مكتبة الإسكندرية للطلاب مما يساعدهم على عمليات البحث العلمي، كذلك نقيم ما يسمى دورات الثقافة الإسلامية في كل أنحاء مصر والهدف منها تقديم إجابات للأجيال الجديدة حول ماهية الإسلام، فإذا لم يجدوا إجابات في صورة مقنعة سيتوجهون للجماعات المتطرفة، وذلك يسمى برنامج المجابهة الفكرية للتطرف والإرهاب، وهو ممتد رغم محدودية الموارد المخصصة له، ونأمل في الحصول على دعم إضافي في المستقبل القريب لتوسيع هذا البرنامج.
متى بدأ هذا البرنامج؟
بدأ في أواخر عام 2015 ومازال ممتد، عملنا في أسيوط، الأقصر، البحر الأحمر، بورسعيد، القاهرة، وكفر الشيخ، وسنعمل الفترة القادمة في محافظة البحيرة، المنيا، سوهاج، الزاوية الحمراء، كرداسة، ناهية، وهي المناطق الحقيقية، الظن إن المناطق العشوائية تخلو من الشباب الذكي والمبدع هو ظن خاطئ، والظن أن الفقر وحده هو طريق التطرف ظن خاطئ، فالشاب الذي يفكر، ويبحث ويطرح الأسئلة إن لم يجد إجابات مقنعة، سيكون متطرف، وإذا وجد ما يحميه ويحصنه ستكون الخطة مختلفة.
هل أثبت البرنامج نجاحه خلال هذه الفترة؟
البرنامج بدأ بحوالي 30 شاب، وصلنا في الأقصر لحوالي 150 شاب، مسجلين برغبتهم، فأهم شيء في هذا البرامج أنه يتم الإعلان في المدينة ونختار شريك، فبعد عدة تجارب، مع عدة شركاء نفضل العمل مع الجامعات داخل الجامعة، ونفضل العمل مع مكتبات مصر العامة، والتي تتميز بدرجة من المرونة كبيرة جدا عن درجة قصور الثقافة في التعامل معنا في مثل هذه الموضوعات، ونتواصل مع المجموعات الشابة داخل المدينة، ونعلن على صفحات التواصل الاجتماعي، ويبدأوا بالتسجيل، فأنا لا أجبر أحد أن يأتي، فهم لديهم تساؤلات، وحين نعلن أن هناك دورة للثقافة الإسلامية يأتي الشباب، ونحن نفرق بين الدين الإسلامي، الثقافة الإسلامية، والتدين، ونحن نقيم الدورة على تساؤلاتهم مما يؤدي إلى الإجابة عليها وبناء تصورات حولها.
لماذا لا يسمح للباحث بنسخ أكثر من 5% من الكتاب الموجود في المكتبة؟
لدينا دوريات رقمية في كل التخصصات على الأجهزة الموجودة في القاعة الرئيسية في المكتبة، ويحكمنا اتفاقات مع أصحاب هذه الدوريات، فلا يحق لأي باحث أن ينسخ أكثر من 5% من أي كتاب، لكن من الممكن أن ينسخ بحث كامل موجود في دورية، لكن كتاب موجود على الأرفف لا يمكن تصوير أكثر من 5% منه، فأنا محكوم بقواعد وقوانين، أعطوا لي قانون يخرق ال5% وأنا على استعداد أن أصور له الكتاب بأكمله، فالأزمة ليست لدى المكتبة، الأزمة في القانون، والناشر الذي لا يسمح لي بغير ذلك وأنا مؤسسة ملتزمة بالقوانين ولا يمكن أن أخرقها.
ما هي المشروعات الجديدة الخاصة بذاكرة مصر المعاصرة؟
لا يوجد عمل يخلو من فكرة التجويد أو لا يخضع للمراجعة، فحاليا نحن نراجع ونجود موقع ذاكرة مصر، كما أننا سنمد الموقع حتى 2014، فالموقع يتوقف عند 1981، وهو ما أصبح تاريخ، فسنعمل في الفترة ما بعد 1981 وحتى 2014، لن يتم ذلك على مرحلة واحدة، لكن على الأقل سنضع فيها مواد تستكمل هذا التاريخ، فإذا مر زمن أكثر سنفقد هذا التاريخ ولن نضعه بصورة متكاملة.
حدثناعن آخر ما حصلت عليه المكتبة من وثائق؟
آخر ما حصلنا عليه ما يخص الفنانة فاتن حمامة، والصوفي أبو طالب، فأسرة الصوفي أبو طالب وافقت لمكتبة الإسكندرية للحصول على نسخ كاملة من أرشيفه بوصفه ، الرئيس الذي شغل منصب رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة ما بين الرئيسين محمد أنور السادات ومبارك، وكان رئيس مجلس الشعب المصري، على أن يتم ذلك في القريب العاجل.
هل هناك محاذير في اختيار الشخصيات التي تستضيفها المكتبة؟
لا يوجد محاذير، ونحن نستضيف من نريده من أشخاص، لكن الامر يتم في إطار برامج وخطط، فبالتالي أنا لم استضف شخص ما لأنه غير مناسب لخطتي، المسألة بسيطة.
لكن الدكتور عصام حجي أعلن قبل ذلك عن إلغاء محاضرته بالمكتبة لأسباب أمنية؟
هذه الواقعة سأراجع فيها، المركز المختص، لكن لا يوجد محاذير.
من اختار إيطاليا كضيف شرف المعرض؟ولماذا؟
نحن أصحاب الاقتراح، وذلك لأننا نعمل مع الجانب الإيطالي منذ افتتاح المكتبة، والجانب الإيطالي أهدى مكتبة الإسكندرية"فاترينات" متحف المخطوطات، وقدم منح لباحثي المكتبة للحصول على الماجستير والدكتوراة من الجامعات الإيطالية، لدينا تواصل مع مراكز بحثية إيطالية، فحان الوقت لأن نستضيفها، وقد استضفنا فرنسا قبل ذلك، فما يمنعنا من استضافة جارتنا إيطاليا؟
البعض يقول أن الاختيار جاء كمحاولة لتحسين الوضع السياسي بعد حادثة ريجيني؟
العلاقة بين مكتبة الإسكندرية والمؤسسات الإيطالية ليس لها علاقة بالسياسة، فالعلاقات مستمرة ولم تتوقف.
هل هناك برنامج للاحتفال بمرور 15 عام على إنشاء المكتبة؟
أنا لا أقول أنها احتفالية، بل أطلق عليها وقفة مع النفس بعد مرور 15 عام، فنحن نقوم بعمل تقييم شامل للمؤسسة كل 5 سنوات، وذلك يترتب عليه حذف بعض الأشياء وإضافة غيرها، وتوقف برامج والاستمرار في غيرها، وبرامج جديدة سيتم إعلانها وهي طبيعة المؤسسات ذات الديناميكية، فما يمنع أن نقوم بعمل مراجعة شاملة.
هل هناك خطط ومشروعات للمكتبة في الفترة القادمة؟
نعم هناك خطط ومشروعات، تترك لمدير المكتبة القادم.
ما أوجه التعاون لدعم القطاع الأثري من قبل المكتبة؟
أقمنا دورات تدريبية كثيرة للعاملين في الآثار، ولدينا تعاون مع وزارة الآثار على مستويات متعددة، وخلال الفترة القادمة سيكون هناك نوع من أنواع الدعم الإضافي على كل المستويات، ونحضر لمفاجأة كبيرة سنعلنها الصيف القادم متعلقة بعلم المصريات في مصر.