الشيخ كشك في عيون أئمة الأوقاف.. عالم دين أم خطيب سياسي

الشيخ كشك

تباينت ردود أفعال عدد من أئمة وزارة الأوقاف حول هجوم الدكتور أسامة الأزهري، المستشار الديني لرئيس الجمهورية، على الشيخ عبد الحميد كشك، واتهامه له بأنه ظاهرة هائلة من الهياج والصياح والتعليق السطحي المبتذل على أمور المجتمع.

 

ولم يكتف الأزهري بهذا بل قارن الشيخ كشك بالشيخ محمد متولى الشعراوي، قائلا: ""أين كشك من أداء الشيخ الشعراوي الذى ظل 20 عامًا يفسر القرآن الكريم، وكون قاعدة شعبية قوامها 30 مليون"، مؤكدا أن الأول لم يكن لديه مدرسة علمية، فيما لازال الملايين يتعلمون من مدرسة الشعراوي فى التفسير حتى أيامنا هذه.

 

واختلف أئمة الأوقاف حول هذه التصريحات، ففى الوقت الذي أيد فيه البعض موقف أسامة الأزهري مؤكدين أنه أصاب كبد الحقيقة، وأن خطب كشك ساهمت فى نشر فتاوى التكفير والعنف واعتناق فكر الخوارج. أوضح آخرون أن الأزهري أخطأ عندما تحدث عن فارس المنابر بهذا الشكل، مؤكدين أن كشك كان مدرسة فى الخطابة وأنهم تعلموا منه الكثير والكثير.

 

بدوره وصف الشيخ قرشى سلامة، ما قاله الأزهري بالفتنة نائمة، وذكر أن الشيخ كشك له وعليه كأي إنسان آخر، ولكن ما قاله الدكتور أسامة لا يليق، وأنه فتح الباب على مصراعيه لمرضى القلوب كى يقعوا فى الشيخ كشك وغيره، ومجتمعنا ليس فى حاجة إلى جدال وتفرقة وانقسام.

 

بينما قال الشيخ عاطف أبو طالب،: "اتفق أو اختلف مع طريقة الشيخ كشك الدعوية، ولكنه رحمه الله لم يكن منافقًا ولم يأكل على كل الموائد، ولم يذل للحكام كحال كثير من علماء اليوم".

 

أما الشيخ محمد ماهر، فقال: "إن الشيخ عبدالحميد كشك كان مدرسة في الخطابة تعلمنا على يديه الكثير والكثير رغم بعض مآخذ الانتماء، ولكنه رجل مفوه مؤثر فى النفوس، والدكتور أسامه الأزهري رجل علم ودين كان ﻻ ينبغي أن يخوض فى رجل قد مات وترك تركة من الخطابة أحبها المجتمع كله، وكان ينبغي عليه أن يأخذ بمبدأ العلم رحم بين أهله".

 

وافقه الرأي الشيخ مصطفى محمد، الذي قال :" ليس من النبل انتقاد إنسان لا يستطيع الرد، فضلا عن الدفاع عن نفسه.. ولذا أرى أن كلام الأزهري سيذهب أدراج الرياح.. أما الشيخ كشك يكفيني تعلمي منه طريقة الأداء الخطابي الرائع".

 

واتهم الشيخ طه بدران، الدكتور أسامة الأزهري بأنه أخطأ خطأ جسيما، لافتًا إلى أن الشيخ كشك له مدرسة علمية تنتمي للأزهر، وله مؤلفات تدل على منهجه الأزهري وعلمه الغزير، وأما الحديث في السياسة واستخدام الدعابة في بعض الأحيان لإيصال المعنى، والتعبير عن حال مصر فهذا يجعله من صفوة الخطباء، وحديثه في السياسة لا يطعن في علمه، وإنما يدل على صدقه مع الله أولا والناس ثانيا"- حسب قوله-.

 

ويعتبر الشيخ عبد الحميد كشك الملقب بـ"فارس المنابر"، والمولود في 10 مارس 1933 بمدينة شبراخيت محافظة البحيرة أشهر خطباء القرن العشرين، حتى إن البعض وصفه بأنّه عدوية الدعوة الإسلامية.

 

ولم يولد الشيخ عبدالحميد كفيفا وإنما ظل مبصرًا حتي السادسة من عمره إلا أنه أصيب برمد صديدي، وأتم حفظ القرآن الكريم وهو صغير، بعدها التحق بالمعهد الديني بالإسكندرية، وحصل على الشهادة الثانوية الأزهرية، وكان ترتيبه الأول على الجمهورية، ثم التحق بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، وكان الأول على دفعته طوال سنوات الدراسة، وعُين معيداً بكلية أصول الدين بالقاهرة عام 1957م، ولم يدرس إلا محاضرة واحدة للطلاب بعدها رغب عن التدريس في الجامعة.

 

ارتقى منبر المسجد في قريته وهو في سن صغيرة عندما تغيب خطيب المسجد، فخطب في أهالي قريته وطالبهم بالمساواة والتراحم وطالب بالدواء والكساء لأبناء القرية، الأمر الذي أثار انتباه الناس إليه.

 

عين "فارس المنابر" إماما وخطيباً بمسجد الطحان بمنطقة الشرابية بالقاهرة، ثم مسجد منوفي بالشرابية، وفي عام 1962م تولى الإمامة والخطابة بمسجد عين الحياة، بمنطقة حدائق القبة بالقاهرة، وظل يخطب فيه قرابة عشرين عامًا.

 

وخاض "خطيب الغلابة" معارك على المنابر لا تعد ولا تحصى مع مسؤولين وفنانين وغيرهم، منهم جمال عبد الناصر وأنور السادات وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ.

 

اعتقل الشيخ كشك، مرتين الأولى عام 1965 ومدتها عامين ونصف، والثانية كانت عام 1981 بعد هجوم السادات عليه في خطاب 5 سبتمبر، ورغم الإفراج عنه عام 1982 إلا أنه منع من الخطابة و إلقاء الدروس.

 

طُلِب من الشيخ كشك أن يترك مصر وأن يسافر إلي إحدى الدول العربية التى طلبته بالاسم إلا أنه رفض، واعتبر الخروج من مصر هروبا من ميدان الدعوة.

 

وكشفت الكاتبة سناء البيسي، في مقال لها نشر بجريدة الأهرام عام 2009 ، أن الشيخ كشك لم يكن مجرد ظاهرة صوتية‏، بل عالم له أكثر من ‏115‏ كتابا أهمها تفسير القرآن الذي أودعه الشيخ خلاصة فكره ودعمه بالأبحاث في كل المجالات التي لها صلة بمعاني الآيات‏،‏ وإن كانت معظم كتبه الأخرى هتافات وشعارات لكونها مجرد تفريغ لشرائط الخطب التي كان يلقيها الشيخ بين هتافات المستمعين.

 

وفسرت تعلق الناس بصوته بأنه لم يكن مجرد واعظ مصري يجيد السيطرة على مشاعر مستمعيه، وإنما كان شخصية لها مكانتها في العالم العربي والإسلامي حتي إن تسجيلاته انتهت من داكار وطهران وبنجلاديش و إسطنبول إلى بيروت والمغرب ودول الخليج في حين أفرغت لتغدو كتبًا معروضة في لندن وباريس‏.

 

وأضافت: "ودخل كشك بأشرطته المبرمجة والمفرغة قائمة ملوك الواجهة في عروض مهرجانات الكتب جنبًا إلى جنب مع أيام طه حسين‏،‏ وعبقريات العقاد‏،‏ وأهل الكهف لتوفيق الحكيم‏،‏ وثلاثية نجيب محفوظ‏، وحول العالم في‏200‏ يوم لأنيس منصور‏، والحسين شهيدا للشرقاوي ومن هنا نبدأ لخالد محمد خالد وأرخص ليالي ليوسف إدريس"‏.‏

مقالات متعلقة