قرار تحرير سعر الصرف كان أحد أهم أسبابه القضاء على ظاهرة الدولرة والمضاربة على الدولار وإلغاء وجود سعرين للعملة الأمريكية الذي كان عائقًا كبيرا أمام بناء احتياطيات من العملات الأجنبية لجذب الاستثمار الأجنبي.
إلا أنه وبعد مرور أكثر من خمسة أشهر فإنه لا تزال السوق السوداء لها سعر مختلف ما جعل صناديق استثمار عالمية تستبعد قدوم استثمارات أجنبية عاجلة لمصر رغم التعويم، لافتة إلى أن الاستثمارات تعاني مشاكل عدة داخل السوق المصرية، من بينها اضطرابات سوق الصرف وتفاقم مشكلة السوق السوداء للعملة، بحسب «رويترز».
هانى برزى، رئيس مجلس إدارة شركة إيديتا للصناعات الغذائية، قال إن الشركة لن تضخ أى استثمارات جديدة في السوق المصرية خلال العام الحالي 2017، مضيفًا: «القرار يرجع إلى عدم وجود رؤية واضحة فى السوق حاليا إلى جانب المشكلات الناتجة عن التعويم.
وأضاف «برزي» في تصريحات صحفية، أن حجم استثمارات الشركة يقدر بـ 450 مليون جنيه، كما يبلغ إنتاجها السنوى 2.5 مليار تمثل الصادرات منها 7%، مشددا على اهتمام الشركة بمواصلة الاستثمار في مصر السنوات المقبلة بصفتها سوقا كبيرة لا يستطيع أحد أن ينكر أهميتها.
وكان «برزي» قد أكد أن شركات الصناعات الغذائية تمر بتحديات كبيرة ويجب أن نركز على الدراسات والأبحاث لتقديم منتجات ذات جودة عالية للمستهلك، مقابل المال، خاصة بعد التعويم، واصفًا التحديات القائمة بالثقيلة والكبيرة، كما أنها تحتاج إلى حلول جديدة للخروج من عنق الزجاجة.
وفي تصريحات سابقة، لـ«مصر العربية»، قال الدكتور مصطفي النشرتي، الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل والاستثمار، بكلية الإدارة بجامعة مصر الدولية، إن تعويم الجنيه في مصر، بهدف زيادة الاستثمار يعد وهما كبيرًا، مؤكدًا أن الصادرات لن تدخل السوق العالمية إلا طبقًا لجودتها وليس بحسب خفض الجنيه.
وأضاف «النشرتي» أن الاستثمار المباشر الموجود في مصر 25% منه مختص بالغاز الطبيعي و25% ينسب للعقارات، بجانب نسبة كبيرة للخدمات المالية والبنوك بصفة عامة، أما عن الاستثمار الخاص بالصناعة فلا تتعدى نسبته الـ6%، مؤكدًا أن «سعر الصرف غير مؤثر بالمرة على الاستثمار».
وكشف أستاذ التمويل والاستثمار، أن التعويم كان الهدف منه توحيد سعر الدولار والقضاء علي السوق السوداء، مشيرًا إلى أن ضوابط وشروط البنوك في تغير العملات هي الأساس في فشل خطة التعويم في الوقت الذي توفر فيه السوق الموازي تغيرها بدون أي ضوابط، قائلًا: «مخدناش من التعويم غير غلاء الأسعار».
وقبيل تحرير سعر الصرف بيومين، أصدر المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي 15 قرارًا، لإزالة المعوقات أمام الاستثمار، وتتلخص أغلبها في تخفيض الضرائب ومنح لتشغيل المصانع المتوقفة وطرح أراض بأسعار مخفضة.
عدم استقرار سعر الصرف، أثر بشكل سلبي على العديد من القطاعات، توكيلات السيارات على سبيل المثال، وقال مدير توكيل «بريليانس»، خالد سعد، إن الشركة أجلت بدء تجميع موديلاتها محليًا للمرة الثانية إلى نهاية عام 2017 وذلك بعد أن كان مقررًا لها بدء التجميع منتصف العام الحالي.
وأضاف سعد في تصريحات سابقة لـ«مصر العربية» أن أسباب تأجيل تجميع موديلات الشركة هي عدم استقرار سعر الدولار وبالتالي عدم استطاعة تحديد سعر استيراد المكونات من الخارج بشكل نهائي.
من جانبه، رأى ضياء الناروز، الخبير الاقتصادي، أن هروب الاستثمارات في الآونة الأخيرة أمر طبيعي، في ظل حكومة ليس لديها رؤية، وإدارة اقتصادية متخبطة وقرارات عشوائية ومتضاربة.
وأضاف في تصريحات لـ«مصر العربية»، أنه لا يخفى على أحد القول المشهور «رأس المال جبان»، كما أن المستثمر سواء كان أجنبيا أو محليا يسعى إلى تحقيق أقصى عائد على استثماراته، وهذا بلا شك غير متوافر في ظل هذا المناخ الاستثماري «الضبابي» الذي تعيشه مصر في السنوات الأخيرة.
وتابع: «من يتحدث عن استثمارات جديدة، من يتحدث عن تحسن المناخ الاستثماري، إما جاهل وإما مستفيد من الوضع الكارثي الذي يعيشه الاقتصاد المصري»، مضيفًا: «الوضع الاقتصادي في مصر لا يخفى على أحد، ولايحتاج إلى ارتداء نوع خاص من النظارات، لكن المسؤولين في مصر في وادٍ آخر».