شدد مسؤولون إثيوبيون على أن سد النهضة يمثل "مشروعا سياديا قوميا"، مشيدين بـ"الفوائد الكثيرة" المنتظرة من السد، ولا سيما على صعيد توليد الطاقة الكهربائية بما يعزز النمو الاقتصادي، فضلا عن توثيق العلاقات مع دول الجوار عبر الربط الكهربائي المأمول، ومعتبرين أن فوائد السد ستشمل دولتي المصب، مصر والسودان.
ولمدة أسبوعين احتفلت إثيوبيا، رسميا وشعبيا، حتى أول أمس الأحد، بالذكرى السنوية السادسة لبدء إنشاء السد، المقرر اكتماله في يوليو المقبل، وسط آمال بأن يحقق الاستفادة القصوى من الموارد المائية، ويساعد في توجه أديس أبابا الاستراتيجي نحو القضاء على الفقر، في البلد الواقع شرقي إفريقيا، والذي تجاوز عدد سكانه الـ102 مليون نسمة.
** فوائد كثيرة
وقال مسؤول الأنهار العابرة في وزارة المياه والكهرباء الإثيوبية، "تشومي أطنافو"، في تصريحات للأناضول، إن "بناء السد مسألة سيادية لنا.. وهو أمر موضح في اتفاق إعلان المبادئ، الذي تم توقيعه بين قادة إثيوبيا والسودان ومصر، في الخرطوم، يوم 23 مارس 2015".
ومشددا على عدم إلحاق السد أضرارا بدولتي المصب (مصر والسودان)، مضى "أطنافو" قائلا إن "السد مصمم لإنتاج الطاقة الكهربائية، وستكون فوائده كثيرة لكل من السودان ومصر من تزويد بالطاقة وضمان لاستمرار انسياب المياه، بجانب الربط الكهربائي مع دول، منها كينيا وجنوب السودان وتنزانيا، ما سينعكس إيجابا على تنمية الإقليم".
وتطرق المسؤول الإثيوبي إلى الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل، موضحا أن "إثيوبيا وبقية الدول الموقعة على اتفاقية عنتيبي متمسكة بالاتفاقية، التي تعيد توزيع حصص مياه نهر النيل بصورة عادلة".
وزاد بقوله: "في المقابل ترى كل من مصر والسودان أن الاتفاقية الجديدة تمس بحقوقهما التاريخية في حصتهما من مياه النيل.. دول حوض النيل تريد توزيعا عادلا للمياه كي تستفيد من مواردها".
وتمنح الاتفاقية الأولى لتقسيم مياه النيل، الموقعة عام 1959، مصر والسودان 90% من مياه النيل.
ولفت "أطنافو" إلى أن "اعتراض مصر والسودان على اتفاقية عنتيبي تسبب في تأخر تنفيذها، بجانب بعض الأوضاع في بقية دول الحوض، منها الأزمة في دولة جنوب السودان، وعدم مصادقة بعض البرلمانات على الاتفاقية.. وسنواصل جهودنا لتصبح هذه الاتفاقية سارية".
وتتخوف مصر من تأثير السد على حصتها السنوية من مياه النيل، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب، بينما تقول إثيوبيا إن السد لن يمثل ضرارا على مصر والسودان.
وتتهم مصر جارتها السودان بالانحياز إلى جارتها إثيوبيا في ملف سد النهضة، وهو ما تنفي الخرطوم صحته.
ويأمل السودان، الذي زار رئيسه، عمر البشير، إثيوبيا قبل أيام، أن تزوده إثيوبيا بالكهرباء بسعر تنافسي، بموجب اتفاق مع أديس أبابا.
** الاستفادة العادلة
من جانبه، قال وزير المياه والري والكهرباء الإثيوبي، "سيليشي بيكيلي"، في تصريحات للتلفزيون الرسمي، أمس الإثنين، إن "بناء سد النهضة يمثل تأكيدا لحق إثيوبيا في تعزيز الاستفادة العادلة من المياه".
وعن الفوائد المأمولة من السد، قالت المديرة التنفيذية لشركة الكهرباء الإثيوبية، "أزيب اسناكي"، إن "السيد سيكون مصدرا رئيسيا للطاقة الكهربائية، بما يساهم في تنمية الطاقة المستدامة، التي تطمح إليها إثيوبيا".
وتابعت "اسناكي"، في تصريحات للتلفزيون الإثيوبي، أمس، أن "السد بعد اكتماله سيساهم كثيرا في تلبية الطلب المحلي من الطاقة، وتعزيز علاقات التعاون والتكامل مع الدول المجاورة".
وحول أهمية مشروع سد النهضة، قال الرئيس الإثيوبي، "مولاتو تشومي"، إن بناء السد يمثل "أكبر دليل وشاهد على عزم الإثيوبيين على خوض معركة لا هوادة فيها ضد الفقر، لكسر أغلال التخلف والسير نحو التنمية" .
وشدد تشومي، خلال الاحتفالات، على أن "السد هو مشروع قومي وحد الشعوب والقوميات الإثيوبية"، داعيا كافة الشعوب والقوميات الإثيوبية إلى مواصلة تبرعاتهم لدعم بناء السد حتى يكتمل.
** سد النهضة
وتشيد إثيوبيا سد النهضة على نهر النيل الأزرق (أحد روافد نهر النيل)، في نهاية السلسلة الجبلية في الحدود المتاخمة للسودان، على بعد 20 كم، قرب مدينة "قوبا" في إقليم "بني شنقول" الإثيوبي، على بعد أكثر من 980 كيلو مترا من العاصمة أديس ابابا.
ويبلغ طول السد 1780 مترا، وارتفاعه 145 مترا، وهو مصمم على 16 وحدة كهربائية، قدرة كل منها 350 ميجاوات، عبارة عن 10 وحدات على الجانب الغربي من النهر، وخمس على الجانب الشرقي.
وأعلنت إثيوبيا أن إنتاجية السد من الكهرباء ستبلغ 6450 ميجاوات، وستبلغ سعته من المياه 74 مليار متر مكعب.
وتوجد في السد محطات تحويل وتحكم رئيسية للطاقة والطوارئ، إضافة إلى محطات توزيع بمقدار 500 آلف فولت.
هذه القدرات الإنتاجية والاستيعابية ستضع سد النهضة في المرتبة الأولى إفريقيا والعاشرة عالميا في قائمة أكثر السدود إنتاجا للكهرباء.
ووفقا للجدول الزمني للمشروع، من المقرر اكتمال بناء السد، في يوليو المقبل، لكن من المتوقع مد العمل في المشروع عامين أو ثلاثة أعوام إضافية، كما حدث في مشروعات مائية إثيوبية سابقة.
وانطلق العمل في السد، يوم 2 أبريل 2011، بوضع حجر الأساس من قبل رئيس الوزراء الإثيوبي (الراحل)، مليس زيناوي.
وتبلغ التكلفة المبدئية للمشروع 4.7 مليار دولار أمريكي، ويقوم على جمع تبرعات من الإثيوبيين داخل وخارج البلد الإفريقي، إضافة إلى السندات المالية، بينما المساهمة الخارجية الوحيدة في المشروع هو قرض صيني بـ1.7 مليار دولار.
وتنفذ المشروع شركة "ساليني كوستروتوري" الإيطالية، وهي صاحبة خبرة في مجال السدود والجسور،بجانب الهيئة الهندسية الإثيوبية للحديد (متك)، التابعة لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية، وتقوم بأعمال المواصفات الأمنية، وأعمال الهيدروميكنيكية، والتصاميم، إضافة إلى شركات عالمية في مجال الاستشارا.
ويبلغ عدد العاملين في مشروع سد النهضة، بحسب تصريح لمدير المشروع، "سمنجاو بقلي"، قرابة 10 آلاف شخص، بين فنين وعمال، منهم 400 مهندس أجنبي.