بعد عودة نفط أرامكو.. لماذا تصر الحكومة المصرية على استيراد البترول؟

أرامكو السعودية

خلاف سياسي بين القاهرة والرياض تبعه وقف شركة أرامكو السعودية إمداد مصر بشحنات البترول لأكثر من 5 أشهر، ما استدعى الحكومة المصرية إلى اللجوء السريع نحو طرح مناقصات بديلة لمحاولة سد العجز الناتج عن ذلك القرار.

 

وأوقفت "أرامكو" في أكتوبر الماضي بشكل مفاجئ، صادراتها من المنتجات البترولية إلى مصر، دون إبداء أية أسباب من جانب الشركة السعودية قبل أن تعلن القاهرة عودة ضخ المنتجات البترولية السعودية مرة أخرى، في نفس التوقيت الذي كانت أولى مناقصات النفط البديلة متأهبة للدخول حيز التنفيذ.

 

واتفاق أرامكو السعودية يقضي بإمداد مصر بمنتجات نفطية مكررة بواقع 700 ألف طن شهريا لمدة خمس سنوات بموجب اتفاق بقيمة 23 مليار دولار بين شركة أرامكو السعودية والهيئة المصرية العامة للبترول، خلال زيارة رسمية للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر أبريل 2016.

 

ويشمل الاتفاق أن تشتري مصر شهريا منذ مايو من أرامكو 400 ألف طن من زيت الغاز (السولار) و200 ألف طن من البنزين و 100 ألف طن من زيت الوقود وذلك بخط ائتمان بفائدة 2% على أن يتم السداد على 15 عاما إلا أنه في أكتوبر الماضي توقف الشحنات.

 

وأعلنت أرامكو أن تأجيل الشحنات كان لظروف تجارية خاصة بها في ظل متغيرات أسعار البترول العالمية وقيام السعودية بتخفيض مستوى إنتاجها من البترول، وتزامن ذلك مع أعمال خاصة بالصيانة الدورية لمعامل التكرير.

 

ودخلت مصر  في سباق مع الأيام لتوفير احتياجات السوق من مشتقات النفط والغاز، حيث سارعت وزارة البترول في طرح مناقصات بديلة عقب وقف نفط أرامكو، من أجل تزويدها بمنتجات النفط المكرر، من البنزين والسولار والمازوت لسد احتياجات السوق المحلي، والقضاء على الفجوة الاستهلاكية لقطاعات الطاقة وإمداد السوق المحلي.  

ولجأت مصر  إلى عدة دول لسد احتياجاتها النفطية بعد توقف أرامكو، وكان أبرزها الكويت والعراق.

 

وترتبط مصر باتفاق مع الكويت لتوريد 2 مليون برميل نفط خام شهريا إلى القاهرة بفترة سماح 9 أشهر قبل بداية سداد قيمة الشحنات، وهو الاتفاق الذى تم تجديده بداية العام الجاري.

 

كما تم اﻻتفاق الاتفاق مع الجانب العراقى على توريد مليون برميل شهريا، من المقرر دخوله حيز التنفيذ منتصف شهر إبريل الجاري على أقصى تقدير.

 

واليوم، وزارة البترول أعلنت تجديد عقدين تجاريين لتوريد المنتجات البترولية والزيت الخام، مع مؤسسة البترول الكويتية لمدة 3 سنوات بكميات تصل إلى حوالي مليون ونصف طن سنويا من المنتجات البترولية و 2 مليون برميل من الخام شهريا لتكريرها بالمعامل المصرية.

 

الاتفاق المصري الكويتي يشمل في مضمونه تسهيلات جديدة تم الاتفاق عليها بين الطرفين بمد فترة السماح لسداد قيمة توريد المنتجات البترولية إلى 180 يوماً بدلاً من 90 يوماً، وبالنسبة لعقد توريد الخام فتبلغ فترة السماح في السداد 270 يوماً.

 

تجديد التعاقد ضرورة

 

رئيس الهيئة العامة للبترول، المهندس عابد عز الرجال، قال إن مصر كانت في حاجة ملحة للبحث عن بديل بالتزامن مع قرار أرامكو وقف إمداد مصر بالنفط، مشيرا إلى أن وزارة البترول كانت حريصة على عدم توقف المصالح القائمة على مشتقات النفط، مثل محطات الكهرباء وتوزيع مشتقات البترول على المواطنين.

 

وأكد عز الرجال، في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن مصر لم تتسرع في عقد اتفاقيات بديلة مع الدول اﻷخرى مثل العراق والكويت واﻷردن، موضحا أن تجديد التعاقد في الوقت الحالي وخاصة بعد استئناف شحنات أرامكو يعد مزيدا من رفع درجة التأمين الاحتياطي للبترول.

 

وأوضح "عز الرجال" أن الخطة التي تسير عليها وزارة البترول في اﻵونة الأخيرة تستهدف استكمال منظومة سد العجز، والوصول إلى تحقيق الاكتفاء اﻻستهلاكي بنسبة 100%، إلى أن تنجح مصر في اﻻعتماد على المنتج المحلي.

 

ولفت "عز الرجال" إلى أن مصر لديها نسب استكشافية حديثة من المنتظر أن تساعد على تحقيق اﻻكتفاء الذاتي من الإنتاج المحلي، مضيفا أن اﻻحتياجات الاستهلاكية في تزايد مستمر نتيجة لتطلب الحاجة له.

 

وأوضح رئيس الهيئة العامة للبترول أن تجديد التعاقد البترولي مع الدول اﻷخرى ليس له أي علاقة بالتعامل مع شركة أرامكو السعودية، وغير متوقف على استئناف شحناتها لمصر، ﻻفتا إلى أن هناك خطة استيرادية تسير عليها الوزارة طبقا لمنسوب الحاجة والطلب.

 

 نسبة العجز كبيرة

 

عضو مجلس إدارة جمعية البترول المصرية، الدكتور جمال القليوبي، أكد أن لجوء وزارة البترول إلى تجديد تعاقداتها مع دول "اﻻتفاقيات البديلة" دليل واضح على حاجة مصر لتعاقدات جديدة تساهم في سد العجز المتواجد بقطاع البترول، ﻻفتا إلى أن مصر تنتج 95 ألف برميل نفط، مما يكشف عن وجود عجز كبير لديها مقارنة مع حجم اﻻستهلاك.

 

وأضاف "القليوبي" أن وزارة البترول تسعى لتنفيذ استثمارات جديدة خارجية متمثلة مع الجانب العراقي واﻷردني والكويتي والسوداني وغيرها، مضيفا أن هناك استثمارات داخلية أيضا في البحر اﻷحمر والصحراء الشرقية وغيرها، وذلك ضمن الخطة العاجلة التي تنتهجها الوزارة.

 

وأوضح أن اﻻعتماد على شركة أرامكو بدرجة كبيرة يعد خطرا جسيما في حد ذاته، موضحا أن "أرامكو" تمد مصر بنسبة تبلغ 30% من إجمالي احتياجات مصر، ولذلك وقعت مصر في مأزق عند توقف توريدات "أرامكو".

 

وأشار عضو مجلس إدارة جمعية البترول المصرية، إلى أن مصر بحاجة إلى رفع معدل شركات اﻻستكشاف، من أجل استغلال الموارد البترولية بشكل أمثل، ﻻفتا إلى أن الصحراء الغربية وحدها تم استغلا 30% من اﻻستكشاف بها، في حين أن هناك نسبة 70% لم يتم العمل عليها.

 

ضرب عصفورين بحجر

 

وفي المقابل، رأي الخبير البترولي، ونائب رئيس جامعة فاروس، الدكتور رمضان أبو العلا، أن تجديد التعاقد مع الكويت يشبه مقولة "ضرب عصفورين بحجر"، موضحا أنه في حال تخلي شركة أرامكو السعودية مرة أخرى عن توريد النفط إلى مصر فسوف تجد مصر الدول البديلة بجانبها.

 

أما في حال بقاء أرامكو على استمرارها في اﻹمداد؛ تلجأ مصر إلى توريد كميات الزيت الخام إلى معامل التكرير وتشغيلها واستخراج المشتقات البترولية وتغطية حاجة السوق المحلي ومن بعدها تستطيع مصر التصدير للخارج.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن توقيع مصر اتفاقيات جديدة ةمتعددة لن يرهق ميزانية الوزارة كما يدعي البعض، مشيرا إلى أن مصر قادة على تنفيذ عمليات التكرير داخل معاملها وتصدير الفائض من بعدها للخارج بالعملة الصعبة.

 

وأشار إلى أن تغطية واردات "أرامكو" لحاجة مصر تعد ضئيلة، وعلى عكس ما يدعيه البعض، موضحا أنها تمد مصر بـ 700 ألف طن في حين أن مصر تستورد كليا نسبة 6 مليون طن، وذلك يعادل 11% من إجمالي استيراد مصر من الخارج.

مقالات متعلقة