تحتل قضية الدين العام في مصر أهمية قصوى، في وقت تسعى فيه الحكومة الحالية لإعادة بناء اقتصادها من خلال سلسلة من الإصلاحات، من بينها خفض دعم الطاقة وتعديلات قوانين الاستثمار والقضاء على السوق السوداء للعملة.
وتستهدف مصر في العام المالي المقبل خفض الدين العام الحكومي، إلى نحو 95% -97% من الناتج المحلي الإجمالي و80% -85% على المدى المتوسط، حسب وزير المالية عمرو الجارحي.
وتشير التوقعات إلى انخفاض دين الحكومة العام من 98% من إجمالي الناتج المحلي في 2015/2016 إلى 88% من إجمالي الناتج المحلي في 2018/2019، وفق كريس جارفيس رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر.
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو حتى نهاية يونيو من العام التالي، بحسب قانون الموازنة المصرية.
ويقول جارفيس، حين وافق صندوق النقد في أغسطس الماضي مبدئياً على حصول مصر على قرض بقيمة 12 مليار دولار، أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يرعاه الصندوق يهدف إلى وضع الدين العام على مسار نزولي واضح نحو مستويات مستدامة.
وتتطلب قضية الدين العام توفير الموارد الحكومية اللازمة لذلك من ميزانيتها، وتشكل جانباً مهماً من إدارة الدين الحكومي، والموازنة العامة، وإدارة الاحتياطي من النقد الأجنبي.
وارتفعت فوائد الديون في مصر من 104 مليارات جنيه (5.77 مليار دولار) في العام المالي 2011/2012 إلى 146 مليار جنيه (8.1 مليار دولار) في العام المالي التالي، ثم إلى 173 مليار جنيه (9.6 مليار دولار) في العام المالي 2013/2014، وفقا لبيانات وزارة المالية المصرية.
وفي أول عام مالي لحكم السيسي، 2014/2015، بلغت قيمة فوائد الدين المسددة 193 مليار جنيه (10.7 مليار دولار)، وفي العام التالي 2015/2016، بلغت نحو 244 مليار جنيه (13.5 مليار دولار).
وتبلغ قيمة الفوائد المقدرة في العام المالي الجاري 2016/2017، نحو 292 مليار جنيه (16.2 مليار دولار)، ونحو 380 مليار جنيه (21.1 مليار دولار) في العام المالي المقبل 2017/2018.
ورصدت "الأناضول" في التقرير التالي، أوضاع الدين العام في مصر، استناداً إلى بيانات البنك المركزي المصري، خلال نحو ست سنوات منذ نهاية 2010، قبل أيام من اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 والتي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك وحتى نهاية 2016.
مبارك
في ديسمبر 2010، (آخر شهر من حكم مبارك)، بلغ إجمالي الدين العام المحلي في مصر 962.2 مليار جنيه (53.4 مليار دولار) بما يعادل 69.8% من الناتج المحلي الإجمالي.
وخلال تلك الفترة، بلغ إجمالي الدين الخارجي لمصر 34.9 مليار دولار بما يعادل 14.7% من الناتج المحلي الإجمالي.
وبذلك يكون مبارك، الذي أطاحت به ثورة يناير، ترك الحكم والدين العام لمصر (محلي وخارجي) يبلغ نحو 84.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
الحكم العسكري
أثناء إعلان مبارك تخليه عن حكم مصر، فوض المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد اعتبارا من 11 فبراير/ شباط 2011، وحتى نهاية يونيو 2012.
وترك المجلس العسكري إدارة مقاليد البلاد، وقد ارتفع الدين العام المحلي إلى 1.238 تريليون جنيه (68.7 مليار دولار) بما يعادل 73.9% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تراجع الدين الخارجي إلى 34.3 مليار دولار بما يعادل 12.4% من الناتج المحلي الإجمالي.
وخلال فترة الـ 18 شهراً التي تولى خلالها المجلس العسكري حكم مصر، ارتفع الدين العام (محلي وخارجي) إلى 86.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
فترة مرسي
تولى محمد مرسي، أول رئس مدني منتخب ديمقراطيا، حكم مصر بعد أول انتخابات رئاسية شهدتها البلاد في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، خلال العام المالي 2012/2013.
وفي نهاية يونيو 2013، ارتفع الدين العام المحلي إلى 1.527 تريليون جنيه (84.8 مليار دولار) بما يعادل 82.1% من الناتج المحلي الإجمالي، كما ارتفع الدين الخارجي إلى 43.2 مليار دولار بما يعادل 16.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
وخلال العام الذي حكم فيه مرسي، ارتفع الدين العام لمصر (محلي وخارجي) إلى 98.4% من الناتج المحلي الإجمالي.
عدلي منصور
تولى عدلي منصور رئاسة مصر، بعد الإطاحة بمحمد مرسي، لمدة نحو عام تقريبا، وخلال العام المالي 2013/ 2014، الذي تولى فيه منصور، الرئاسة المصرية، ارتفع الدين العام المحلي إلى نحو 1.8 تريليون جنيه (100 مليار دولار) بما يعادل 85.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي نفس ذلك العام، تدفقت مليارات الدولار على مصر في صورة مساعدات عينية ومالية وودائع لدى البنك المركزي المصري من الدول الخليجية، في مقدمتها السعودية والإمارات، ومع ذلك، ارتفع الدين الخارجي لمصر إلى 46 مليار دولار، بما يعادل 15.4% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويقدر حجم المساعدات التي حصلت عليها مصر من دول الخليج في صورة منح ومساعدات بترولية وودائع بالبنك المركزي، نحو 23 مليار دولار خلال 18 شهراً، وفق تصريحات سابقة لوزير الاستثمار المصري السابق، أشرف سالمان.
وبذلك، شكل الدين العام المصري (محلي وخارجي) نحو 100.7% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
فترة السيسي
تقلد عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر رسمياً في الثامن من يونيو 2014، بعد فوزه على منافسه الأوحد حمدين صباحي، الذي حل في الترتيب الثالث بعد الأصوات الباطلة.
وفي نهاية 2016، أي بعد 30 شهراً على حكم السيسي، ارتفع الدين العام المحلي إلى نحو 3.052 تريليون جنيه (169.5 مليار دولار) ما يعادل 94.1% من الناتج المحلي الإجمالي.
كما قفز الدين الخارجي لمصر في 30 شهراً الأولى من حكم السيسي إلى نحو 67 مليار دولار.
ويمثل الدين العام بمصر (محلي وخارجي) 131.7% من الناتج المحلي الإجمال في نهاية عام 2016.
وخلال الفترة بين ديسمبر 2016 وحتى الآن، اقترضت مصر نحو 5.5 مليار دولار، تشمل 4 مليارات دولار قيمة سندات دولية ومليار دولار من البنك الدولي و500 مليون دولار من البنك الأفريقي للتنمية.
خفض الدين
وتعتزم مصر اقتراض 9 مليارات دولار من الأسواق الخارجية خلال العام المالي المقبل (2017/2018)، وفق أحمد كوجك نائب وزير المالية المصري.
ويؤدي استخدام الدين العام لتمويل عجز الموازنة، إلى زيادة أعباء خدمة الدين، وبالتالي حرمان المواطنين من الاستفادة من هذه المبالغ في أغراض الصحة والتعليم والمرافق الأساسية، والمخصصة لخدمة أعباء الدين.
وإن كان الدين العام الخارجي يمثل تدفقات نقدية داخلة في ميزان المدفوعات مما يساهم في تخفيضه، فإن أعباء خدمة هذا الدين من فوائد وأقساط تمثل تدفقات خارجة تزيد العجز في الميزان، وهو ما يزيد من أزمة سعر صرف الدولار، ويحمل الموازنة بمخاطر ارتفاعه.
ويشكل الاقتراض صورة لفقدان العدالة بين الأجيال من المواطنين، خاصة في ظل اقتراض الحكومة لسد عجز الموازنة وليس إقامة مشروعات استثمارية يمتد نفعها للأجيال القادمة من المواطنين.
لمتابعة أخبار الاقتصاد اضغط هنا