برغم ارتفاع صافي الاحتياطي الأجنبي والحيازات الأجنبية للدين المصري في الآونة الأخيرة، فإنّ تداعيات تعويم الجنيه وما صاحبها من زيادة في أسعار الوقود المدعم، تكوي المستهلكين في البلد العربي البالغ عدد سكانه 92 مليون نسمة، يعيش نصفهم تقريبًا قُرْب أو حتى تحت خط الفقر.
جاء هذا في ثنايا تقرير أوردته شبكة "بلومبرج" الإخبارية الأمريكية المعنية بالشأن الاقتصادي والذي سلطت فيه الضوء على التصريحات التي أطلقها صندوق النقد الدولي وأكد فيها أنه يعمل مع مصر لمساعدتها على كبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، في وقت تمضي فيه الحكومة قدمًا في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي لتعزيز الاستثمارات.
وذكر التقرير أن برنامج الإصلاح الاقتصادي قاد، على الجانب الآخر، موجة زيادة حادة في الأسعار، ما أثقل كاهل المستهلك النهائي في البلد الذي يشهد أزمة اقتصادية طاحنة منذ ثورة الـ25 من يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك من السلطة.
وقالت كريستين لاجارد، مديرة صندوق النقد الدولي في بيان عقب اجتماعها بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في واشنطن أمس الأربعاء: "يثمن صندوق النقد الدولي التضحيات التي يقدمها الكثير من المواطنين المصريين والصعوبات التي يواجهونها."
وأضاف البيان:" صندوق النقد الدولي يعمل لمساعدة الحكومة والبنك المركزي على ضبط معدلات التضخم، ويشجع الخطوات التي تتخذها الحكومة المصرية لحماية المواطنين الفقراء."
وأقدمت السلطات المصرية في الثالث من نوفمبر الماضي على تحرير سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأخرى فيما يُعرف بـ"تعويم الجنيه" في مسعى منها لمواجهة أزمة النقص الحاد في العملة الأجنبية، في خطوة أسهمت فعليًا في جذب المستثمرين الأجانب وتأمين حصول القاهرة على قرض صندوق النقد الدولي البالغ قيمته 12 مليار دولار على 3 سنوات.
وارتفع معدل التضخم الأساسي السنوي إلى 30% في فبراير الماضي، برغم تراجع مستوى التضخم الشهري.
ويؤكد المسؤولون الحكوميون أنهم ملتزمون بتقليل تداعيات برنامج الإصلاح القاسي على الشريحة الأشد فقرًا في مصر، عبر توفير كميات كافية من إمدادات السلع المدعمة ومكافحة ما يقولون إنه تلاعب بالأسعار من جانب التجار.
وتعهد الرئيس السيسي بالدفع في اتجاه تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والتعاون مع صندوق النقد الدولي، وفقًا لبيان صادر عن مؤسسة الرئاسة في أعقاب اجتماعه بـ لاجارد.
وأشاد السيسي، وفقا للبيان، بالصبر الذي يتحلى به المصريون برغم معاناتهم جراء التدابير الاقتصادية التي تتخذها الحكومة.
ومن المتوقع أن تعلن السلطات المصرية عن عمليات خفض إضافية في الدعم في غضون الشهور المقبلة وذلك في إطار الجهود المبذولة لكبح جماح العجز في الموازنة الحكومية، والذي يعد واحد من أعلى المستويات في الشرق الأوسط.
وتستهدف الحكومة خفض عجز الموازنة بنسبة 9.1% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي الذي يبدأ في يوليو، في حين يصل النمو المستهدف إلى 4.6%.
ومن المقرر أن يصل وفد رفيع المستوى من صندوق النقد الدولي لمصر نهاية الشهر الجاري، أو بداية مايو المقبل لإجراء مراجعة لبرنامج القرض.
وكشف البنك المركزي المصري مؤخرًا عن ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي خلال مارس الماضي بنحو مليار و 981 مليون دولار، ليصل إلى 28 مليارًا و 526 مليون دولار، بدلاً من 26 ملياراً و 541 مليون دولار في فبراير الماضي. وأصدر البنك تقريرًا يفيد بالتزام مصر بتسديد 12 مليار دولار ديون خارجية قبل نهاية 2017.
ومع زيادة الاحتياطي الأجنبي ارتفع الدين الخارجي لمصر إلى أكثر من 67 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2016، حسب بيانات نشرها البنك المركزي.
وتشكل زيادة الديون الخارجية ارتفاعا بنسبة 40.8% على أساس سنوي، أما الدين العام الداخلي فقد زاد 28.9% في الفترة نفسها.
وحصلت القاهرة في مارس الماضي على دفعة قرض قدرها مليار دولار من البنك الدولي، ودفعة أخرى قدرها نصف مليار دولار من البنك الإفريقي للتنمية.
لمطالعة النص الأصلي