تساؤلات أمريكية: ضربة ترامب للأسد.. تمهيد للإطاحة به أم مجرد عقاب؟

ضرب قاعدة الشعيرات في سوريا

لم تمض سوى ساعات قليلة على تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "يجب أن يحدث شيء"، الذي أدلى به من على متن طائرته الرئاسية المتوجهة نحو منتجعه بمارا لاغو بولاية فلوريدا الأمريكية، في رد على سؤال عن خططه للرد على قصف الأسد المدنيين في خان شيخون بإدلب السورية بالغازات الكيماوية، حتى انهال 59 صاروخ توماهوك على على قاعدة الشعيرات الجوية في سوريا.

 

الحدث الذي فاجأ الكثيرين، اختلفت حوله الرؤى بين مؤيد ومعارض كما هو الحال مع اي شيء يفعله الرئيس الأمريكي الحالي، فمجلة "ناشيونال ريفيو"، النصف شهرية المحافظة، نشرت مقالاً للمحامي الأمريكي ديفيد فرنتش، بعنوان "ترامب يضرب سوريا... ثلاث افكار سريعة" قال فيه معلقا على الهجوم الصاروخي الأمريكي "أولاً، إذا كانت هذه الضربة ستكون الوحيدة ، ومالم تكن فعالة بشكل غير اعتيادي وغير مسبوق، فإن هنالك فرصة ضئيلة لكي تشكل تأثيراً مادياً على نظام الأسد أو مسار الحرب الأهلية نفسها".

 

ويتابع فرنتش "حتى لو أقنعت (الضربة) الأسد بالعدول عن القاء قنابل الغاز، فإنه دون شك، سيواصل حملته في القتل الجماعي بالبراميل المتفجرة، والقنابل العنقودية، وقصف المناطق والاعدامات الجماعية، فنحن في منتصف جريمة حرب استمرت مدة سنوات طوال، وليس هناك اي مؤشر لتراجعه".

 

ويستطرد المحامي الأمريكي والضابط السابق في الجيش "ثانياً، التأريخ اظهر لنا أن هنالك عواقب للهجمات الجوية حتى لو كانت خالية من اي خسائر من جانبنا، فعندما تهاجم امريكا ديكتاتوراً او إرهابياً، ثم ينجو الديكتاتور، فهو في الغالب لن يتلقى الرسالة التي اردنا ايصالها له"، في إشارة على ما يبدو إلى أن المستهدف سيعود لمهاجمة الولايات المتحدة بطريقة او أخرى. 

 

ويستشهد بقصف ليبيا خلال فترة حكم الرئيس الاسبق رونالد ريغان، وما أعقبه من اسقاط الحكومة الليبية لطائرة بان ام 103، واستهداف زعيم القاعدة السابق اسامة بن لادن بضربات صاروخية عام 1998، والتي انتهت بأحداث 11 سبتمبر 2001.

 

ويرى الكاتب أنه من الواضح ان الضربة الصاروخية الأمريكية تمثل "بكل تأكيد تغيير في السياسة، وهو تغيير في المنهج السياسي يتطلب موافقة الكونغرس (تنفيذ الضربة)".

 

وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصف الضربة الصاروخية بأنها "غارة جوية محددة الهدف"، وتساءل عما اذا كانت الإدارة الأمريكية "كانت تأمل في معاقبة الاسد على هجومه الكيماوي وبعد ذلك تعود لمواصلة عملها بشكل تقليدي".

 

أما المحلل كيفن درم، فقد كتب في في مجلة مذر جونز ذات الاتجاه الليبرالي: "لا تتوقع الكثير من الهجمات الجوية، إلا إذا ذهب ترامب إلى ابعد منها، فهي لا تثبت أن مزاجه للسياسة الخارجية قد تغير، أو أنه قد اظهر عزمه وحسمه، فهو بالكاد فعل أصغر وأكثر الاشياء الاعتيادية التي فعلها الرؤساء الأمريكيين في ظروف مثل هذه"، في اشارة إلى أن الرئيس الأمريكي لن يذهب إلى ابعد من ارسال رسالة بهجومه الجوي، ولن يمضي في الحل العسكري ابعد من هذا الحد.

 

ويرى درم أن العملية الأمريكية لن تكون ذات تأثير كبير "فالروس سيصدرون ادانتهم الرسمية، وسيعيد السوريون بناء مطارهم، وفي غضون اسابيع سيتم نسيان كل شيء".

 

فيما حذر جوش بارو، أحد كبار محرري موقع "بزنس انسايدر" المالي الإللكتروني وفي مقال للرأي تحت عنوان "لا يمكننا أن نأمن لترامب بمنحه تفويض لمحاربة سوريا"، يسمح له بتدخل واسع فيها، اسوة بما حدث في العراق وليبيا "لا، تدخلنا الموسع يمكن أن يحول وضعاً سيئاً إلى اسوأ، حيث تمثل سوريا مخاطرة اكبر لأن التصعيد فيها يمكن أن يؤدي إلى صراع مع روسيا، وهذا لوحده سبب كاف للحذر في سوريا تحت حكم أي رئيس".

 

أما صحيفة "وول ستريت جورنال"، المالية الأمريكية، فقد نشرت مقالاً بعنوان "فرصة ترامب في سوريا... الرئيس يأمر بضربة جوية سينتبه لها جميع البلطجية في العالم"، قالت فيها "كل العمليات العسكرية فيها مخاطر، إلا أن فيها كذلك منافع سياسية واستراتيجية كبرى لصالح السيد ترامب، إذا ما اتبع الغارة الجوية بدبلوماسية قوية".

 

واوضحت أنه إذا ما اظهرت الولايات المتحدة أن اهتمامها بالمنطقة يتجدد، فإن هذا يمكن أن يكون له تأثير الصعقة الكهربائية في ارجاء الشرق الأوسط، وسيجعل العرب يعاودون التفكير في تكيفهم مع محور السيطرة المتمثل في روسيا والأسد وإيران، الذي يرفضونه.

 

وتنصح الصحيفة ترامب قائلة: "سيحتاج (عقب الغارة الجوية ضد الأسد) أن يجعل إيران وروسيا يدفعان ثمن دعمهما لهجمات الأسد، فهما لايمتلكان اي حافز للتفاوض من اجل انهاء الحرب الأهلية لأنهم يرون أنفسهم على طريق للنصر شبه خال من التكاليف".

 

وتؤكد على أن الموقف الإيراني والروسي سرعان ما سيتغيران من النظام السوري "حالما ترتفع التكاليف ولا يصبح فوز السيد الأسد مؤكداً".

 

ودعت الإدارة الأمريكية إلى التفكير بنوع الحلول الطويلة الأمد لسوريا، واعتبرت أن فرص بلوغها إلى هذه المرحلة ستكون أفضل لو أن المعارضة تمتعت بمناطق للأمان ولايستطيع الأسد فيها الافلات من العقاب.

 

ولفتت الصحيفة إلى أن العالم "اصدقاء واعداء يتابعون السيد ترامب ليروا كيف سيستجيب لجرائم الحرب التي يرتكبها السيد الأسد".

 

وخلصت على أن الضربة الجوية الصاروخية التي وجهها لقاعدة الشعيرات "تعلن بوضوح أن عهد أوباما قد انتهى".

مقالات متعلقة