"لن يبقى الوضع كما هو عليه" رسائل أمريكية حملتها صواريخ توماهوك الـ59 المنطلقة من المدمرة البحرية الأمريكية في شرق البحر المتوسط إلى مطار الشعيرات في سوريا الذي خرجت منه طائرات بشار الأسد محملة بغاز السارين لتزهق أرواح 100 ثلثهم من الأطفال في منطقة خان شيخون في محافظة إدلب.
ماذا بعد الضربة الأمريكية؟ بات أهم ما يشغل بال المهتمين بالملف السوري، خاصة أنه يثير علامات استفهام أخرى متعلقة بمصير الأسد في الفترة المقبلة، خاصة بعد تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، الخميس أن الأسد لن يكون له دور في المستقبل داعيا موسكو بإعادة التفكير في الدعم الذي تقدمه للنظام السوري بقيادة الأسد.
ولم يتوقف تيلرسون عند هذا الحد بل دعا لتعاون ما سماهم "الشركاء الدوليين" في عملية سياسية تؤدي لرحيل الأسد بعد مجزرة خان شيخون محملا النظام المسؤولية الكاملة عنها.
تحذير
سويعات فقط فصلت بين تحذير السفيرة الأمريكية للأمم المتحدة نيكي هيلي الولايات في جلسة مجلس الأمن الطارئة الأربعاء بأن فشل الأمم المتحدة في التحرك بشكل جماعي سيجل الدول مضطرة للتصرف من تلقاء أنفسها وبين الهجوم الذي نفذته واشنطن مساء الأمس.
وعرقلت روسيا المشروع القرار الذي قدمته أمريكا وبريطانيا وفرنسا يدين مجزرة خان شيخون بسبب الهجوم بغاز السارين السام، ويدعو لمحاسبة المتورطين، إذ تقدمت بمشروع بديل يقضي بالتحقيق في الحادثة، وهو ما منع مجلس الأمن من اتخذا قرار.
بسام الملك القيادي بالمعارضة السورية ذكر أن مصر بشار الأسد يحدده السوريون ولكن بعد الفجاجة في استخدام السلاح الكيميائي يبدو أن أمريكا ستحدد مصيره لأنه تخطى كل الخطوط الحمراء، بحد تعبيره.
إما جنيف أو ضربات أخرى
ورأى في حديثه لـ"مصر العربية" أن أمريكا بعد الضربة الأولى التي تحمل رسائل متعددة، لن توجه ضربة عسكرية ثانية في القريب العاجل ولن تتوسع في أي عمل عسكري، وستحاول دفع العملية السياسية بقوة في جنيف.
ورجح الملك أن تمارس واشنطن ضغوطا سياسية كبير على روسية لتطبيق قرارات الشرعية الدولية في إشارة للقرارين 2218 و 2254، مفيدا بأن روسيا إذا لم تلتزم سيكون لأمريكا ضربات أكثر قوة في سوريا.
ويقضي قرار مجلس الأمن 2218 بتشكيل هيئة حكم انتقالي تتولى السلطة بصلاحيات كاملة حتى إجراء انتخابات رئاسية جديدة تحت إشراف الأمم المتحدة كمسار سياسي للحرب السورية، فيما يقضي القرار 2254 برفع الحصار عن المناطق المحاصرة في سوريا والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية و الإفراج عن المعتقلين.
أولى الأفعال
وفي السياق ذاته رأى فراس الحاج الناشط الحقوقي السوري بأن الشعب سئم الأقوال وانتظر طويلا الأفعال التي بدأت بالضربة الأمريكية بالأمس بقصف القاعدة التي خرجت منها الطائرات السورية لتقتل الأطفال والمدنيين بغاز محرم دوليا.
ونوه في حديثه لـ"مصر العربية" أن هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها أمريكا قاعدة جوية في سوريا، مفيدا بأن قاعدة الشعيرات خرجت من الخدمة.
وبيّن أن الأسد منذ سقوط مدينة حلب على يد قوات النظام وحلفائه من الميليشيات الشيعية الأجنبية وتحت الغطاء الجوي الروسي وهو يتعامل بعجرفة ونرجسية كبيرة ولا يلمج إلا للحسم العسكري فكان يتعامل على جولات المفاوضات في جنيف أنها مساحة لكسب الوقت للقضاء على المعارضة.
القبول بالحل السياسي
ويعتبر الحاج أن الضربة الأمريكية رسالة واضحة لنظام بشار أن الأمر لن يبقى كما هو عليه الآن، فإما القبول بالحل السياسي كما حددته الأمم المتحدة أو الرحيل تحت الضغط العسكري.
ولفت الحقوقي السوري إلى أن هناك أنباء تتواتر عن احتمالية تشكيل قوة عربية تتدخل للإطاحة بالأسد وطرد داعش، في حال واصل الأسد العناد ورفض الحل السياسي، وهو سبب زيارات محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى أمريكا، بحد قوله.
روسيا تدين
من جانب آخر اعتبر الكرملين اليوم الضربة الأميركية عدوانا على دولة ذات سيادة وانتهاكا للقوانين الدولية لدولة.
وذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الضربات الأميركية ألحقت "ضررا هائلا" بالعلاقات مع روسيا، ولذلك أوقفت روسيا العمل بالمذكرة وقعتها في وقت سابق مع واشنطن لتفادي الحوادث بسوريا.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الضربة الأمريكية تستند لحجج واهية"، وأن روسيا لا تعتقد بأن سوريا تمتلك أسلحة كيميائية.
توماهوك
وصواريخ "توماهوك"، قادرة على ضرب الأهداف بدقة متناهية، وبمثابة طائرة صغيرة غير مأهولة، ولا يستخدمها سوى قوات البحرية الأمريكية والبريطانية ، ولجأت إليها من قبل في حروب العراق وأفغانستان وليبيا.
ومن جانبها أعلنت قوات بشار الأسد مقتل 6 عسكريين وسقوط عدد من الجرحى وحدوث أضرار مادية كبيرة بسبب الضربات الأمريكية الصاروخية بالأمس.
ووصفت التحرك الأمريكي بالعدوان السافر، بينما اعتبرته الرئاسة السورية تصرف أرعن غير مسؤول، وذكر بيان الرئاسة أن "ما قامت به أميركا لا ينم إلا عن قصر نظر وضيق أفق وعمى سياسي وعسكري عن الواقع، وانجرار ساذج وراء حملة وهمية دعائية كاذبة".
تأييد أوروبي
بينما اعتبر وزير خارجية فرنسا جون مارك ايرولت أن الضربات الأمريكية إشارة يجب أن يفهم من خلالها الروس والإيرانيون أنهما لا يمكنهما الاستمرار في دعم نظام بشار الأسد.
ورأى وزير الخارجية الألماني زيجمار جابرييل يوم الجمعة إن الضربة العسكرية الأمريكية "مفهومة، مادام مجلس الأمن الدولي عاجز عن الرد بشكل واضح لا لبس فيه على الاستخدام الهمجي للأسلحة الكيماوية ضد أبرياء في سوريا وهو أمر غير محتمل، بحسب وكالة أنباء رويترز.