في الوقت الذي كان يغلي فيه المجتمع الدولي على صفيح ساخن بسبب انطلاق طيران النظام السوري من قاعدة الشعيرات التي تسيطر عليها روسيا محملة بغاز السارين لترتكب إحدى أبشع المجازر بقتل 100 ثلثهم من الأطفال، خرجت روسيا ببيان يغرد تماما خارج السرب.
موسكو في بيانها بالأمس اعترفت بأن القدس الغربية عاصمة إسرائيل وهو ما يصطدم بمساعي العرب بتأسيس دولة فلسطينية على حدود عام 1967 تكون كامل القدس عاصمتها.
بيان موسكو تزامن مع الغضبة الدولية من بشاعة مجزرة "خان شيخون" خاصة أن النظام استخدم غاز السارين الذي يعطل السائل العصبي بين الغدد والعضلات فتصبح في حالة تنبيه فوق العادة عند شم الغاز أو ملامسته الجلد ويسبب القتل في الحال، وهو ما يخالف قرار مجلس الأمن 2218 منذ ثلاث سنوات بحظر استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
جلسة مجلس الأمن
وفي الوقت التي التفت فيه موسكو للصراع العربي الإسرائيلي الممتد منذ عشرات السنوات، كان مجلس الأمن يناقش مشروع قرار أمريكي فرنسي بريطاني يدعو لإدانة مجزة خان شيخون ومحاسبة المتورطين فيه.
ولم تستخدم روسيا حق النقض "الفيتو" كعادتها في كل مرة تسعى الدول الغربية لإدانة الأسد وكان آخرها شهر فبراير الماضي، ولكن تقدمت بمشروع بديل للتحقيق في المجزرة ما يعطي إيحاء بأن موسكو لا تريد أن تقف في وجه عاصفة الغضب.
عاصفة الغضب الغربية ترجمتها واشنطن بهجوم بـ59 صاروخ توماهوك لتدك قاعدة الشعيرات فجر اليوم بعد ساعات من تحذير مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة بأن فشل الأمم المتحدة في التحرك بشكل جماعي سيجل الدول مضطرة للتصرف من تلقاء أنفسها.
لفت للأنظار
المراقبون اعتبروا بيان موسكو بالاعتراف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل من أجل صرف الأنظار عن الجريمة في سوريا إلى القضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه امتصاص الغضبة الدولية بتدليل إسرائيل مفتاح رضا الغرب بحد قولهم، خاصة أن علاقة روسيا بإسرائيل قوية.
وأعلنت روسيا في البيان الصادر عن وزارة خارجيتها أنها ترى القدس الغربية عاصمة لإسرائيل والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية مستقبلية.
قلق لتوقف المفاوضات
وأعربت عن قلقها العميق لتوقف المفاوضات الفلسطينيين والإسرائيليين منذ ثلاث مؤيدة لحل الدولتين.
المحلل السوري زكريا عبدالرحمن الخبير في الشؤون العربية رأى أن روسيا حاولت صرف الأنظار الدولية والغضب المتنامي بعد مجزرة خان شيخون إلى الصراع العربي الإسرائيلي الذي يهم العالم.
تخفيف الغضب
وبحسب ما يقول زكريا في حديثه لـ"مصر العربية" فإن روسيا تؤمن أن المجزرة مجرد تفاصيل صغيرة لا تستحق كل هذا الغضب والهجوم ليها لذلك تحاول أن تأخذ الاهتمام لشيء آخر أو على الأقل تخفف حدة الغضب تجاهها، خاصة أنها تطرق على الباب المسلم به دوليا أن تكون القدس الغربية عاصمة لإسرائيل وبعد ذلك كاملها لدولة الاحتلال.
وذكر أن التنسيق عال بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين فهو يضع مصالح إسرائيل فوق كل اعتبار، وأعلن أنهم سوف يحافظون على مصالح إسرائيل في سوريا.
أحمد محمود الأحمد الناشط الحقوقي والسياسي السوري رأى أن نهاية نظام الأسد يقترب مع قرب نهاية المسرحية المشتركة بين أميركا وروسيا، فكما يؤمن لا يوجد أي خلافات بين الروس والأمريكان بقدر ما هي تفاهمات بين الطرفين وعملية تبادل أدوار متفق عليها والمؤشرات جميعها.
وواصل حديثه لـ"مصر العربية":" الولايات المتحدة كانت تعلم بالاستعدادات العسكرية الروسية قبل دخولها سوريا، وكانت هناك لقاءات مكثفة بين وزيري الخارجية الروسي والأميركي ولم ينتج عن ذلك أي حل ولم تعجل الولايات المتحدة بمنطقة حظر جوي لحماية المعارضة السورية والمدنيين ولم توجه إنذارات شديدة اللهجة لروسيا".
تنسيق مع إسرائيل
ونوه بأن التدخل الروسي جاء بالتنسيق مع إسرائيل وهذا يدل على أن الولايات المتحدة تدير صراعها مع روسيا بشكل يضمن المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة ويسمح بتمدد الروس لكن في حدود معينة لا تعرقل المصالح الأميركية في المنطقة.
ويردف الأحمد:" لهذا سمحت الولايات المتحدة للنظام السوري بتجاوز الخطوط الحمراء لتأمين مصالحها ومصالح إسرائيل وتعريته أمام المجتمع الدولي لذلك أعتقد ستنتهي المسرحية بين موسكو وواشنطن للتخلي عن نظام الأسد وخصوصا بعد أن سيطرت أميركا على المواقع النفطية وأيضاً روسيا استطاعت تأمين مصالحها الاستراتيجية في سوريا".
واختتم:" وضمنت أمريكا أن إيران قد أنهكت التي ستخرج من المولد بلا حمص وفي النهاية سيدفع النظام السوري ثمن جرائمه بعد أن تركته أميركا يفعل ما يريده واقتربت مهمته التخريبية والإجرامية ليقولوا له في النهاية انت مجرم حرب".