استنكر سياسيون، الضربة الأمريكية في سوريا التي استهدفت مطار الشعيرات في ريف حمص فجر اليوم الجمعة، محذرين مما أسموها "خطورة" الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الأمن القومي العربي.
الضربة الأمريكية - كما أعلنت واشنطن - تضمَّنت إطلاق العشرات من صواريخ توماهوك على قاعدة جوية قرب مدينة حمص ردًا على هجوم لمقاتلات النظام استهدف بلدة خان شيخون الخاضعة للمعارضة في محافظة إدلب، وهو الهجوم الذي أسقط 100 قتيل ونحو 500 جريح، أغلبهم أطفال.
بين مرحب ومستهجن، قوبلت الضربة الأمريكية بردود أفعال دولية واسعة، ولم تأتِ الانتقادات دعمًا لنظام بشار الأسد بقدر ما جاءت رفضًا لتدخل عسكري في سوريا تحت أي مبرر.
اليوم سوريا.. وقد تكون مصر غدًا
بدايةً، قال مدحت الزاهد القائم بأعمال حزب التحالف الشعبي الاشتراكي إنَّ الضربة الأمريكية كشفت عما أسماه "الوجه الحقيقي" لمواقف ترامب ورغبته في فرض هيمنته على الشرق الأوسط.
وأضاف لـ"مصر العربية": "كان من المفترض إجراء تحقيقات محايدة أولًا من قبل المجتمع الدولي بمؤسساته متمثلًا في الأمم المتحدة ومجلس الأمن ويصدر تقريره بشأن ما يحدث في خان شيخون، وإذا كانت هناك إجراءات عقابية فتصدر عنه هو، ولكن ترامب قفز فوق كل ذلك".
وأشار إلى أنه ضد استخدام الأسلحة الكيماوية والسامة في أي منازعات أو حروب ولكن ينبغي أن من يقرر ذلك هو المؤسسات الدولية، لافتًا إلى أنَّ واشنطن كانت توفِّر غطاءً في عدة مواقف لاستخدام إسرائيل للأسلحة الكيماوية.
وحذَّر الزاهد مما وصفها بـ"المبالغة" في اعتبار ترامب صديقًا لمصر، وقال: "لا ينبغي أن نحتفل ونتفاءل بعلاقاتنا مع ترامب لأنَّه خطر على العالم وسيجعل المنطقة العربية فوق صفيح ساخن وما يفعله في سوريا قد يفعله في مصر".
وعن الموقف المصري من الأحداث في سوريا، علَّق الزاهد: "رد الفعل جاء متأخرًا، وبيان وزارة الخارجية الصادر اليوم تجاهل الضربة الأمريكية، ولو كان سكت كان أفضل".
وفي وقتٍ سابق اليوم، أصدرت وزارة الخارجية بيانًا أعربت خلاله عن قلقها بشأن تداعيات مما وصفتها بـ"أزمة خان شيخون" وما ترتب على ذلك من تطورات وصفتها بـ"الخطيرة".
وأكَّد البيان "أهمية تجنيب سوريا ومنطقة الشرق الأوسط مخاطر تصعيد الأزمة حفاظًا على سلامة شعوبها وضرورة إنهاء الصراع العسكري بما يضمن سلامة الشعب السوري من خلال التزام كافة الأطراف بالوقف الفوري لإطلاق النار والعودة للمفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة.
السيسي في حرج
محمد القصاص نائب رئيس حزب مصر القوية قال إنَّ وزارة الخارجية تشعر بالحرج الشديد وبخاصةً أنَّ الرئيس عبد الفتاح السيسي كان هناك في الولايات حين قرر ترامب توجيه ضربة عسكرية على الأراضي السورية.
وأضاف لـ"مصر العربية": "موقف السيسي من القضية السورية واضح وهو دعمه لنظام بشار الأسد ولكنه يحاول حاليًّا تجنب الصدام مع ترامب ويحاول كسب صداقته".
وانتقد ما اعتبره تأخُّرًا في الرد تجاه ما يحدث في سوريا من استخدام الغاز السام لقتل المدنيين، مشيرًا إلى أنَّ روسيا أعلنت تبرأها منه وكذلك أدانته إسرائيل.
وتابع: "قصف مدينة إدلب السورية بغاز السارين السام هو جريمة بشعة ضد الإنسانية تُضاف لسجل جرائم النظام السوري الدموي، ونزيف الدم السوري يعري كل يوم الأنظمة العربية المتخاذلة".
تبرير لتجاهل مصري
شادية خضر عضو لجنة الشؤون العربية بالبرلمان قالت لـ"مصر العربية": "الضربة مزعجة وآلمني ما يدور في سوريا.. فاض بنا الكيل وربنا يلطف".
وحول تجاهل بيان "الخارجية" للضربة الأمريكية، بررت -النائبة عن حزب "مستقبل وطن": "الرؤية في سوريا حتى الآن غير واضحة ولابد من تحسس الأمور قبل اتخاذ مواقف صريحة، وقد يكون هناك وجهات نظر لدى الخارجية غير معلنة جعلتها تتجاهل الضربة".
رسائل الضربة
أمين إسكندر القيادي بحزب الكرامة قال إنَّ الضربة الأمريكية في سوريا تحمل عدة رسائل، أولها إظهار قدرة ترامب على إعلان الحرب، والثانية لروسيا بأن أمريكا لم تخرج من منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف لـ"مصر العربية" أنَّ الرسالة الثالثة هي إظهار القدرة العسكرية الأمريكية وأنَّها تشكِّل تهديدًا على إيران، والرابعة طمأنة دول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية، مستدلًا بأنَّ الضربة لم تستهدف إحداث أي خسائر ولكن فقط لتوصيل هذه رسائل واضحة.
وحذَّر من أنَّ ترامب يستغل حادثة استخدام الغاز السام لقتل المدنيين في سوريا والتي وصفها بـ"المفبركة"، متابعًا: "ليس هناك أي دليل عليها كذريعة لضرب سوريا وتصفية المنطقة العربية إسرائيل، وترامب يريد أن يجعلها مثل العراق".
وعن الموقف المصري من تجاهل الضربة الأمريكية، اعتبره إسكندر إظهارًا لما أسماه "الموقف المخزي" من القضية السورية، مشدِّدًا على ضرورة أن تتعامل مصر مع هذه القضية من منطلق أنَّ سوريا جزء من الأمن القومي، لافتًا إلى أنَّه أصبحت هناك حرب بالوكالة قائمة بالفعل، وصلت إلى ما يسمى بـ "الحرب الباردة"، حسب تعبيره.