تعميق جديد للخلاف بين الجانبين المصري والسوداني، حين فرضت السلطات السودانية بالأمس تأشيرة دخول على المصريين القادمين إليها، للرجال من سن 18 إلى 50 عام، واستثنى النساء والأطفال من القرار.
وبحسب مصادر رسمية سودانية لـ"روسيا اليوم" فإن القرار يأتي في إطار المعاملة بالمثل، رغم مرور أكثر من 13 عاما على القرار المصري المماثل، بمنع دخول السودانيين لمصر إلا بتأشيرات .
ويأتي القرار كحلقة جديدة في سلسلة الأزمات التي مرت بها العلاقات المصرية السودانية مؤخرا بدأت باشتعال قضية حلايب وشلاتين إلى اتهامات سودانية بتعاون مصري مع جنوب السودان ضدها مروراً بادعاءات مصرية بتآمر السودان مع إثيوبيا.
خلاف عميق
وفي عام 2004 وقعت السودان ومصر اتفاقية تسمح بحريات أربع بين مواطني البلدين، وهي الحق في التملك والتنقل والحركة والإقامة.
ونفذت الخرطوم بنود الاتفاقية كاملة، إلا أن مصر لم تطبق جزءا منها وفرضت تأشيرة على الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عام.
ثم عمقت مصر الخلاف وأصدرت قرارا برفع رسوم الإقامات للأجانب، ومن بينهم السودانيون، مما أغضب السلطات السودانية.
أصل الأزمة
وبعد أن طفت قضية جزيرتي تيران وصنافير على الساحة، وتوقيع مصر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية للسعودية، أشعل السودان قضية حلايب وشلاتين بقوة مجددا، وطالب الرئيس عمر البشير بحق دولته فيهما.
وهدد فى تصريحات حادة اللهجة باللجوء إلى مجلس الأمن والمطالبة بالتحكيم الدولي في حال رفض مصر التفاوض حول المدينتين، في حين رد مجلس النواب المصري على هذه التصريحات بأن المدينتين مصريتين وأن السلطات المصرية تملك أدلة ووثائق تاريخية بمصريتهما، وليس هناك قلق من أي خطوة في هذا الشأن تقوم بها السلطات السودانية.
وشكل السودان لجنة تضم كافة الجهات ذات الصلة لحسم قضية منطقة مثلث حلايب وأبو رماد وشلاتين الحدودية، وإخراج المصريين منها بالطرق الدبلوماسية".
وحول تداعيات القرار، قال السفير "أحمد فتحي أبو الخير"، مساعد وزير الخارجية الأسبق أن هذا القرار ليس عادياً، فمصر بها عدد كبير من السودانيين، ولطالما تركتهم السلطات المصرية يقيمون في مصر دون أي مضايقات.
وذكر فى تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن مصر تعتبر السودان جزءا من دولة وادي النيل، والشعب المصري والسوداني شقيقان، بجانب أن هناك شراكة حقيقية في مياه نهر النيل وتكامل اقتصادي بينهما.
ضد مصلحة مصر
وأوضح أبو الخير أن في الفترة الأخيرة أصدرت السودان قرارات وتصريحات ضد مصلحة مصر؛ لأن السودان تعتقد خطأً أن مصر تعمل مع جنوب السودان ضد مصالحها.
واستطرد أن مصر في حقيقة الأمر تصادق الجميع ودولة جنوب السودان إحدى هذه الأطراف التي تجمعها بمصر مصالح وعلاقات مشتركة لا تحالفات ومخططات ضد مصلحة السودان.
تحريض إثيوبي
وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن قوى خارجية على رأسها إثيوبيا تحرض السودان ضد مصر، فبالتالي السودان تتصرف تصرفات غير مقبولة.
وأكد أن في حالة عدم استطاعة الدولتين احتواء الأزمة، فإن قرارات تصعيدية ستصدر من الجانبين قد تعمق الخلافات.
ودعا الدولتين لنبذ الخلافات وتنحية الصراع جانباً، لأن الدولتين شركاء في لجنة خاصة بخصوص أزمة سد النهضة، وهذه أزمة خطيرة ويمكن أن يترتب عليها عواقب خطيرة على مستقبل الدولتين إذا لم تتكاتفا معاً.
أبعاد سياسية
و قال "صلاح أبو السرة" المحلل السياسي السوداني أن القرار السوداني له أبعاد سياسية وإن كان يمكن اعتباره من باب المعاملة بالمثل.
وتابع في تصريحات خاصة لمصر العربية:" يؤخذ على السلطات السودانية أنها لم تخطر الجانب المصري بالقرار قبل تنفيذه، في خطوة تجنبتها السلطات المصرية عندما طبقت نفس القرار على السودانيين، فأخطرت السلطات السودانية ونسقت معها سبل تنفيذ القرار بما يخدم مصلحة الجانبين".
وأرجع قرار السلطات المصرية لفرض تأشيرة على الرجال السودانيين؛ لدواعٍ أمنية تتعلق بالأمن القومي المصري فيما يتعلق بتنامي العمليات الإرهابية التي تضر استقرار مصر وسلامتها، موضحاً أن القرار تم تطبيقه على عدة دول وليس السودان فقط.
وأفاد أبو سرة بأن الأزمة السياسية بين مصر والسودان ترجع لعدة أسباب منها قضية حلايب وشلاتين، و في رأيه أن هذا القرار لن يعمق الخلافات بين السودان ومصر كثيراً، فالقرار سياسي ولا يمس العلاقة الأخوية بين الشعبين.