دماء في كل مكان، تصبغ الأرض وتكسو الحوائط، وأشلاء، وجثث مترامية، وصراخ ودخان وبقايا نيران تقاوم الانطفاء.. ذلك ما كان في لحظة انفجار الكنيسة المرقسية بالإسكندرية. لكن ماذا كان قبل ذلك الحدث الجلل بدقائق معدودة؟
نعود بالزمان دقائق قليلة، فيهدأ الحال وتعود الحياة لطبيعتها، وتمر الأحداث متوالية في سلاسة، ويمر الزمان ببطء وربما يتوقف الزمان في لحظة خالدة في الذاكرة لا تمحيها الأيام.
وصف ما كان
بوابات إلكترونية للتفتيش، شرطيات يتولين تفتيش السيدات، حاجز حديدي يغلق الشارع، وأطفال يحملون السعف بأشكاله المختلفة، آباء وأمهات يصطحبون أبناءهم للاحتفال بأحد الشعانين.
ضحكات الأطفال تملأ المكان، وباعة السعف ينتشرون في أركان الساحة الداخلية للكنيسة المرقسية بمحطة الرمل، ذلك هو المشهد في حوالي الساعة 11 ونصف من صباح الأحد، أي قبل حادث التفجير بما يقارب الساعة.
البعض ساهم قليلا.. هل كانوا يتوقعون شيئًا؟ المسيح في طنطا يئنُّ، تنزف الكنيسة دمًا، إلا أن تكرار سيناريو طنطا لم يتخيله أحد، فالجميع كان يطمئن للإجراءات الأمنية المشددة.
على بعد خطوات قليلة من الباب الحديدي للكنيسة يجلس غطاس عطا الله خليل، رجل ستينيّ، يحاول أن يعقد أعواد السعف، ويبيعها للمارة من الأطفال والكبار، يعلّق على أحداث تفجير كنيسة طنطا قبل دقائق من حادث المرقسية التي يجلس بداخلها قائلًا: "دي حاجة آخر مسخرة.. وأنا مش خايف".
وتابع: "لا في أمن، ولا حنقولك مفيش ريس؟ مفيش عيد يحصل إلا لما يحصل فيه كوارث"، مؤكدًا أن الحادث أثر على احتفالات الأقباط داخل الكنيسة متسائلًا:"40 واحد فين ده؟ليه كده؟ ده يرضي مين؟
بينما رأى صابر أيوب، أن قوات الأمن تبذل جهدا كبيرا في تأمين الكنيسة، وأن الدولة تهتم اهتمامًا كبيرًا بالأقباط، وهو ما أشعره بالأمان، مؤكدًا أن حادث تفجير طنطا لم يؤثر عليه واصفًا إياه بـ "حالة فردية"، جاءت بغرض زعزعة الأمن وتخويف الناس، والحوادث التي تحدث في الكنائس مثلها مثل الحوادث التي تقع في العريش وتستهدف الجيش والشرطة جميعهم شهداء، معلقًا: "هذا الوقت غير أي وقت مضى".
سهير مرقص فهمي، تقف مع حفيدتها التي تعيش في فرنسا وجاءت مصادفة في فترة الأعياد، تقول سهير إنها جاءت للاحتفال بعيد السعف، إلا أن ما سمعته من أخبار عن حادث تفجير طنطا أشعرها بالضيق، إلا أنها لا تقلق معلقة: "دي كلمة البابا شنودة نحن لا نقلق أبدا" وتابعت: "هم شهداء لكن ده فراق وهو حزن عظيم"، بينما قالت مارينا الحفيدة"الدنيا خربت في مصر، بس مبنخافش ومش مشكلة".
ووصفت الطفلة ليديا الآتية من كفر الدوار يوم أحد الشعانين قائلة"ده أحلى يوم وبيكون فيه فرحة كبيرة وجميلة"، وأكد الطفل يوسف ثروت، أنه لم يتأثر بأحداث تفجير كنيسة طنطا، وأنه جاء للكنيسة المرقسية بمفرده قائلا"أنا مش خايف".
وعقب انتهاء صلاة أحد الشعانين جلس سمير مسعد في ساحة الكنيسة، مؤكدا أن أحداث تفجير كنيسة طنطا أثرت عليه بشكل كبير، "بس هنا عندنا الأمن في إسكندرية ممتازين جدا جدا.. أنا ما خفتش وأحنا كلنا معرضين للتفجير".
لم تمر سوى 5 دقائق، حتى وقعت الفاجعة... انفجار بالكنيسة المرقسية، هز أركان منطقة العطارين بالإسكندرية، ويخلف وراءه 17 شهيدًا من الأقباط و42 مصابًا.
شاهد الفيديو..
تابع أخبار مصر