قبل 4 أعوام، تدافع كثير من المواطنين إلى الميادين ليعلنوا منح الفريق عبد الفتاح السيسي، وقتها، تفويض محاربة الإرهاب، حين كان وزيرا للدفاع، لمواجهة الأخطار الإرهابية التي تهدد البلاد، إلا أنه بعد مرور 43 شهرا على ذلك التفويض، وبعد تولي المشير السيسي حكم البلاد، ضرب الإرهاب، الأحد الماضي، كنيستي مارجرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية، مخلفا 45 شهيدا وعشرات المصابين.
ومنذ "جمعة التفويض" في 26 يوليو 2013، واجهت مصر أخطارا متزايدة، إذ خرج الإرهاب من نطاق سيناء إلى رحاب دلتا النيل، بل ووصل أحيانا إلى قلب العاصمة في القاهرة.
الإرهاب بسيناء
ومنذ ذلك التاريخ وقعت حادثتي رفح اللتين نفذتا على الحدود بين مصر والكيان الإسرائيلي في 19 أغسطس 2013 و 28 يونيو 2014، وأسفرتا عن استشهاد 29 جنديا.
أما أكثر العمليات دموية فكانت "كرم القواديس"، والتي نفذها، في 24 أكتوبر 2014، إرهابيو "أنصار بيت المقدس"، الجماعة التي أعلنت مبايعة "داعش"، وخلفت العملية أكثر من ثلاثين شهيدا من رجال القوات المسلحة.
الإرهاب في المدن
ووصل الإرهاب للمحافظات، بعدة عمليات أبرزها، إطلاق مسلحان النيران على كنيسةالسيدة العذراء بالوراق، في 20 اكتوبر 2013 أسفر عنها 3 ضحايا بينهم الطفلة مريم، وكانت في الثامنة من عمرها، ثم استهداف الكنيسة البطرسية بالعباسية المجاورة للكاتدرائية المرقسية، بالتفجير في 11 ديسمبر 2016، ما أسفر عن 26 شهيدا، ثم اغتيال النائب العام هشام بركات في 29 يونيو 2015 باستهداف موكبة بسيارة مفخخة في مصر الجديدة.
وفي 22 أكتوبر 2016 اغتيل العميد عادل رجائي، قائد فرقة مشاة بالجيش المصري، أثناء خروجه من منزله بمدينة العبور.
أما في31 أكتوبر 2015، فتحطمت الطائرة الروسية فوق شمال سيناء بعد دقائق من إقلاعها من مطار شرم الشيخ نتيجة قنبلة وضعت بداخلها، ما أسفر عن مقتل 224 سائحا روسيا كانوا على متنها.
ومنذ ذلك التاريخ، جرت محاولات اغتيال فاشلة لبعض الشخصيات أبرزها المفتي السابق الشيخ علي جمعة في 15 أغسطس 2016، والنائب العام المساعد المستشار زكريا عبد العزيز في 30 سبتمبر 2016.
ونشر الباحث في شؤون الإرهاب، أحمد كامل بحيري، دراسة بمركز الأهرام للدرسات السياسية والإستراتيجية بعنوان"رصد العمليات الإرهابية في مصر خلال عام 2016"، قال فيها إن مصر مرت بموجه عنيفة من العمليات الإرهابية، خلال الـ 4 أعوام الماضية، لافتا إلى اختلافها عن نمط الإرهاب الذي ضرب البلاد خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين.
وأشار إلى أن العمليات الإرهابية اتخذت خلال هذه الأعوام أشكالا متنوعة على الأرض، مثل استهداف بنية الدولة متمثلة في شبكات الكهرباء والاتصالات والسكة الحديد والمواصلات العامة، واستهداف قوات الأمن سواء كانت شرطة أو جيش، إضافة لرجال القضاء، وكذلك ارتفاع معدلات استخدام العبوات الناسفة في العمليات الإرهابية، موضحا أن هذا يعني تغير تكتيكات التنظيمات الإرهابية.
وتابع الباحث في دراسته: العمليات الإرهابية شهدت منذ بداية 2015 تزايدا في معدلات استخدام العبوات الناسفة، واتخذت في 2016 منحنى جديدا باستهداف الكنائس عن طريق العمليات الانتحارية التي لم تكن موجودة في الأعوام من 2013 وحتى 2015، مشيرا إلى استهداف تلك العمليات مسؤولين كبار في الدولة.
رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية السابق الدكتور عبد المنعم سعيد، قال إن استهداف الكنائس في مصر منهج الإرهابيين لتطفيش الأقباط من مصر، وإفساد معدلات النمو التي ظهرت مؤخرا في السياحة والاقتصاد.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن تزايد العمليات الإرهابية خلال الأعوام الماضية ليس مقتصرا على مصر بل لم يعد هناك مكان بالعالم آمنا من الإرهاب، مشيرا إلى أن الدولة ليست مقصرة في حربها على الإرهاب؛ لأنها بلد كبيرة وليس منطقيا أن تضع في كل مكان قوة أمنية.
وتابع: الإرهاب بدأ يتصاعد منذ السبعينات ولكنه يتوحش حاليا في ظل تغير إستراتيجيته ووجود مفرخة له في كل من أفغانستان وباكستان، إضافة للمناطق الملتهبة بالصراع مثل سوريا والعراق.
ولفت إلى أن الدولة وحدها لن تقدر على دحر الإرهاب، فيجب تعبئة الشعب المصري بأكمله في هذه الحرب، بحيث يكون كل فرد رقيب على أمان البلد.
وأشار إلى أن القضاء على الإرهاب يحتاج لوقت طويل وتعاون دولي، موضحا أن الدولة المصرية منذ 30 يونيو وهي تتصدى للإرهاب بقوة، ودليل على نجاحها التقدم الذي أحرزته في سيناء وخاصة في "جبل الحلال".
من جانبه، يرى السفير معصوم مرزوق، القيادي بالتيار الشعبي، أن هناك أخطاء في أسلوب معالجة الدولة للإرهاب، وهو ما أدى لتفشيه، موضحا أنها اقتصرت على المواجهة الأمنية وتناست الفكرية.
وأضاف مرزوق لـ" مصر العربية" أن تزايد الإرهاب في مصر خلال الأعوام الأخيرة يرجع لتجاهل الدولة للأوضاع الاقتصادية التي يسمح ترديها بإنجراف الشباب إلى المسار الخاطىء، كما شدد على ضرورة فتح الأفق السياسي وإعطاء الشباب فرصة للتعبير عن أنفسهم حتى لا يذهبوا للعمل تحت الأرض – حسب قوله-.
وأرجع مرزوق تزايد الإرهاب منذ التفويض الذي أعطي للرئيس عبدالفتاح السيسي قبل 4 أعوام، إلى غياب الشفافية من قبل الدولة في عرض خططها وأساليبها التي تواجه بها الإرهاب، لافتا إلى أن استمرار هذا الأمر سيساهم في ترعرع هذه الظاهرة التي تمثل خطرا كبيرا على الدولة المصرية.