فيديو| بعد تفجير الكنيستين.. الأزهر بين الحياة والموت

الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر

تعرض الأزهر الشريف خلال اليومين الماضيين لهجوم عنيف من جانب بعض الإعلاميين وضيوف برامج التوك شو، عقب تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية، محملين الأزهر ومناهجه مسؤولية انتشار الإرهاب في مصر، واتهموه بالتقصير فى تلبيه دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي المتعلقة بتجديد الخطاب الديني.

 

زاد الهجوم عندما انتقد الرئيس عبد الفتاح السيسي فى كلمته عقب انتهاء اجتماعه مع مجلس الدفاع الوطني، الأحد الماضي، فشل المؤسسات فى تجديد الخطاب الديني، ورغم أن الرئيس لم يشر فى خطابه إلى الأزهر، إلا أن الإعلامي أحمد موسى أكد أن تشكيل مجلس أعلى لمكافحة الإرهاب يعني إعلان وفاة الأزهر - حسب تعبيره.

 

وقال أحمد موسى نصا خلال برنامجه "على مسئوليتي": "فيه كلمة واقفة في زوري، تشكيل مجلس أعلى للإرهاب يعني أن الأزهر الشريف فشل في مقاومة الإرهاب، بُح صوت السيد الرئيس على مدى 3 سنوات لتصحيح الخطاب الديني، وما حدش عمل حاجة، فالرئيس زهق.. فالبقاء لله في الأزهر.. أعلن لكم الآن وفاة الأزهر".

 

كما هاجم المذيع نفسه مناهج الأزهر قائلا: "يجب نسف مناهج الأزهر التي تفرق بين المصريين، وحتى بين المسلمين وبعضهم".

 

 

ولكن تراجع موسى عن تصريحاته فى اليوم التالي، وأوضح أنه عندما أعلن وفاة الأزهر لم يكن يقصد الأزهر كمؤسسة، وإنما بعض الأشخاص الذين لم يؤدوا دورهم على الإطلاق، مضيفا: "أعتذر عن أي إساءة صدرت مني، لأنه الأزهر نحميه ونسانده ضد أى شخص يتدخل في شؤونه".

 

 لم يتوقف الهجوم عند هذا الحد بل ظهر الدكتور محمد فياض الأستاذ بكلية الآداب جامعة طنطا على قناة المحور، وتحدث عبر برنامج "90 دقيقة، عن كتاب "المنة فى اعتقاد أهل السنة"، للداعية السلفي ياسر برهامي، ونوه إلى أن الكتاب المصرح طباعته من الأزهر يحرض على قتل المسيحيين وحرق كنائس ويبيح قتل رجال الأمن الذين يتولون عملية حراسة الكنائس، مستنكرا "كيف يجيز الأزهر نشر هذا الكتاب!!".

 

من جانبه دخل الدكتور حسن خليل من المكتب الإعلامي بالمشيخة عبر الهاتف، ودافع عن موقف الأزهر ووعد بفتح التحقيق فى مسألة الكتاب وسحبه من السوق، بعدها انسحب من المداخلة الهاتفية قبل أن ينتهى الضيوف من تعليقاتهم، ما دفع اللواء فاروق المقرحي، للتعليق قائلا :" الأزهريين يضيق صدرهم بالنقاش والمحاورة".

 

بعدها أجرى الدكتور محمد مهنا مستشار شيخ الأزهر، مكالمة هاتفية لنفس البرنامج، واشتبك مع الضيوف، ما دفع مقدمة البرنامج إلى إحراجه بإنهاء الاتصال قائلة قبل أن ينهى كلامه:" بشكرك على مداخلتك التلفونية، أنت كلمتنا عن الإرهاب وناقشتنا في موضوعات إنشائية عارفنها كويس.. وبشكرك على تلفونك، ومخدش رد مفيد منك، ولم تدافع عن الأزهر".    

 

 

وهاجم الدكتور خالد منتصر عبر مداخلة هاتفية مع الإعلامية لميس الحديدي ببرنامج "هنا العاصمة"، قيادات مشيخة الأزهر وعلى رأسهم الدكتور أحمد الطيب ومحمد عمارة وعباس شومان، وانتقد وجود الكليات العلمية بجامعة الأزهر.

 

 

كما نشبت مشادة بين الدكتور عبد الفتاح العواري عميد كلية أصول الدين والإعلامية لميس الحديدي، عندما اتهمت كتب التراث بالتضليل، قائلا: "أنت إعلامية ولا تحكمي بالتضليل أو عدم التضليل على ما لا معرفة لك به"، فانتقدت لميس نبرة صوت الدكتور العواري الحادة، وطالبته بأن يتحدث معها بلهجة جيدة، بعدها تطرق للحديث عن مناهج الأزهر والدور الذي لعبه الإمام الأكبر في تجديد الخطاب الديني.

 

 

وشهد برنامج الحديدي أيضًا مداخلة هاتفية للدكتور أسامة الغزالي حرب، الذي قال نصا: إن تجديد الخطاب الديني لم يحدث منه أى شيء، ولا تزال كتب الأزهر بها كوارث حقيقية وقد صادفنا هذا الكلام في الأسبوعين الماضيين عند حديثنا عن الطلاق الشفهي، ونكاح الرضيعة، وما يحدث فى مصر شيء غير مسبوق فى تاريخها المعاصر، ودعا إلى ضرورة أن يضم المجلس الأعلى لمكافحة التطرف مجموعة من المفكرين الذين يمثلون جوهر الثقافة المصرية بوجهها المشرق المضيء العلماني.  

 

 

وفى تعليقه على هذا الهجوم، قال إسلام عبد العزيز الباحث في شئون المؤسسات الدينية، إن إشارة الهجوم على الأزهر جاءت من رأس الدولة نفسه، عندما تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عقب اجتماعه بمجلس الدفاع الوطني عن الخطاب الديني، مضيفا : "ولم يأت ذكر الأزهر كالعادة على لسانه بحسبانه الجهة المنوط بها ممارسة هذا التجديد على مستوى الخطط وعلى مستوى التنفيذ ووضع الآليات القادرة على تحقيق هذا الهدف".

 

وأضاف عبد العزيز لـ"مصر العربية" أن "السيسي لم يقتصر على إهمال ذكر الأزهر، وإنما فعل ما هو أبعد من ذلك حينما أعلن إقالته مباشرة وعلى الهواء من هذا الدور وتحدث عن جهتين يمكنهما التعامل مع ملف الخطاب الديني، وهما البرلمان والمجلس الاعلى لمكافحة التطرف والإرهاب، والذي تم تدشينه كنتيجة لاجتماع مجلس الدفاع الوطني.

 

وأكد أن ما صدر عن السيسي في هذه اللحظة كان بمثابة الإشارة الخضراء التي فتحت الطريق أمام كل انواع الهجوم على الأزهر وشيخه.

 

وحمل إسلام عبد العزيز، شيخ الأزهر الحالي مسؤولية الوضع الذي وصل إليه الأزهر، بزج هذه المؤسسة العريقة في آتون الصراع السياسي الذي ما كان ينبغي له أن يحسب فيه على طرف من الأطراف، مضيفا: "وبالتالي فمن تنازل لا يقبل منه أن يتراجع.. وحينما حاول شيخ الأزهر أن يتراجع بدا الحال كما هو الآن.. تشهير وهجوم ربما يفضي بإرغامه على الاستقالة ووضع أحد الدمى في موضعه ليسهل السيطرة عليه"، معربا عن تخوفه من أن يأتي اليوم الذي يقول فيه الناس: "كان عندنا في مصر شيء اسمه الأزهر".

 

عن قدرة المؤسسات الدينية فى مصر على مواجهة التنظيمات المسلحة، أوضح الدكتور كمال حبيب الباحث في الحركات الإسلامية، أن التنظيمات المسلحة موضوع مركب، يتعلق بسياسات الدولة الاجتماعية الاقتصادية.

 

وأكد حبيب في حوار لـ"مصر العربية"، ينشر لاحقا، إلى أن الجانب الفكري والديني في مواجهة هذه التنظيمات، مهم فيما يتعلق بطرح القضايا الفكرية والمراجع الشرعية التى يستندوا إليها، وطرح القضايا المتعلقة بخطاب بديل، حتى لا يكون الشباب فريسة للحجم الهائل من الأفكار التي تطرحها داعش على الإنترنت، لكن لا يجب أن يقتصر الأمر على المؤسسات الدينية وحدها في موضوع المعالجة، لأنه أمر مركب ويحتاج إلى علماء في الاجتماع والسياسة ومراجعين قدامي لهم تجارب فى هذه المسألة.  

 

مقالات متعلقة