نحو أربعة عشر شهرا تفصل المصريين عن انتخابات رئاسية جديدة، يحمل فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لقب الرئيس المنتهية ولايته، ليخضع مرة أخرى لسلطان صناديق الاقتراع، على وقع أزمات أمنية متتابعة، كانت آخرها التفجيرات التي طالت الكنائس في طنطا والإسكندرية، وأسفرت عن استشهاد 45 مواطنًا مسيحيًا، ما حدا بالرئاسة إلى اللجوء لإعلان حالة الطوارئ لثلاثة أشهر.
سلطة مأزومة، وبلد يتأرجح على كفة الأزمات، فهل يجرف تيار الطوارىء، وتوابعه، استحقاق الانتخابات الرئاسية كما تساءل، بنبرة لم تخل من سخرية، بعض المتابعين للمشهد السياسي؟ أم أن الأمر ما يزال بعيدًا عن مسارح النقاش العام هذه الأيام؟
الخبير الدستوري عصام الإسلامبولي قال في البداية إن الدستور حدد قواعد ومددًا زمنية واضحة لفرض حالة الطوارئ، والحد الأقصى لمدها 3 أشهر إضافية للأشهر الثلاثة الأولى، أي تجدد لمرة واحدة.
وأضاف الإسلامبولي لـ "مصر العربية" أنه خلال المدة الأولى لفرض الطوارئ يجب موافقة 50%+1 من أعضاء البرلمان، بينما في المدة الثانية يقتضي الدستور أن يوضح رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء، حال تفويضه من الرئيس في اتخاذ القرار، الأسباب التي بموجبها يطالب بالمد، وترتفع نسبة موافقة البرلمان إلى ثلثي الأعضاء.
وأوضح الخبير الدستوري أن مد حالة الطوارئ لما يزيد عن 6 أشهر له حالتان فقط؛ الأولى من خلال طرح الأمر على استفتاء شعبي، أو انتظار انتهاء مدة الطوارئ الثانية بعدد من الأيام ثم التقدم بطلب آخر لفرض الطوارئ من جديد، وهذا الإجراء الثاني سيكون تحايلا على الدستور والقانون، بما يعرضه للطعن.
وانتقد الإسلامبولي حديث رئيس مجلس النواب علي عبد العال حول "إلغاء العمل بالدستور والقوانين العادية في ظل حالة الطوارئ"، مؤكدا أنه يتضمن كلاما غير صحيح، فأحكام الطوارئ تلغي مؤقتا، وطوال مدة تطبيقها، أحكام القوانين العادية لكنها لا يمكن أن تلغي الدستور أو تخالفه.
وكان رئيس مجل النواب قد قال إن قانون الطوارئ "تم تطبيقه لمواجهة حالات معينة تتعلق بالجرائم الإرهابية وليس تطبيقه كمان كان طوال 30 سنة ماضية دون ضرورة لذلك".
وذكر في تصريحاته التي أعقبت موافقة البرلمان على فرض الطوارئ: "تطبيق حالة الطوارئ تبدأ معها شرعية جديدة، شرعية لا تعمل بالقواعد العادية ولكن تعمل بالقواعد الاستثنائية. سيتوقف كل ما هو عادي ويطبق كل ما هو استثنائي ولا يجوز الحديث بما يوجد في الدستور والقوانين العادية".
وتنص المادة 154 من الدستور على: "يعلن رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مجلس الوزراء حالة الطوارئ على النحو الذي ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه. وإذا حدث الإعلان في غير دور الانعقاد العادي، وجب دعوة المجلس للانعقاد فورًا للعرض عليه. وفي جميع الأحوال تجب موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس على إعلان حالة الطوارئ، ويكون إعلانها لمدة محددة لا تجاوز ثلاثة أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس. وإذا كان المجلس غير قائم يعرض الأمر على مجلس الوزراء للموافقة، على أن يعرض على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له. ولا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ.
من جانبه، رأى أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية فؤاد عبد النبي، أن حالة الطوارئ حال استمرارها لن تؤثر على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن الدستور لا يمنع إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها أثناء سريان حالة الطوارئ، وكان هذا الأمر واضحا خلال السنوات الماضية والتي فرضت فيها حالة الطوارئ منذ عام 1981 وحتى عام 2011 خلال أحداث ثورة 25 يناير، لافتا إلى أنه تم إجراء انتخابات رئاسية خلال تلك الفترة كان آخرها التي نافس فيها أيمن نور الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك.
في السياق نفسه، استبعد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، مد حالة الطوارئ حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأشار السيد لـ "مصر العربية" إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي ليس في حاجة إلى هذا الإجراء لأنه لا يخشى المنافسة خلال الانتخابات المقبلة، نظرا لغياب المنافسين أو من يمكن أن يمثلوا تهديدا على استمراريته في الحكم.
وشدد أستاذ العلوم السياسية على أنه لا توجد فرصة لأي منافس أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات المقبلة.