تبدأ الحكومة المغربية الجديدة عملها في البلاد، بينما تنتظرها خمسة ملفات شائكة تتوزع بين السياسة والاقتصاد والأمن ومكافحة الفساد.
وتنتظر الحكومة المقبلة التي يقودها حزب إسلامي للمرة الثانية في تاريخ البلاد، ملفات "الاستقرار، وتفعيل الاتفاقيات الأفريقية، والملف الاجتماعي (الصحة والتعليم ومحاربة البطالة)، ومحاربة الفساد، والحفاظ على تماسك الأغلبية الحكومية".
وتعد المغرب من أقل الدول العربية تأثراً بثورات الربيع العربي، وبدا ذلك واضحاً على صعيدين، الأول نسب النمو الاقتصادي، والثانية أعداد السياح الوافدة إلى البلاد.
وبلغ متوسط نسبة النمو في المغرب خلال السنوات الست الماضية، نحو 3.8%، فيما شهدت البلاد تراجعاً طفيفاً في صناعة السياحة، إلى حدود 10.3 ملايين سائح العام الماضي.
إلا أن ما يحدد أكثر مستقبل الحكومة الجديدة، الإصلاحات المنتظرة لتحسين جودة التعليم والصحة، وخفض نسب البطالة التي تتراوح في نطاق 9.5%.
ورأت الحكومة الجديدة النور، خلال وقت سابق من الشهر الجاري، وتتألف من 39 وزيراً وكاتب دولة، بينهم 11 وزيراً من "العدالة والتنمية"، إضافة إلى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني (61 عاما)، و7 وزراء تكنوقراطيا (مستقلين)، و7 لحزب "التجمع الوطني للأحرار" (يمين)، و5 لـ"الحركة الشعبية" (يمين)، و3 لـ"التقدم والاشتراكية"، و3 لـ"الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" (يسار)، فضلا عن وزيرين من "الاتحاد الدستوري" (يمين).
الاستقرار
حافظ المغرب على أمنه الداخلي طيلة السنوات الماضية، في ظل محيط مضطرب، وهو ما ساهم في عقد اتفاقيات شراكة مع عدد من الدول وجلب استثمارات، وتحوله إلى وجهة جديدة للعديد من السياح.
ويمثل المغرب نموذجاً في المنطقة من حيث الاستقرار والأمن، خصوصا في ظل إشراكه للإسلاميين (قاد حزب العدالة والتنمية الحكومة المغربية ما بين 2011 و2015 وفاز بالمرتبة الأولى خلال انتخابات التشريعية ل7 سبتمبر 2015).
وتسعى المغرب للحفاظ على أمنها بعيداً عن المخاطر، مثل عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب (ارتفعت أعداد العائدين من صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلى المغرب، خلال 2016 إلى 47 عائداً.
وبلغت أعداد الخلايا "الإرهابية"، التي أعلن المغرب عن تفكيكها العام الماضي، 19 خلية، ترتبط معظمها بتنظيم داعش، بحسب آخر إحصائيات المكتب المركزي للأبحاث القضائية (تابع للمخابرات المغربية الداخلية).
تفعيل الاتفاقيات الأفريقية
ينتظر المغرب عمل كبير لتفعيل الاتفاقيات التي توقيعها مع الدول الأفريقية، خصوصا أنه أطلق مشروع إنجاز خط إقليمي لأنابيب الغاز بين بلادهم ونيجريا، مرورا على 11 بلدا، خلال ديسمبر 2016.
إلى جانب خط الأنبوب، فإن البلاد تنتظر ضخ استثمارات في أكبر معمل للأسمدة بأثيوبيا خلال نوفمبر الماضي، تبلغ قيمتها 3.7 مليار دولار.
وأسفرت الزيارات التي قام بها العاهل المغربي محمد السادس، إلى العديد من الدول الأفريقية التوقيع على 75 اتفاقية مع دول جنوب السودان، وغانا، وزامبيا، وغينيا، وكوت ديفوار.
الصحة والتعليم والبطالة
استطاعت الحكومة أن تخفض أسعار الأدوية، وتوسيع التأمين الصحي ليشمل 8 ملايين من ذوي الدخل المحدود، إلا أن هناك انتقادات كبيرة موجهة للبينة التحية للمستشفيات، مما يجعل قطاع الصحة أحد أبرز الملفات الذي ينتظر الحكومة المغربية.
أما التعليم، فهناك دعوات متكررة للرفع من مستوى جودة التعليم في البلاد.
ويبقى ملف البطالة من الملفات الشائكة التي تنتظر الحكومة المقبلة، خصوصا في ظل ارتفاع خريجي الجامعات، وعدد المقبلين إلى سوق العمل.
وتراجعت نسبة البطالة في السوق المغربية بنسبة 0.3% خلال العام الماضي، إلى 9.44% مقارنة مع 9.7% للعام السابق عليه، حسب المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب.
وأفادت المندوبية السامية (الهيئة الرسمية المكلفة بالإحصاء)، أن واحداً من بين أربعة شباب (مليون و685 شخص)، تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، في البلاد، لا يعملون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تدريب.
محاربة الفساد
يرى مراقبون أن الحكومة المغربية السابقة، وجدت صعوبات في محاربة الفساد، وأقر عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المغربي السابق، ذلك، في تصريحات إعلامية.
وتقول الحكومة، إنها حققت تقدماً في مجال محاربة الفساد خلال ولايتها المنتهية ولايته، مثل إعفاء العديد من المسؤولين الكبار بالوزارات والمؤسسات والسجون الذين تحوم حولهم شبهة الفساد، وعزل 18 قاضيا مرتشيا وتوقيف العديد من الأطباء المتاجرين في المرضى والشواهد الطبية.
في المقابل، تنتقد بعض الجمعيات التي تعنى بمحاربة الرشوة، الحكومة، بسبب عدم تحقيق نتائج كبيرة في ملف محاربة الفساد.
وعبرت منظمة "ترانسبرنسي المغرب"، في بيان لها في سبتمبر الماضي، عن أسفها لعدم احراز تقدم كبير في مكافحة الفساد في المغرب.
تماسك الائتلاف الحكومي
من المنتظر أن يبقى رهان حكومة سعد الدين العثماني، الحفاظ على تماسك الائتلاف الحكومي، خصوصاً في ظل المخاض الذي عاشت على وقعه خلال تشكيلها.
إذ عرفت الأغلبية الحكومية المنتهية ولايتها، العديد من التناقضات برزت من خلال التصريحات المتضاربة بين الأحزاب المشكلة لها، والتصريحات الإعلامية لزعماء الأحزاب المشاركة.