انتقد قانونيون تصريحات رئيس مجلس النواب علي عبد العال التي قال فيها إن "مصلحة الدولة تعلو على كل الدساتير وعندما تعلن الطوارئ لا يجوز الاحتجاج بالدستور"، ورأى بعضهم أن حالة الطوارئ تسمح بفرض بعض القيود.
وقال عبد العال، خلال الجلسة العامة للبرلمان، الثلاثاء الماضي، إن "الطوارىء شرعية لا تعترف بالقواعد العادية، لكنها تعمل بالقواعد الاستثنائية المعمول بها"، لافتًا إلى أنه في حالات الضرورة يتم وقف العمل بكل ما هو عادي، ويطبق كل ما هو استثنائي ولا يجوز الحديث بما يوجد في الدستور".
الفقيه الدستوري عصام الإسلامبولي علق على حديث عبد العال قائلا:" لا أستطيع أو أتخيل أن يصدر هذا الكلام من رئيس المجلس وهو رجل قانون دستوري"، واصفا الكلام بأنه "غير مسؤول".
وأضاف الإسلامبولي لـ"مصر العربية" أن كلام عبد العال يعني الخروج عن المفهوم الصحيح لدولة سيادة القانون، وأن الدولة تمارس إرهابا على المواطن.
وأوضح أن إعلان حالة الطوارئ لا يعني إلغاء الحقوق والحريات وإلا يحدث انفلات في المجتمع، متابعا "كما يخرج المجرمون عن أحكام القانون، فإن عدم تطبيق الدولة لأحكام الدستور تخرج بذلك عن الدستور وتصبح هناك فوضى وبلطجة".
وعلق الدكتور فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون الدستوري، على تصريحات عبد العال بالاستشهاد بحكم المحكمة الدستورية الصادر في 2 يونيو 2013، الخاص بالطعون على قانون الطوارئ.
وجاء في نص الحكم "القانون المنظم لحالة الطوارئ يتعين أن يتقيد بالضوابط المقررة للعمل التشريعي، وأهمها عدم مخالفة نصوص الدستور الأخرى، إذ إن صدور قانون الطوارئ بناء على نص في الدستور لا يعني ترخيص هذا القانون في تجاوز باقي نصوصه".
وشدد عبد النبي أن الوضع الاستثنائي أو حالة الطوارئ لا تعني الخروج عن القانون والدستور، مؤكدا أن مخالفة نصوص الدستور تعني الخروج على دولة القانون المنصوص عليها في المواد الـ 7 من دستور 2014 من المادة 94 حتى المادة 100 .
وأردف أنه لا يوجد مبرر للخروج على الشرعية القانونية أو الدستورية أو تغليظ التجريم والإسراف في العقاب تحت ظل قانون الطوارئ، ولا يوجد مبرر لإهدار الضمانات الدستورية التي كفلها للمواطن، وإلا تعد الدولة تمارس عملا إرهابيا على المواطن.
واستند عبد النبي إلى المادة 2 فقرة أ من قانون الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، وكذلك المادة 86 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937، وتتضمن كل منهما أن تعطيل أيا من أحكام الدستور ولقانون أو اللوائح يعد عملا إرهابيا.
من جانبه، رأى صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري، أن عبد العال رجل يحترم الدستور ويتحدث عن المبادئ العامة التي ينص عليها قانون الطوارئ، مشيرا إلى أن دول العالم تلجأ لإجراءات أكثر صرامة من مصر.
ولفت فوزي إلى أن قانون الطوارئ يسمح بفرض بعض القيود، منها حظر التجوال ورفض تراخيص السلاح ومراقبة الهواتف المحمولة وشبكات الاتصالات والإنترنت.
وأوضح أنه يوجد نوعان للمشروعية، الأول: مشروعية عادية وتطبق في الظروف العادية بمعنى الالتزام بكافة الأطر القانونية والدستورية في الظروف العادية، والثاني: المشروعية الاستثنائية أو الظروف غير العادية ولا تصلح معها الإجراءات العادية .
وتابع فوزي أن كل الدساتير تقر بالمشروعية غير العادية والإجراءات الاستثنائية، مستشهدا بفرنسا التي منحت رئيس البلاد صلاحيات دستورية تصل إلى تعطيل بعض نصوص الدستور، وأعطت الحق لمجلس الوزراء في إعلان حالة الطوارئ، وكذلك لديها قانون يعرف باسم حالة الاستعجال.
واستطرد أن حالة الطوارئ تشمل 3 مبادئ هي :" السماح للقوات المسلحة بالمشاركة في ضبط الأمن مع الشرطة المدنية، وفرض بعض القيود على الحريات العامة انتصارا للنظام العام، وامتداد اختصاص القضاء العسكري لمحاكمة المدنيين".
وتساءل الفقيه الدستوري وأستاذ فلسفة القانون بجامعة الزقازيق الدكتور نور فرحات قائلا:"حالة الطوارئ تستمد مشروعيتها من المادة ١٥٤ من الدستور، فإذا أهدرنا الدستور باسم الطوارئ فقدت الطوارئ سندها الشرعى الدستورى وتصبح قوة الدولة وبطشها بمواطنيها عارية من الشرعية.. هل هذا ما يعنيه رئيس البرلمان؟".
وأضاف فرحات، على صفحته على الفيس بوك:"لعل رئيس البرلمان يمهد بهذا التصريح الكارثى لتهيئة الأجواء للعصف بالدستور وعرض الاتفاقية الباطلة على البرلمان ما دامت مصلحة الدولة تقتضى ذلك" في إشارة لاتفاقية تيران وصنافير المحالة مؤخرا إلى اللجنة التشريعية بمجلس النواب.