بدأت معركة جديدة تلوح في الأفق بين المنظمات الحقوقية، والبرلمان الذي أخذ في سن رماحه في وجه رواد مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها "فيسبوك" و"تويتر" ، بعدما شهدت الفترة الأخيرة طرح أفكار برلمانية متعلقة بفرض تسعيرة على استخدام تلك المواقع لتخفيض حجم الدخول عليها .
ولم يكتف النواب المعارضين لاستخدام الشباب لمواقع التواصل الاجتماعي ببعض المطالبات لتي شملت غلق صفحات خاصة بكتاب ومعارضين سياسيين، ومحاكمة أشخاص بسبب منشورات تعارض أو تهاجم السلطة الحالية على مواقع التواصل الاجتماعي .
ويرى خبراء أن العالم الافتراضي أو ما يعرف بمواقع التواصل الاجتماعي لجأ إليه الناس بعد تضييق الخناق عليهم من جانب السلطة في مختلف المجالات المتعلقة بالعمل السياسي سواء كانت أحزابا أو نقابات أو منظمات مجتمع مدني، محذرين في الوقت ذاته من نتائج تلك السياسة والتي تدفع لتكرار سيناريو 25 يناير 2011من جديد.
أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة سعيد صادق وصف الأطروحات البرلمانية المتعلقة بفرض رسوم مبالغ فيها على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي تصل لـ 200 جنيه شهريا بأنها لا وزن لها .
وأضاف صادق لـ "مصر العربية" أن الأهم هو تصاعد وتيرة الهجوم المتزايد على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن أصبحت وسيلة هامة للحصول على المعلومات في دولة تعتمد على الإعلام الحكومي والخاص والأجنبي والسوشيال ميديا.
وأكد أستاذ الاجتماع السياسي أن مواقع التواصل الاجتماعي تتيح للأفراد التعبير عن رأيهم بحرية والحديث حول المناقشات التي يحظر تناولها إعلاميا، معبرا عن رفضه لمحاولات السيطرة على تلك المواقع وتقييدها لأن الديمقراطية تأتي عن طريق الممارسة والتعبير عن الرأي بحرية أهم خطوات تلك الديمقراطية.
وتابع" الأزمة ليست في فيس بوك وغيره، تلك حجة لمنع أي معارضة للنظام حتى وإن كانت ضمن عالم افتراضي، والدولة لم تنجح في السيطرة على وسائل الإعلام التي تبث من خارج مصر والتي تنقل الأحداث داخل مصر لحظة بلحظة وبالصور والفيديوهات".
وسواء كان الأمر بالإجبار أو طواعية ستغلق الكثير من صفحات رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة المقبلة بدأت بالدكتور نور فرحات الذي أغلق حسابه طواعية معتبرا أن الكلمة لم تعد لها جدوى في التغيير، معربا في الوقت نفسه عن استهجانه لأفعال النظام السياسي.
بينما تم إغلاق صفحة الكاتب الصحفي جمال الجمل على موقع فيس بوك بعد انتقاده للتوجه الذي يسلكه الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي وفقا لـ «رأي الجمل» سيقوده إلى نفس مصير الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
وطالب سعيد صادق بضرورة التصدي لتلك المحاولات التي لن تتوقف على فيسبوك فقط حال نجاح البرلمان في فرض هذه الإجراءات غير المقبولة، معتبرا أن الأمر حتى الأن مجرد بالونة اختبار لكنه يمكن أن يتحول لحقيقة حال عدم رفضه بشكل واضح.
في السياق ذاته، أوضح الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان أن الحديث حول فرض رسوم مادية على استخدام فيس بوك وغيره أثير أكثر من مرة قبل ذلك.
وأشار عودة لـ "مصر العربية" إلى أن خدمة الانترنت خدمة مجانية توفرها مختلف دول العالم ولا يمكن بأي شكل من الأشكال منع الناس من استخدامها داخل مصر.
وشدد أستاذ العلوم السياسية على أهمية ترك قدر من الحرية للناس في التعبير عن آراءهم وإن كان ذلك بشكل غير رسمي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يطلق عليه «العالم الافتراضي».
الدكتور أحمد دراج أستاذ العلوم السياسية بجامعة بني سويف بدأ كلامه محذرا من الاستمرار في تضييق الخناق وسد أفق المجال السياسي ومحاولات قتل حرية الرأي والتعبير والتي «وفقا لحديثه» ستعيد إحياء طريق الوصول لـ 25 يناير جديدة، بعد أن كانت نفس الأسباب الحالية سببا في اندلاعها.
وتساءل دراج خلال حديثه لـ "مصر العربية": هل النظام الحالي لا يتعلم من أخطاء سابقيه؟، ولماذا هو مصر على المضي قدما في طريق نتائج معروفة من البداية حتى وإن طال السير به؟.