بوجوه يرتسم عليها الحزن على وقع أجراس الكنائس الممزوجة بالألم، أحيا الأقباط مراسم قداس عيد القيامة، مساء السبت، بعد نحو أسبوع من تفجيرين استهدفا كنيستين، راح ضحيتهما العشرات. والأحد الماضي وقع تفجيران بكنيستي المرقسية بالإسكندرية ومارجرجس بطنطا، أسفرا عن مقتل 45 شخصاً، وإصابة 125 آخرين، أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عنهما. وسبق أن قررت الكنائس إلغاء احتفالات "عيد القيامة"؛ تضامنا مع ضحايا تفجيري الكنيستين، والاكتفاء بصلوات القداس ليلة (اليوم) العيد. في القاهرة، ترأس البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية (أكبر مقر كنسي للمسيحيين الأرثوذكس)، وبدا عليه الحزن وهو يتلو صلاوات القداس، ومن أمامه تبددت الفرحة تماماً على وجوه الحاضرين بدلاً من تبادل التهاني. ودخل تواضروس إلى قاعة الاحتفالات الكبرى بالكاتدرائية، وسط موكب من كبار الأساقفة والكهنة والشمامسة ليرأس القداس. وقال في كلمته: "نحمل مرارة شديدة حيال الأحداث التي شهدتها مصر الأسبوع الماضي (..) نجتمع ونحتفل مع كل من شاركونا في آلامنا ومع أهل مصر بعيد القيامة".
ودقت أجراس قداسات عيد الميلاد دون الوقوف لدقائق حداداً على ضحايا كنيستي طنطا والإسكندرية. وفي مصر الجديدة، ترأس أندرية زكي رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، صلاة القيامة بالكنيسة الإنجيلية بحضور عدد من الوزراء والمسؤولين ومئات المواطنين المسيحيين وسط إجراءات أمنية مشددة. ونقل التلفزيون المصري رسالة زكي بعد انتهاء الصلاة، قال فيها: "نؤمن بالحرية والتغيير والسلام المجتمعي والعيش المشترك ونؤمن بالحياة ونريد أن نعيش في كرامة وإخاء". كما ترأس البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق بطريرك الأقباط الكاثوليك عيد القيامة بالكنيسة الكاثوليكية بمدينة نصر. وقال في كلمته: "يا للمشهد الحزين حين نرى ثروات العالم تتحول إلى أسلحة فتاكة مدمرة بدلا من أن تزرع سنابل القمح وتشق الطرق وتشبع الجياع وتروي العطاش، كما فعل المسيح في بناء جسور التواصل بين الأمم ونشر الخير والفرح". وطغى المشهد الأمني على احتفالات عيد القيامة، حيث انتشر رجال الأمن بمحيط وداخل الكاتدرائية بالعباسية والكنائس بشكل كبير، فيما لم تحدث أي حوادث تخل بالمناسبة في فروع الكنائس الثلاثة في محافظات مصر(27 محافظة). وقال اللواء طارق عطية مساعد وزير الداخلية لشئون الإعلام، إنه "تم التأكد من فاعلية كاميرات المراقبة بمحيط كل الكنائس". وشدد في تصريحات متلفزة: "لا نقبل إلا أن يقيم الأخوة المسيحيون صلواتهم في أجواء آمنة". وأضاف "عطية" أن "خبراء المفرقعات قاموا بتمشيط دوري بجميع محيط الكنائس، إضافة لتوفير حرم آمن لكل الكنائس". وقداس عيد القيامة، يتميز بالترانيم الحزينة التي يرتلها المسيحيون في أسبوع الآلام (مناسبة مسيحية). وهذه الترانيم الكنسية، توارثها المسيحيون من القرن الأول وحتى القرن الخامس الميلادي، ويتم تأديتها بنفس الشكل الذي كانت تؤدى به في هذه القرون الأولى التي شهدت ميلاد المسيحية.
وعيد القيامة هو المناسبة الأبرز كنسياً مع عيد الميلاد، الذي يحتفي فيه المصريون المسيحيون بشكل بارز، ويرمز إلى قيامة المسيح من بين الأموات بعد ثلاثة أيام من صلبه وقتله، حسب المعتقدات المسيحية.
ويحتفل المسيحيون بعيد القيامة، حيث يستقبل القاد الكنسيون المهنئين في الكنائس، ويقيم المواطنون الولائم لتعويض فترة الصيام الطويلة (55 يوما). ويقدر عدد المسيحيين في مصر بنحو 15 مليون نسمة وفق تقديرات كنسية، من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ 92 مليونا.