شعرتُ بدهشة شديدة وأنا أتابع الإعلام المصري يُعلن الحرب الشعواء ضد الأزهر الشريف عقب تفجيرات كنيستي طنطا والإسكندرية؛ حيث تركزت حملة الإعلام المصري حول الأزهر الشريف وتجديد الخطاب الديني!
ربما هذه المرة الأولي في تاريخ مصر أن تحدث مثل هذه الحملة الشعواء ضد الأزهر الشريف ، حتى صارت حملة نابليون بونابرت بخيولها وحوافرها تتواري خجلا بجوار هذه الحملة العاتية الحالية في عهد السيسي .
فجأة تحول تفجير إرهابي إلي هجمة ضد عقيدة كاملة بكتبها وتراثها ، وهذه إحدى المضحكات المبكيات التي تفردت بها مصر .
وأود باختصار أن أشير في نقاط كمسلمة أولا وكتونسية ثانيا إلي بعض الحقائق :
الأزهر الشريف هو منارة للإسلام والمسلمين منذ أكثر من ألف عام ، والانتقاص من قدره وهيبته انتقاص من الأمة .
ثانياً : الإسلام ينفي صراحة ألوهية المسيح أو تعليقه علي الصليب .. وليس جماعة الإخوان المسلمين أو أي تيار آخر كما يُروج الإعلام المصري ، قال الله تعالي :" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ۗ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " ( المائدة : 17 )
" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ( المائدة : 73 ) .
" وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ " ( النساء : 157 ) .
ثالثاً : المسيحيون لا يؤمنون بنبوة الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم ، ومع ذلك لا يطالبهم الإعلام المصري بالإيمان بالرسول وإصدار فتاوي تعلن ذلك ، كما أنهم يُكفّرون المسلمين ويعتبرونهم سيدخلون بحيرة النار والكبريت لأنهم لا يؤمنون بألوهية المسيح ، ومع ذلك أيضاً لا يطالبهم الإعلام المصري بعدم تكفير المسلمين .
رابعاً : مثلما يتحدث الإعلام المصري عن التطرف لدي بعض الشيوخ ، فهناك قساوسة يخضعون للكنيسة المصرية يسبون القرآن الكريم ويُحرّضون علي الاقتتال الطائفي في فضائيات تبث عبر القمر الأوروبي والنايل سات ، ومنهم علي سبيل المثال القُمّص زكريا بطرس والقمّص مرقص عزيز خليل وشهرته الأب يوتا ، والقمص متياس منقريوس ... إلخ وجميعهم يدّعون أن مصر بلد الأقباط وأن المسلمون ضيوف ويسبون الإسلام سبا مقذعا ، ومع ذلك لم تتخذ الكنيسة الأرثوذكسية أى إجراءات ضدهم أو شلحهم ، بل طالما أعلن زكريا بطرس أن علاقته وطيدة بالكنيسة وأنه غير مشلوح أو مطرود . فلماذا يتجاهل الإعلام المصري كل هذا ويصب جام غضبه علي الأزهر الشريف ؟
خامساً : هل المطلوب أن يُعلن الأزهر الإيمان بألوهية المسيح حتى تتوقف حملة الإعلام المصري الضارية عليه ؟
إن اختزال أسباب الإرهاب في الأزهر أو مناهجه عمل مسيس خبيث ، يهدف لصنع الإرهاب .. ودفع الناس للدفاع عن عقيدتهم وتقسيم المجتمع .
نطالب عقلاء الشعب المصري بالأخذ علي يد سفهاء الإعلام .. ويمنعونهم من اللعب بالنار .