تباينت آراء الخبراء حول تأثير نتيجة استفتاء تركيا على اقتصادها بعد حسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المعركة لصالحه.
حيث رأى البعض أن الاقتصاد التركى سوف يشهد حالة من الانتعاشة بسبب صلاحيات أردوغان الواسعة عقب التعديلات الدستورية، بينما اعتبر آخرون أن تصرفات وقرارات أردوغان فى الفترة المقبلة هى من ستحسم الوضع الاقتصادى فى تركيا.
وحسم أردوغان معركة التعديلات الدستورية حيث صوت الأتراك بـ"نعم" في الاستفتاء، والتي تتضمن الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.
وتقاربت النتائج بين المؤيدين والمعارضين للتعديلات، ونجح المؤيدون في حسم الاستفتاء لصالحهم بفارق بسيط، حيث صوت 51.3% لصالح "نعم"، مقابل 48.6 صوتوا بـ"لا".
الحكومة التركية كانت تعقد آمالا كبيرة على موافقة الشعب التركى على التعديلات الدستورية فى استقرار المؤشرات الاقتصادية، حيث قالت إن جميع المؤشرات الاقتصادية ستكتسب استقرارا على المدى القصير في حال صوتت غالبية الشعب التركي لصالح التعديلات الدستورية في الاستفتاء. وأوضح وزير المالية التركى، ناجي أغبال، أن أسعار صرف العملات الأجنبية ومعدلات الفائدة والنمو الاقتصادي ونفقات الاستثمار ورؤوس الأموال الأجنبية ستشهد نتائج إيجابية على المدى القصير عقب الاستفتاء، وأن المرحلة الإيجابية الحقيقية لازدهار الاقتصاد التركي ستنطلق بعد 16 أبريل.
وأشار إلى أن الإصلاحات الهيكلية على المدى الطويل والقصير، ستتابع الواحدة تلو الأخرى عقب انتهاء الاستفتاء، موضحا أن حكومة بلاده اتخذت قرارات عدة من أجل إحياء اقتصاد البلاد خلال العامين الحالي والمقبل.
احتمالين مطروحين الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى، قال إن هناك احتمالين مطروحين على الساحة التركية حاليا بعد نجاح أردوغان فى الفوز بالتعديلات الدستورية والتحول من النظام البرلمانى إلى النظام الرئاسي.
وأضاف عبده، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن الاحتمال اﻷول يتمثل فى انتعاش الاقتصاد بشكل كبير بسبب الصلاحيات الواسعة التى سيحصل عليها أردوغان ويتحكم من خلالها على البلاد، فضلا عن الاستقرار السياسي الذى غاب عن تركيا خلال الفترة اﻷخيرة.
وأوضح الخبير الاقتصادى، أن نجاح أردوغان فى الملف الاقتصادى منذ أن كان رئيسا للوزراء قبل توليه الرئاسة هو مفتاح نجاحه فى إدارة الدولة وموضع ثقة نسبة كبيرة من الشعب التركى فيه، مدللا على ذلك بنمو الاقتصاد التركى خلال السنوات السابقة بشكل ملحوظ سواء فى البورصة وزيادة الاستثمارات الأجنبية وتوفير فرص العمل وتخفيض نسبة البطالة.
وأشار عبده إلى أن الاحتمال الثانى وهو اﻷضعف يتمثل فى سوء أوضاع الاقتصاد التركى خلال الفترات القادمة بسبب ديكتاتورية أردوغان فى اتخاذ القرارات وحكم البلاد، لأن كثيرا من رجال اﻷعمال لا يفضلون العمل فى بلاد ديكتاتورية ولا يتشجعون للاستثمار فيها.
ولفت إلى أن ما شهدته الليرة التركية من انخفاض خلال الفترة السابقة جاء نتيجة الانقلاب الوهمى الذى افتعله أردوغان فى تركيا وليس اﻷوضاع الاقتصادية السيئة.
وقبيل استفتاء تركيا انخفضت الليرة التركية أمام الدولار بنسبة 0.72% إلى 3.67 ليرة مقابل كل دولار.
وكانت الليرة التركية فقدت نحو 25 % من قيمتها خلال الفترة السابقة، بسبب حالة التوتر والغموض السياسي، إضافة إلى بعض العوامل الخارجية.
ويتراوح التضخم في تركيا بين 7.5 % و8.5 %، كما تشهد تركيا ارتفاعا مستمرا في البطالة بمعدل أكثر من 10%، وعجز فى الميزان التجاري وتراجع الاستثمارات.
اﻷوضاع تزداد سوءا
الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادى، قال إن مؤشرات الوضع الاقتصادى فى تركيا خلال الفترة المقبلة سوف يتم تحديدها بناء على تصرفات وقرارات أردوغان بعد الموافقة على التعديلات الدستورية، مشيرا إلى أن الوضع الجديد يجب أن يترجم إلى مزيد من الحريات والتخفيف من اﻹجراءات القمعية التى يتبعها فى حكم البلاد.
وأضاف نافع، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أنه لا يجب أن ينظر أردوغان إلى نسبة الموافقة على التعديلات وهى 51.3 % بل يجب عليه النظر فى نسبة المعارضة التى بلغت 48.7% لأن ذلك يؤثر على الوضع الداخلى فى تركيا ويزيد من الضغوط الداخلية.
وأوضح الخبير الاقتصادى، أن تركيا سوف تشهد سوءا فى الأوضاع الاقتصادية على المدى القريب تتمثل فى ضعف حجم التجارة الخارجية خاصة مع الدول الأوروبية التى شهدت توترات فى العلاقات معه مؤخرا، إضافة إلى انخفاض العملة الرسمية واستغلال المضاربين لهذا المستقبل السيئ فى انخفاضها.
وبلغت نسبة المشاركة في الاقتراع على التعديلات الدستورية 86% من اجمالي المقيدين في سجلات الناخبين، وهو ما يشير إلى حدة الاستقطاب الشعبي حول تلك التعديلات، التي تفتح الطريق أمام بقاء الرئيس أردوغان في الحكم حتى عام 2029.
الخبير الاقتصادي من أصل تركي نافذ صاووك، قال إن كثيرا من المستثمرين الأجانب أعدوا خططهم الاستثمارية في تركيا استنادا إلى احتمال تصويت الشعب لصالح التعديلات الدستورية، وأنّ تدفق المستثمرين الأجانب إلى تركيا سيتضاعف خلال الفترة المقبلة.
وأضاف فى تصريحات صحفية، أن الأسواق التركية ستشهد انتعاشا ملحوظا بفعل تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إليها، وبالتالي فإن العملة التركية ستستعيد عافيتها بشكل سريع أمام العملات الأجنبية خصوصا الدولار الأميريكي.
بينما توقع معهد الاقتصاد الألماني استمرار الأزمة الاقتصادية في تركيا عقب الاستفتاء على التعديلات الدستورية.
وقال رئيس المعهد ميخائيل هوتر، فى تصريحات صحفية، إن المشكلات الاقتصادية لتركيا لن تختفي بين عشية وضحاها، موضحاً أن عوامل مثل التضخم الذي يتراوح منذ سنوات بين 7.5 % و8.5% ، والارتفاع المستمر في البطالة بمعدل أكثر من 10% ، وعجز الميزان التجاري وتراجع الاستثمارات، عوامل تنذر بالخطر بصورة أكبر بكثير.