لقد حمل بعض الإعلاميين سيوفهم منذ أن حدث التفجير البغيض علي الكنائس في مصر لينقضوا علي الأزهر الشريف وكأنهم كانوا ينتظرون مثل هذا الحادث الآثم وبدلا من المحافظة علي الوحدة الوطنية والتلاحم الأخوي ومواجهة الإجرام الغاشم لأمن مصر ومؤسساتها انطلقوا يهجمون بألسنة حداد علي الأزهر ومناهجه وكأن الأزهر هو الذي أرسل المجرمين ليفجروا الكنائس
بل وصل الافتراء من أحد المذيعين أنه صرخ علي الهواء كذبا مدعيا ( أن اليوم خرجت شهادة وفاة للأزهر في مصر وأن مناهجه يجب أن تنسف نسفا) وبعدها بقليل خرجت مذيعة أخري لتطالب بتشريع قانون بالتدخل في مناهج الأزهر واتصلت ببعض ممن تسميهم النخبة فطالب أحدهم بعلمنة المجلس الأعلي لمواجهة الإرهاب المزمع إقامته وأن يختار رجاله من التنويريين ثم نادي آخر علي الهواء بإقصاء علماء الأزهر،، وأخذ وقتا طويلا في إلقاء الاتهامات تجاه الإمام الأكبر
ولما تدخل أحد علماء الأزهر بالرد ثارت المذيعة وطالبت أن يعدد لها إنجازات الأزهر التي لم تر منها شيئا خاصة في مسألة تجديد الخطاب الديني علي حد زعمها (وهات الكيل في اتهام الأزهر ومناهجه وعلمائه) لدرجة أنني كدت أن استحي من صديقي المسيحي كمسلم وكأزهري حينما أقابله وكأنني أراه ينظر إليّ وعلي كل مسلم بأنه هو الذي فجر الكنيسة بسبب هذا الهياج الإعلامي من البعض علي أزهرنا الشريف !!.
ولاشك أن هذا تهريج إعلامي وجعجعة لا قيمة لها. فهؤلاء الذين أنيط بهم أن يجلسوا علي المنصات الإعلامية عليهم أن يتحملوا المسئولية وأن يعلموا أن الأكاذيب والافتراءات في هذه الأوقات الصعبة ليست هي الحل والدواء بل الصدق والضمير والعمل الجماعي ووضع الأمور في نصابها الصحيح والمكاشفة الصادقة هو الطريق للأمن الفكري والوطني وهو حائط الصد المنيع تجاه التطرف ورجاله الذين لا يراعون في الوطن ولا الدين إلا ولا ذمة.
فكيل الاتهامات لمؤسسة عريقة عالمية تحظي بثقة المسلمين في كل بقاع الدنيا ليس هو المطلوب بل هذه هي لغة العجزة عن معرفة الحقيقة. وفرض أيديولوجية معينة وفكر خاص علي المصريين لا يمكن أن يجد القبول وسنظل ندور في حلقة مفرغة والأزهر لا يمكن لأحد أن يعلن شهادة وفاته إلا رب العالمين إن أراد سبحانه وليس صحافياً أو مغروراً.
وبإذنه سبحانه سيظل الأزهر حيا برسالته العالمية وبمنهجه الإسلامي الوسطي ولقد حاولت تيارات ودول سابقة إعلان وفاة الأزهر وإخراج شهادة وفاة له من قبل فهلكت ودفن معها تدبيرها وبقي الأزهر شامخا قويا بعلمائه ووسطيته بإذن رب العالمين.. حاول ذلك التتار والصليبيون والفرنسيون بقيادة نابليون والإنجليز والإسرائيليون وغيرهم ولكنهم فشلوا وذهبوا وبقي الأزهر فهل يستطيع مذيع الآن أن يخرج شهادة وفاة للأزهر علي أرض مصر المحروسة وبين أهلها أبناء الأزهر؟.. نه عشم إبليس في الجنة.
وإن كان هؤلاء يظنون أن أصواتهم العالية يمكن أن تخفض صوت الأزهر في الحفاظ علي مصر وأمنها وعقول أبنائها فهم مخطئون وسيبقي الأزهر بفضل رب العالمين قطعة من مصر ومناهجه آلة قوية ضد المعتدين علي أمنها ووحدتها الوطنية مدي الأزمنة بإذن الخالق جل وعلا.
لذلك لا يهز الأزهر برنامج فضائي ولا جعجعة علمانية لأن علماءه لا ينظرون إلي الزبد الذي يذهب جفاء إنما إلي ما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
بقلم الدكتور عبد المنعم فؤاد أستاذ العقيدة والفلسفة وعميد كلية الوافدين بالأزهر
نقلا عن أخبار اليوم