آية حجازي تهز دستورية قوانين عدلي منصور .. ومطالبات بإلغاء «الحبس الاحتياطي»

الناشطة آية حجازي وزوجها أثناء محاكمتهما

 

ثلاثة سنوات قضتها الناشطة آية حجازي، وسبعة آخرين على ذمة الحبس الاحتياطي، بعد اتهامهم بالاتجار في البشر، واستغلال الأطفال، إلا أن النهاية كانت بحكم البراءة الذي حكمت به محكمة جنايات القاهرة، الأحد الماضي، وهو ما جدد مطالبات سياسية وحقوقية بتعديل القوانين التي يقبع بسببها آلاف المصريين في السجون دون أحكام بالإدانة.

و بحسب ناصر أمين مدير مكتب الشكاوى بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، فعدد المحبوسين احتياطيا تجاوز الآلاف، وهو ما جعل حقوقيون يطالبون بضرورة مراجعة شروط الحبس الاحتياطي ، وتقنين مدده، واستبداله في بعض القضايا بالتدابير الاحترازية.

 

من جانبه، يقول المحامي الحقوقي طارق نجيدة، والخبير القانوني، إن الحبس الاحتياطي هو أحد أبواب قانون الإجراءات الجنائية، ومن المفترض تعديله مع القانون عند عرضه على مجلس النواب.

 

وطالب نجيدة، أعضاء البرلمان بضرورة النظر في إجراءات الحبس الاحتياطي وإلغائها بشكل نهائي، ﻷنها لم تعد موجودة في غالبية دول العالم.

 

 

وبدأ مجلس النواب مؤخرا في مناقشة تعديلات قانون الإجراءات الجنائية المقدم من الدكتور صلاح حسب الله القيادي بائتلاف دعم مصر.

 

 

وأوضح نجيدة في تصريحات لـ"مصر العربية" أن القانون بوضعه الحالي يمنح سلطات التحقيق سلطة مطلقة في حبس المتهمين احتياطيا من باب وقاية الأدلة، وحماية التحقيق والشهود، إلا أن الإجراء في حقيقته تحول لعقوبة استثنائية.

 

 

ولفت إلى أن الحبس الاحتياطي سلطة استثنائية يجب ألا تتحول لقاعدة عامة، يحبس بسببها كل من يعرض على سلطات التحقيق، لافتا إلى أن هناك إجراءات بديلة له.

 

 

ويشير نجيدة إلى أن القاعدة العامة تقول إن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، وأي إجراء غير ذلك مخالف لنصوص الدستور المصري والمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر، خصوصا بعد انحرافه عما قصده المشرع منه حين وضعه.

 

وأكد الخبير القانوني أن الحبس الاحتياطي يمكن استبداله ببعض التدابير الاحترازية المتعارف عليها سواء بتحديد إقامة المتهم في منزله أو أن يحضر للتوقيع في أقرب نقطة شرطة لمنزله أو أي إجراء آخر يمكن أن يراه المشرع.

 

 

ولفت إلى أن الحبس الاحتياطي تحول لـ "غول" يأكل أعمار الناس ويضيع عشرات الأسر التي يحبس عائلها دون أن يكون لهم ولي غيره".

 

 

وطالب نجيدة بضرورة وضع قيود على سلطات التحقيق في حالة استخدامها للحبس الاحتياطي بأن يكون محدد المدة والتهم.

 

المطلب نفسه رفعته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، عقب براءة الناشطة آية حجازي، و7 آخرين مشيرة إلى أن إطالة مدة الحبس الاحتياطي يشكل اعتداءاً على ضمانات وحقوق المتهم التي نصت عليها وراعتها المواثيق والتشريعات الدولية.

 

 

وقالت المنظمة إن تقييد الحبس الاحتياطي باعتباره تدبير احترازي لضمان سلامة التحقيقات وسير العدالة، ولا يجوز اللجوء إليه إلا في حالات الضرورة ووفقاً لمعايير وضوابط محددة يضعها القانون.

 

وطالبت المنظمة "، في بيان لها باتخاذ تدابير وإجراءات بديلة للحبس الاحتياطى تتفق مع الدستور المصري و مواثيق وإعلانات حقوق الإنسان، والتي تقر أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته" في محاكمة قانونية عادلة وفي ظروف طبيعية.

 

 

ووضعت المنظمة التي يترأسها حافظ أبو سعدة عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، عددا من الإجراءات البديلة عن الحبس الاحتياطي، أولها تحديد مكان إقامة المتهم من قبل قاضي التحقيق وعدم تغيبه عنه إلا وفق الشروط والأسباب التي يحددها القاضي المذكور.

 

 

 

وأضافت المنظمة، أنه يمكن تحديد إقامة المتهم في نطاق جغرافي محدد مثل المحافظة التي يوجد بها محل سكنه، إلى جانب إبلاغ قاضي التحقيق بأي تنقل خارج النطاق الجغرافي المحدد له، والحضور بشكل يومي لقسم الشرطة الواقع في الدائرة محل سكن المتهم، علاوة على المنع من السفر خارج البلاد لحين الحكم في القضية المنظورة أمام القضاء.

 

 

وفي قضايا الجنح يمكن الإفراج عن المتهم نظير كفالة مالية يحدد مبلغها قاضي التحقيق، بحسب مقترح المنظمة، مع الأخذ في الاعتبار الحالة المادية للمتهم.

 

وبحسب حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة، في تصريح لـ"مصر العربية" فإن الحبس الاحتياطي يعد سلبا لحرية شخص متهم بارتكاب جريمة فترة من الوقت، ﻷنه يقر بإيداعه أحد السجون لحين إتمام التحقيق الذي يجرى معه.

 

وأكد أن الأصل في الحبس، أنه يسلب حرية المحبوس وأنه عقوبة يجب ألا تقع إلا بحكم قضائي، صادر بعد محاكمة عادلة تتوفر فيها للمتهم ضمانات الدفاع عن نفسه.

 

 

وأضاف أنه وفقا لنص المادة 57، من الدستور يجب أن يعوض كل من يحدث بحقه اعتداء على حريته الشخصية.

 

 

و من جهته يقول الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بني سويف، أنه للأسف لا يتوقع أن يقبل البرلمان على تعديلات من هذا النوع.

 

 

و أضاف لـ"مصر العربية" أن التوجه العام للسلطة السياسية هو التضييق وفرض مزيد من القمع، وبحسب وصفه فالبرلمان لا يعد أكثر من غرفة ثانية للسلطة التنفيذية، وبالتالي لن يعدل القانون بما يسمح بمزيد من الحريات.

 

 

واستدرك دراج قائلا إن "التعديلات التي أدخلها المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية الأسبق، هي السبب في زيادة مدد الحبس الاحتياطي، فرغم كونه قاضي دستوري كبير إلا أنه كان سببا لاقرار هذا القانون وقت أن كانت سلطة التشريع في يده أثناء وجوده على رأس السلطة التنفيذة".

 

مقالات متعلقة