دير سانت كاترين.. «الوادي المقدس طوى»

دير سانت كاترين

لا يكتسب دير سانت كاترين، -الذي تعرضت نقطة تأمينه لهجوم إرهابي مساء اليوم- ، أهميته فقط من كونه واحدة من أقدس البقاع في سيناء، بل وفي مصر كلها،  ولكن لكونه أيضا أحد أهم المزارات السياحية الواقعة قرب المقاصد السياحية في دهب وشرم الشيخ ونويبع وطابا. ويعد  الدير  الواقع أسفل جبل كاترين، أعلى القمم الجبلية في مصر، أقدم دير مسيحي في العالم، كما يقع الدير في حضن جبل موسى، وجبل الرؤية، وهي المنطقة التي تجلى فيها المولى تعالى، إلى سيدنا موسى، عليه السلام.

 

ووفقا للروايات التاريخية، فقد بني الدير بناء على أمر الإمبراطورة هيلين، والدة الامبراطور قسطنطين، ولكن الإمبراطور جستنيان هو من قام فعلياً ببناء الدير، في عام 545م ليحوي رفات القديسة كاترين التي كانت تعيش في الإسكندرية.

 

وصاية روسية 

 

و يخضع الدير لسلطة رهبان وكهنة من اليونان، وليس رهبان وكهنة الكنيسة القبطية المصرية. ولسنوات طويلة ظل الدير تحت وصاية الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وعقب انهيار الامبراطورية البيزنطية في القرن الخامس عشر الميلادي، أعلن القياصرة الروس انفسهم رعاة رئيسيين للدين الارثوذكسي المسيحي. وتحول دير سانت كاترين إلى عنايتهم الخاصة، حتى أعلنت روسيا عام 1689 رسميا رعايتها للدير، حيث تعد كاترين إحدى القديسات الأكثر إجلالا في روسيا، كما أن وسام القديسة كاترين كان أعلى وسام يقلد للنساء الروسيات قبل عام 1917. يحتوي الدير على كنيسة تاريخية بها هدايا قديمة من ملوك وأمراء العالم، منها ثريات من الفضة وبه بئر يقولون يقال إنه بئر موسى، كما يوجد داخل الدير شجرة يقال إنها "شجرة سيدنا موسى"، التي اشتعلت بها النيران فاهتدى إليها سيدنا موسى ليكلم ربه، وفقا لما ورد في الكتب الدينية المقدسة، وفي القرآن الكريم فإن الدير يقع في "الوادي المقدس طوى".

 

تحفة تاريخية  

ويمثل الدير قطعة من الفن التاريخي، فهناك الفسيفساء العربية والأيقونات الروسية واليونانية واللوحات الجدارية الزيتية والنقش على الشمع وغيره. كما يحتوي الدير على مكتبة للمخطوطات يقال إنها ثاني أكبر مكتبات المخطوطات بعد الفاتيكان.

وإضافة لرفات القديسة كاترين، توجد بالدير (معضمة) تحوي رفات جميع الرهبان الذين عاشوا في الدير. ويسمح للسياح بزيارة الدير من الصباح الباكر وحتى الظهر، بعد ذلك يغلق أبوابه أمام الزوار ليتفرغ الرهبان لواجباتهم الدينية. ويلتزم جميع السياح بالاحتشام في الملبس عند دخول الدير، وتتوفر هناك أثواب فضفاضة يرتديها الزوار قبل دخول الدير. المدخل الوحيد للدير كان عبارة عن باب صغير على ارتفاع 30 قدم، وصمم لحماية الدير من الغرباء والدخلاء، حيث كان يتم رفع زوار الدير من خلال صندوق يحركه نظام من الروافع والبكرات. أما الآن فهناك باب صغير أسفل سور الدير. وقد لا يعرف الكثيرون أن هناك مسجدا صغيرا، قام الحاكم بأمر الله، أحد حكام مصر في العصر الفاطمي، ببنائه داخل الدير لحمايته من الهجمات التي كان يتعرض لها من وقت لآخر.

 

ويأتي الهجوم الذي وقع اليوم بعد أقل من إسبوعين على هجومين انتحاريين استهدفا كنيستين في طنطا والإسكندرية، أثناء قداس "احد السعف"، مما أسفر عن مقتل 40 شخصا وإصابة العشرات، وهو ما دفع الكنيسة القبطية لإلغاء الاحتفالات بعيد القيامة، تضامنا مع أسر ضحايا الهجومين، اللذان أعلن تنظيم داعش مسئوليته عنهما، فيما أعلنت وزارة الداخلية أنها تمكنت من تحديد هوية الانتحاريين، والخلية التي يتبعان لها.  

مقالات متعلقة