فتحت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد الفقى، بحكمها الصادر، يوم السبت الماضي، ببراءة الناشطة الحقوقية آية حجازى، وجميع المتهمين فى قضية مؤسسة بلادى، بعد قضاء قرابة 3 سنوات فى السجن، الباب على مصرعيه للحديث عن التحريات «الفشنك» التى تزج بالمواطنين خلف القضبان دون دليل على ارتكابهم جرائم يعاقب عليها القانون.
قضية مؤسسة بلادى، ذاع صيتها فى وسائل الإعلام، بسبب حمل المتهمة الرئيسية فيها آية حجازى للجنسية الأمريكية، قضى على ذمتها 8 مواطنين 834 يوما خلف القضبان، بموجب قرارات الحبس الاحتياطى الصادرة من النائب العام، واستمرار حبسهم طوال 24 جلسة تداولتهم محكمة الجنايات حتى قضت ببراءتهم.
حكم البراءة نسف كل الإجراءات التى اتخذتها النيابة العامة بحق 8 مواطنين، قضوا قرابة 3 سنوات من عمرهم خلف القضبان، باتهامات لم تجد لها محكمة الجنايات أى دليل – وفقا لحكمها – ليس إلا تحريات قدمها الأمن ضدهم، اتهمهم فيها بارتكاب جرائم الإتجار فى البشر، واختطاف أطفال وهتك أعراضهم، وإجبارهم على الاشتراك فى مظاهرات نظمتها حركة 6 أبريل نظير أموال.
ويقول المحامى أحمد سعد، عضو هيئة الدفاع عن المتهمين، فى تصرح لـ«مصر العربية»، إنه بالرغم من مرور 834 يوما منذ قرار حبس موكليه فى 1 مايو 2014، لم تتحرك الجهات القضائية لإنهاء القضية إلا قبل 4 أشهر من حكم البراءة، وبالتحديد فى شهر نوفمبر الماضى.
وعن طول مدة الحبس الاحتياطى التى قضاها المتهمون خلف القضبان، أكد «سعد» أن رئيس محكمة الجنايات التى تولت نظر القضية منذ عام 2014، اعتاد تأجيلها مدد طويلة تصل لـ6 أشهر بين كل جلسة والأخرى، دون تنفيذ طلبات الدفاع أو استجواب شهود الإثبات والنفى، حتى أحيلت القضية للمحكمة «صاحبة البراءة» فى نوفمبر 2016.
وأضاف أن محكمة الجنايات أصرت على استمرار حبس المتهمين على ذمة القضية طيلة 24 جلسة، لم تستمع فيهم إلى شاهد الإثبات الأول خالد جودة، صاحب البلاغ المقدم ضد أعضاء مؤسسة بلادى، الذى تحركت النيابة والداخلية ضد المتهمين بناء عليه، رغم استدعائه أكثر من مرة وإعلانه بذلك.
وتساءل «سعد» عن حقوق متهمين قضوا 834 يوما خلف القضبان دون ارتكابهم أى جريمة، وجهة تعويضهم عن سنوات حبسهم احتياطيا بموجب قرارات النائب العام، اعتمادا على تحريات «فشنك» لم تجد محكمة الجنايات دليل واحد عليها.
التحريات الباطلة
قرارات النيابة العامة بحبس المتهمين فى القضايا احتياطيا خلال السنوات اللاحقة لـ 30 يونيو، دون الاستناد لأى دليل إدانة، كانت دائما محل هجوم وتشكيك فى الأوساط القانونية والحقوقية، حتى أيدتهم محكمة النقض التى تمثل قمة الهرم القضائى فى مصر.
محكمة النقض أكدت فى نشرتها التشريعية عام 2014، على مبدأً قانونى أصبح قاعدة رئيسية فى الدفاع أمام المحاكم، نصت فيه على أن التحريات المقدمة من الأجهزة الأمنية فى القضايا ذات الطابع السياسى، لا تصلح لأن تكون دليلا منفردا بذاته يتخذ كقرينة منفردة لإدانة وحبس المواطنين.
التعويض عن الحبس
فى هذا الصدد كشف الدكتور أحمد الجنزورى، أستاذ القانون الجنائى بكلية الحقوق جامعة عين شمس، فى تصريح لـ«مصر العربية»، أن القانون منح المواطنين الذين يواجهون الحبس الاحتياطى ظلما وصدر لصالحهم حكما بالبراءة، أن يقيموا دعوى تعويض أمام القضاء يختصموا فيها وزارة الداخلية.
وفجر «الجنزورى» مفاجأة، كاشفا أن التعويض عن مدة الحبس الاحتياطى المبنية على تحريات أمنية خاطئة، تتمثل فى منح المواطن 5 جنيهات تعويضا على كل يوم قضاه خلف القضبان بموجب اتهامات باطلة برأته محكمة الجنايات منها.
يشار إلى أن النائب العام الراحل المستشار هشام بركات، أحال فى سبتمبر 2014 ثمانية مسئولين بجمعية بلادى، للمحاكمة الجنائية العاجلة، لاتهامهم بارتكاب جرائم تشكيل وإدارة عصابة متخصصة في الاتجار بالبشر، والاستغلال الجنسي للأطفال لجمع تبرعات مالية في مؤتمرات وندوات.
وقال النائب العام وقتها إنها أكبر قضية إتجار في البشر شهدتها مصر، حيث زعمت التحقيقات أن المتهمين استغلوا الأطفال في تصوير أفلام جنسية واستخداموها في مؤتمرات وندوات لجمع التبرعات بحجة رعايتهم، وهى الاتهمات التى قضت محكمة الجنايات ببراءة كافة المتهمين منها.
تابع أخبار مصر