وسط مواصلة إثيوبيا وضع لبنات سد النهضة، وفرضه كأمر واقع على القاهرة، بات المصريون أمام تهديد بالجوع المائي؛ يتعاظم خطره مع الانخفاض المطرد في حصة الفرد من المياه سنويا، خاصة مع الارتفاع المتزايد في السكان، دون توفر موارد مائية تكفي حاجة المواطنين.
وذهب خبراء إلى القول إن حصة الفرد من المياه في مصر باتت أقل من حد الفقر المائي، مؤكدين على ضرورة اللجوء إلى تحلية مياه البحر، رغم ارتفاع تكلفتها كأحد الحلول المطروحة.
ووافق مجلس النواب الشهر الجاري على قرض كويتي لإنشاء محطة تحلية مياه البحر شرق بورسعيد، بين حكومة مصر والصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية العربية، بمبلغ 35 مليون دينار كويتى، والموقعة في القاهرة بتاريخ 4/12/ 2016، والصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 73 لسنة 2017.
وقال خبير الموارد المائية هاني رسلان إن محطات تحلية المياه ضرورة لا غنى عنها لكنها لن تغني مصر من فقرها المائي والذي وصل فيه نصيب الفرد إلى ما دون خط الفقر المائي العالمي بحوالي النصف تقريبا.
وأضاف رسلان في تصريحات لـ "مصر العربية" أن تكلفة محطات تحلية المياه مرتفعة للغاية وهو ما يشكل عجزا كبيرا في موارد الدولة الاقتصادية في الوقت الذي تعاني الدولة من أزمة اقتصادية كبيرة وموجات غلاء متزايدة.
وأكد أن الكارثة المائية قادمة لمصر لا محالة عبر طريقين أولهما زيادة عدد السكان وما يرافقه من زيادة في احتياجات المواطنين من الموارد المائية الثابتة حتى الآن والأمر الثاني من خلال سد النهضة والذي حتما سيؤثر سلبا على حصة مصر من المياه والتي لا تكفيها أصلا.
وأشار إلى أن السياسة التشغيلية للسد وفقا لاتفاق المبادىء الذي وقعه الرئيس السيسي يدل على أهمية الاتفاق حول عملية ملء الخزان والفترة الزمنية المستغرقة في هذا الأمر.
وحذر رسلان من خطورة تأثير السد على مصر في مواسم الجفاف وانخفاض منسوب مياه النيل، لأن إثيوبيا سوف تحتاج حينها لتخزين كميات أكبر من المتفق عليها حتى تستطيع الاحتفاظ بالقدرة الكهربية لسد النهضة، ما سيجعلنا نستنفد المخزون الاستراتيجي الموجود خلف السد العالي.
خبير الموارد المائية ضياء القوصي رأى أنه بخلاف أزمة سد النهضة، فمصر بحاجة إلى البحث عن موارد مائية جديدة بديلة عن مياه نهر النيل لأن الحصة الحالية لمصر والبالغة 55 مليار متر مكعب من المياه لا تكفي احتياجات المواطنين.
ونوه القوصي لـ "مصر العربية" إلى أن مصر تتمتع بميزة نسبية في مسألة التحلية يمكنها أن تساعد في تخفيف التكاليف المادية لمحطات تحلية المياه متابعا: ما من سبيل آخر يمكن لمصر أن تسلكه لمواجهة هذا العجز المائي المتزايد.
وتوقع خبير الموارد المائية أن يصل عدد السكان في مصر بحلول عام 2050 إلى 150 مليون مواطن، وهي نسبة زيادة كبيرة جدا لن تستطيع مصر مواجهتها بالاعتماد على مياه نهر النيل وحدها حتى إذا كان هناك زيادة في حصة مصر من المياه.
من جانبه، توقع وزير الري الأسبق محمود أبو زيد بدء إثيوبيا تخزين المياه خلف السد، محذرا مصر من مسألة توقيت ملء الخزان، مع وضع أمر الفيضانات والجفاف في الاعتبار.
وأوضح وزير الري الأسبق لـ "مصر العربية" أن لجوء مصر إلى الاعتماد على محطات تحلية المياه أمر لا مفر منه، ويمثل خيارا إستر اتيجيا لمصر في المرحلة المقبلة.