"ماضون قدما باتجاه إجراء استفتاء حق تقرير المصير بالاستقلال عن العراق من عدمه" هكذا أعلن رئيس الإقليم الكردي في شمال العراق، مسعود بارزاني بالأمس بعد ساعات من تحذير رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من إجراء الاستفتاء في مثل هذا التوقيت الصعب على العراق.
ورغم ذلك جدد بارزاني الحديث تقرير المصير، معلنا أن الإقليم يعمل مع الأطراف المعنية على "تحديد مراحل هذه العملية".
واتهم رئيس كردستان العراق المعارضين لإجراء الاستفتاء في هذا التوقيت بعدم فهم الوضع بشكل جيد وأن الاستفتاء لا يعني اختيار قرار النزاع، بل إنه طريق السلام والتفاوض.
تشكيل لجنة
وفي مطلع الشهر الجاري اتفق حزبا الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة رئيس الجمهورية العراقية السابق جلال الطالباني على تشكيل لجنة موسعة لتحديد وقت وآلية إجراء استفتاء شعبي بخصوص "تحديد مصير واستقلال الإقليم.
حق ولكن
ورد حيدر العبادي على هذه الخطوة بأن للأكراد حقا مشروعا في إنشاء دولة لهم، ولكنه حذر بأن هذا ليس التوقيت المناسب لذلك وأنه ليس في مصلحتهم، منوها إلى الحرب التي يقودها العراق ضد تنظيم داعش.
ونبه رئيس الوزراء العراقي أن استقلال كردستان قد يعرضه لصدام مع بعض دول الجوار التي تعاني من خطر داعش، إن استقل الإقليم قبل القضاء على التنظيم، مردفا:" "أنا لا أتدخل في تطلع وطموح الإخوة الكرد".
أزمة العلم
وتأتي هذه التصعيدات بعد أيام من معركة العلم حين قررت محافظة كركوك رفع علم إقليم كردستان على المباني الحكومية في المحافظة، وإقرار اللغة الكردية في كل المخاطبات الرسمية إلى جانب اللغة العربية، هنا جاء رد مجلس النواب العراقي بأحقية رفع العلم العراقي فقط، ورفض رفع علم "كردستان" على مؤسسات محافظة كركوك وأبنيتها، بجانب اعتبار نفط المحافظة ثروة وطنية عراقية وجب توزيعها بالتساوي بين محافظات العراق.
وزاد "مجلس كركوك" العناد رافضا أوامر البرلمان ومؤكدا، أنَّ مجلس المحافظة باق على موقفه بشأن قرار رفع علم الإقليم على المباني الحكومية بالمحافظة، واعتبر الأمر قانونيًّا ودستوريًّا.
"ليس لهم الحق في ذلك لأنها مؤسسات رسمية تابعة للحكومة العراقية وبذلك قد خالفوا القانون العراقي النافذ في كركوك" هكذا علق العبادي على أزمة العلم في خطاب التحذير من تنظيم الاستفتاء.
حسين دلي الناشط الإعلامي العراقي يعتقد أن الشيعة يريدون انفصال إقليم كردستان خصوصا الأحزاب المشاركة في الحكومة لأن ذلك يعطي الشيعة انفرادا بحكم العراق أكثر مما عليه الحال الآن فبعض الملفات ينسق فيها النواب السنة مع الأكراد ضد مراد الشيعة.
خلاف حول كركوك
وتظل أخطر نقطتين بحسب ما يضيف دلي لـ"مصر العربية" في مدينة كركوك ونفطها والرفض الإيراني والتركي لأن ذلك يشجع الأكراد في البلدين على الانفصال.
ويكمل:" فوق هذا يريد العبادي أن يحوز رضاهم في مقابل المالكي فهناك صراع شيعي شيعي على الشخصية الأقوى في الانتخابات المقبلة"
ويختتم الناشط الإعلامي العراقي بأن كل هذا مرتبط بطبيعة الحال والموقف الأمريكي تجاه القضية.
تصريحات دبلوماسية
من جانبه رأى زياد السنجري الناشط الحقوقي العراقي أن تصريحات العبادي ليس لها ثقل سياسي، وأن العبادي شخصية توافقية بعد رفض المالكي دوليا وإقليميا.
وتابع في حديثه لـ"مصر العربية":" تصريح العبادي أن توقيت الاستفتاء غير مناسب يأتي من باب علمه بأنه ليس صاحب القرار لذلك فهو رد دبلوماسي مطاط يقبل الاستنتاج من الأطراف الرافضة والمؤيدة للانفصال".
وذكر أن مسألة الانفصال معقدة وتحتاج إلى وقت وتوافقات إقليمية خاصة وأن هناك رفض تركي وإيراني وحتى سوري له لأن انفصال الإقليم حاليا يمهد لانفصال أقاليم كردية من الدول المذكورة.
تكريد العرب
وأردف السنجري:" علينا أن نسأل على أي أراضٍ سيجري الانفصال خاصة وأن إدارة الإقليم استخدمت اُسلوب قضم الأراضي من محافظة نينوى وديالى وصلاح الدين وابتلاع كل محافظة كركوك نتيجة ضعف وهوان الدولة المركزية في بغداد كما أن الإقليم استعمل سياسة تكريد الأقليات مثل الشبك والجرجرية واليزيدية والمسيحية وغيرها من الأقليات في السنوات الاخيرة حتى ذهب بعيدا بتشكيل لواء من ميليشيات البيشمركة من العرب".
كل ذلك في رأي الحقوقي العراقي يأتي بسبب عوامل ضعف الدولة والمتغيرات الأمنيةً والسياسية التي استغلها الإقليم كما استخدم اُسلوب تجريف القرى والمدن العربية الصغيرة والتغيير الديمغرافي شمال العراق وهذا ما اكدته منظمات دولية مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية.
صراع مقبل
كل هذه العوامل كما يواصل السنجري قيام الدولة الكردية أمر صعب لوجود العديد من الملفات الشائكة وهو ما يمهد لصراع قادم "عربي _كردي" وحتى "كردي _ كردي" في المستقبل داخل الإقليم نفسه مثل ما يحدث الآن داخل قضاء سنجار .