(صور) «سيدي إبراهيم الدسوقي».. تاريخ مصر يحاصره «التسول والقمامة»

مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي

"ودعنا المدينة ومقام إمامنا، في مكة نوينا أبيار على أمامنا" ابتهالات يرددها الوافدون على مسجد "سيدي إبراهيم الدسوقي" الواقع في مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، حيث يشهد المسجد المولد الكبير والذي يقام في شهر أكتوبر من كل عام.

 

وتقام  في المسجد احتفالات "الرجبية" في شهر أبريل، حيث بدأت منذ يوم الجمعة الموافق 14 أبريل وانتهت الخميس الموافق 20 من الشهر ذاته، ويحتفل فيها رواد المسجد بتغيير كسوة المقام.

 

 

يرجع بناء مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي لعام 1277، حيث قرر حاكم مدينة دسوق في ذلك الوقت إزالة الزاوية الصغيرة الخاصة بالشيخ إبراهيم الدسوقي التي كان يلقي فيها الدروس الدينية في عصر السلطان الظاهر بيبرس، وهو المكان الذي بني عليه المسجد بعد ذلك.  

وشغل الدسوقي منصب شيخ الإسلام، وتوفى في عمر 43 عامًا ودفن في خلوته المجاورة للزاوية.

 

 

مرّ المسجد بمراحل توسعة مختلفة، كما يتم ترميمه حاليا بواسطة شركة المقاولون العرب، وتم توسعته أول مرة في عهد السلطان قايتباي، وأمر الخديوي توفيق بإقامة المسجد على مساحة 3000 متر، وكانت آخر توسعة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر على مساحة 6400 متر.

 

 

يتشكل المسجد من 11 بابًا، بينها 10 أبواب للرجال وباب واحد للسيدات، وهو الأقرب لمقام الشيخ إبراهيم الدسوقي، وشقيقه شرف الدين موسى، وأمام المسجد تمتد ساحة كبرى تضم حديقة منقسمة لجزئين، فيما تمتلأ الساحة بألعاب الأطفال، والباعة الجائلين من باعة الحلوى والألعاب وغيرها.

 

لم يشفع تاريخ المسجد الكبير له، فقد حصل على نصيبه من الإهمال، ففي جولة صغيرة داخل ساحته وأروقته تبوح الروائح الكريهة بوجودها، فيما يترك القائمون على نظافة المسجد عملهم ويتفرغون للشحاذة، بقولهم "حسنة لله"، وأمام المسجد تتراكم مقالب القمامة. وعلى الرغم من خضوع المسجد للترميم ووضع لافتة خاصة بذلك حاملة اسم الشركة"المقاولون العرب" إلا أن لا أحد من الرواد يأبه بذلك، إلا أن العشرات من المريدين افترشوا الأرض داخل المسجد وخارجه بـ "بطاطين" صوف لمدة أسبوع قبل احتفالية الرجبية التي أقيمت الخميس الماضي.

 

 

تجمعات متفرقة للرواد حول المسجد تلتف مجموعة منهم حول"بوتجاز" يحمل"براد" للشاي، بينما شرعت مجموعة أخرى في تناول الطعام، وتخلد ثالثة للنوم في حديقة المسجد، وداخل مصلى النساء تفترش إحدى السيدات أرضية المسجد تضع إلى جانبها حذائها، وتتناثر حولها "قشر الحمص"، وإلى جانب المقام تجلس بعض السيدات بأطفالهن، لتملأ الرائحة الكريهة أنفك، بينما تصطدم عيناك بـ "البقع" المنتشرة على سجاد الصلاة، وما أن تلمسه قدامك حتى تشعر بالتصاق بعض القاذورات بها.

 

 

"منى إسماعيل" تذهب لزيارة المسجد للمرة الأولى في حياتها فتصطدم بما شاهدته، أكثر ما لفت نظرها هو السلوك الغريب لرواد المسجد من تقبيل الأبواب الخشبية، وانتشار "المجاذيب" داخل المسجد وخارجه، إضافة إلى عمال المسجد الذين يلصقون بك للمطالبة بالنقود، في سلوك يجعلك تدفع لهم للتخلص من الإلحاح ليس أكثر.

 

 

تقول منى إنها في أول زيارة للمسجد شعرت بالضيق الشديد، مضيفة: "كنت أتخيل أن تتم مراعاة النظافة في ذلك المسجد العريق، وأن يحصل على الاهتمام اللازم.

 

وأكدت أن عدم نظافة سجاد الصلاة، وانبعاث الروائح الكريهة من المسجد كان أكثر ما لفت نظرها، حتى أنها كانت تبحث عن مكان نظيف تجلس فيه فلم تجد.

 

 

ووصفت ما رصدته في المسجد بالإهمال والاستهتار بأحد المعالم التاريخية، معلقة: "الناس مش بيتعاملوا معاه على إنه مسجد للعبادة، فالريحة وحشة جدا في كل مكان.. هناك احتلال للمسجد من البعض الذين يرددون ألفاظ سيئة لا تنطق في الشوارع، إضافة إلى الشحاذين وعمال المسجد فأنت تسمع في كل جهة"كل سنة وأنت طيبة مش حتجيبي حاجة؟".

 

 

لم يختلف رأي "منال علي" عن سابقتها، حيث أكدت أن السلوكيات التي رأتها في المسجد لا تدل على احترام الناس لوجودهم في دار عبادة، معلقة: "المفروض الناس تحترم بيت ربنا وميبهدلوش فيه"،

 

وقالت إنها رأت أناس يأكلون ويشربون بل وينامون داخل المسجد، وهو ما تسبب في انتشار الروائح الكريهة في كل مكان.

 

 

فيما طالبت هناء محمد وزارة الأوقاف بالاعتناء بالمسجد ومتابعة ما يحدث به، معلقة"المسجد محتاج اعتناء ونظرة من الأوقاف"، موضحة أن عمال المسجد يطالبون بإكراميات من الوافدين، كذلك رأت سيدات يدخلن المسجد ويعضن الأحذية على سجادة الصلاة، رغم اللافتات المنتشرة داخل المسجد والتي تطالب بوضع الأحذية في المكان المخصص لها، والتحذير من السلوكيات الخاطئة بإعلان مراقبة المسجد بالكاميرات، إلا أن البعض يلجأ لاصطحاب الأحذية داخل المسجد هربا من طلب المسئول عنها للنقود.

 

وتابعت: "ناشرين البطاطين بره قدام المسجد، ده غير الزبالة المنتشرة في كل مكان" موضحة أن البعض يحتل ساحة المسجد والحديقة حيث تقام الخيام، وتفرش البطاطين، بينما ينتشر الباعة في كل مكان.

 

 

في الجهة المقابلة للمسجد يجلس محسن الصردي بائع حلوى، والذي قال إن المسجد يتوافد عليه الناس من كل الجمهورية حتى من الصعيد، ويحتفلون بالمولد الرجبي الذي أقيم الخميس الماضي، ويبقوا في المسجد لمدة أسبوع، بينما المولد الرئيسي يكون في شهر أكتوبر ويستمر لمدة أسبوع أيضا، موضحا أن المولد الرجبي هو احتفال بتغيير كسوة المقام، بينما المولد الأساسي هو احتفال بمولد إبراهيم الدسوقي.

 

 

وأضاف في حديثه لمصر العربية، أن المولد دائما يرتبط مع رواد المسجد بالحلوى، حيث يقبل الجميع عقب انتهاء المولد لشراء الحلوى، موضحا أنه الشراء ليس بالضرورة يكون بكميات كبيرة، فالبعض قد يكتفي بشراء ربع كيلو حسب ميزانيته، حيث تبدأ الأسعار من 26، 28، 32، 40 للكيلو، وتتفاوت بين شعبية وفاخرة.

 

 

مقالات متعلقة