قال المحلل الإسرائيلي "أنشيل بيبر" إن نتائج الانتخابات الفرنسية سوف تحدد مستقبل أوروبا بأسرها، مشيرا إلى أن انتخاب أقاصي المتطرفين في السياسة الفرنسية أمر غير مسبوق في تاريخ الجمهورية، لكن استطلاعات الرأي جعلت منه سيناريو واقعيا يمكن أن يبشر بنهاية الاتحاد الأوروبي.
جاء ذلك في مقال بصحيفة "هآرتس" اليوم الأحد 23 أبريل، توقع فيه خروج فرنسا من الاتحاد حال تجاوزت مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان ومرشح اليسار المتطرف جان لوك ميلانشون مرشح الوسط إمانويل ماكرون، الذي يتقدمهما في الاستطلاعات بنسب طفيفة فقط، معتبرا أن الاتحاد الأوروبي لن يصمد بدون فرنسا.
.
إلى نص المقال..
قبل نحو شهر واحد فقط اجتمع قادة دول 27 من بين 28 دولة بالاتحاد الأوروبي في مؤتمر احتفالي بمناسبة مرور 60 عاما على توقيع معاهدة روما، التي أقامت ما تحول فيما بعد للاتحاد الأوروبي. غياب تريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا، أول دولة تغادر الاتحاد الأوروبي، خيم على الحدث. تصويت الفرنسيين في الجولة الأولى بالانتخابات الرئاسية اليوم الأحد، من شأنه أن يضع نهاية للاتحاد الأوروبي كما عرفناه.
إذا ما تجاوزت مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان ومرشح اليسار المتطرف جان لوك ميلانشون مرشح الوسط إمانويل ماكرون، الذي يتقدمهما في الاستطلاعات بنسب طفيفة فقط، من الصعب وقتها أن تبقى فرنسا في الاتحاد الأوربي لوقت طويل. بدون بريطانيا وفرنسا، اثنتين من بين الاقتصاديات الثلاثة في أوروبا، من الصعب أن يصمد الاتحاد الأوروبي.
صحيح أن المرشحين لا ينويان إخراج فرنسا بشكل فوري من الاتحاد الأوروبي أو من كتلة اليورو إذا ما فازا في الجولة الثانية الشهر المقبل. تتحدث لوبان عن استفتاء للانفصال عن الاتحاد الأوروبي، ويريد ميلانشون كسر القواعد المالية التي يقوم عليها الانضباط الجماعي للعملة المشتركة. يتحدث كلاهما عن سياسات تجارة حمائية، تتعارض ومبادئ السوق الأوروبي المشترك القائم على حرية حركة البضائع. في خطاباتهما يتطرق الاثنان للانفصال عن الاتحاد الأوروبي كإمكانية معقولة، بل حتى مرغوب فيها.
قالت لوبان في إحدى المواجهات إنها معنية بـ"فرنسا أكثر فرنسية وأقل أوروبية". ويتغنى ميلانشون الشيوعي بحبه للأسلوب "البوليفاري" لكوبا وفنزويلا، واستنكر زعماء الاتحادـ وخاصة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الذين يفرضون على أعضاء الاتحاد، اليونان وإسبانيا والبرتغال اتخاذ خطوات تقشفية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
انتخاب مرشحين من أقاصي متطرفي السياسة الفرنسية أمر غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الخامسة. لكن أيضا في يونيو الماضي كانت التقديرات أن البريطانيين، المحافظين والحذرين بطبعهم، سوف يتراجعون في الدقيقة الـ 90 عن مغادرة الاتحاد. في نهاية الأمر كان هناك 51.9% من المصوتين الذين فضلوا رؤية قومية غامضة على أربعة عقود من الازدهار الاقتصادي الذي عرفته المملكة المتحدة منذ انضمامها لأوروبا. في فرنسا اليوم أيضا يكفي 45% توزع بين ميلانشون ولوبان لدفع مايكرون للمركز الثالث.
يجسد لوبان وميلانشون إلى أي مدى الطريق الأيدولوجي بين اليمين المتطرف واليسار المتطرف في أوروبا يمكن أن يكون قصيرا. صحيح أن لوبان حادة للغاية في تعزيز الكرامة الغالية (نسبة للإمبراطورية الغالية) الكارهة للأجانب وتفاصيلها على الروح الشعرية الفرنسية، بينما بايع ميلانشون الأممية الاشتراكية. لكن المرشحين في أساسهما قوميون فرنسيون كلاسيكيون. وهي القومية التي عبرت عن نفسها في برامجهم الاقتصادية وكذلك في خططهم الخاصة بالعلاقات الخارجية لفرنسا.
يؤيد ميلانشون ولوبان إخراج فرنسا من حلف الناتو ( وإن كانت لوبان تحدد حديثها بأنها معنية فقط بإخراجها من القيادة العسكرية المباشرة للحلف). كذلك أبدى كلاهما إعجابا واضحا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. تنجذب لوبان، كشركائها في اليمين المتطرف بالغرب، للمواقف المحافظة لبوتين، وخوفه المرضي من الآخر وقوميته، بينما لم يستطع ميلانشون التحرر من مناهضة الولايات المتحدة التي تربى عليها، حتى إذا أبدى بوتين العكس تماما لكل الأمور التي يفترض أن يناصرها اليسار.
المرشح الرابع في السباق،رجل اليمين المحافظ فرانسوا فيون، الذي لديه هو الآخر فرصة للتأهل للجولة الثانية، وهو الآخر من معجبي لبوتين، لكنه لا يؤيد الخروج من الاتحاد الأوروبي أو الناتو.
الخبر من المصدر..