بتغيير ديموجرافى.. إيران تحمي «بشار» وترد جميل «حافظ»

تهجير السوريين
  "الأسد أو لا أحد".. ليس شعارًا على جدار، بل هو "خلاصة" الموقف الإيراني الداعم لنظام بشار الأسد في سوريا، فمنذ الوهلة الأولى للثورة تدخلت إيران بسوريا عبر إرسال ميليشيات لمساندة النظام ضد الثوار، واصفة الأسد بـ"الخط الأحمر".   والآن والثورة في عامها السابع لم يعد الخطر الإيراني متمثلا في بقاء الأسد في السلطة بقدر ما بات الخوف على السوريين أنفسهم، هويةً وبقاء.. الحديث هنا عن تمدُّد شيعي يغيِّر دمشق سكانًا وطائفة.   وفي خضم ما تعانيه سوريا وأهلها ، تزايد وبشكل ملحوظ وفود الزوار الإيرانيين، وأصبحت مراسم "اللطميات" منتشرة بشكل ملحوظ في أسواق الحميدية والحريقة ومدحت باشا وداخل مسجد بني أمية "المسجد الأموي"بدمشق.   دمشق.. إطاحةٌ بالهوية   عدد من سكان دمشق قالوا إنَّ الزوار الإيرانيين يردِّدون عبارات لم يعتد سكان دمشق على سماعها، ومنها ما يمس عقيدتهم، فضلًا عمَّا قالوا في حديثهم لـ"السورية نت"، إنَّها "شتائم مستفزة" يوجِّهونها هؤلاء الزوار لبعض صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.   ما يتحدث عنه سكان دمشق يشير إلى تحركات إيرانية بمباركة أسدية، تسعى لتغيير المنطقة ديمغرافيًّا، وهو جزءٌ من مواجهة الأسد لثورة الشعب، فحينما خرجوا عليه رافعين شعار لفَّ دول ربيع العرب "الشعب يريد إسقاط النظام"، رفع هو أيضًا شعار "أنا أريد إسقاط الشعب"، لكنَّه لم يقل عن الشعب إنه شعب، بل سمى كل من يعارضه "إرهابيًّا"، في وقتٍ قصف هو فيه هذا الشعب بالبراميل المتفجرة، وأسقط آلاف القتلى، تقول منظمات أممية إنَّهم اقتربوا من النصف مليون إنسان ضحيةً في سوريا، بينما هو يقلِّل من العدد تحت زعم أنَّه لا يتجاوز عشرات آلاف.     الدعم الإيراني لنظام الأسد ليس شيكًا على بياض، فيرى محلِّلون أنَّ مصالح تجنيها طهران من دعمها للنظام، فتركت الساحات لميليشيات إيرانية تغير الملامح الدمشقية باللطميات، كما أكَّد سكان أنَّ مظاهر التجمع للشيعة لم تكن بمستوى الكثافة اليومية التي تشهدها دمشق القديمة حاليًّا، حيث كان يُحصر التجمع في المناسبات الدينية، لكن المشاهد أصبحت مألوفة يوميًّا في تلك المناطق، يرافقها زيادة في عدد الحواجز لمليشيا "حزب الله"، وكتائب "أبو الفضل العباس"، خاصة بجانب الجامع الأموي ومقام السيدة رقية.   قرار لنظام الأسد صدر قبل أيام دعَّم رواية السكان، حيث أمر مجلس محافظة دمشق بإزالة جميع المحلات والإشغالات الواقعة عند المسجد الأموي وبين الأعمدة الأثرية القريبة منه.   تواكب ذلك أيضًا مع ما كشفه نشطاء سوريون، أكَّدوا أنَّ إيران تعتمد بشكل رئيسي على وسطاء موالين لها لشراء العقارات في دمشق، وباتت تملك عددًا منها.    وبحسب معلومات أوردتها مواقع سورية، فإنَّ فنادق كالدة والإيوان وآسيا ودمشق الدولي وفينيسيا والبتراء الموجودة قرب ساحة المرجة وسط دمشق، باتت جميعها ملكاً للسفارة الإيرانية، إضافة إلى امتلاكها أسهم في فندق "سميراميس".   يتشابه كل ذلك مع المشهد الذي جرى في "السيدة زينب"، فالمنطقة كانت ذات أغلبية سنية، لكن مؤخرًا باتت ذات أغلبية شيعية بعد أن هجر أغلب أهلها وسكنها شيعة من العراق وإيران ولبنان، وأصبحت كتائب "أبو الفضل العباس" مسيطرة على المنطقة بحجة الدفاع عن المقامات.   ماضي التغيير يتجدد.. سياسة في سوريا   روايات عن السكان عمَّا يمكن تسميته تحرُّك إيراني لتغيير الخريطة السكانية في دمشق، والدور "الأسدي" في ذلك، يرتبط بما كان جرى كثيرًا من عمر الأحداث السورية، منها عام 2012، فالحكومة قررت في خضم ما هي وأهل سوريا فيه أن تبدأ بتنفيذ مخطط عمراني بدمشق، وتحديدًا في مناطق مثَّلت - ولا تزال - شرارة ثورية ضد النظام.   آنذاك، تحدَّث سكانٌ علنًا عن عمليات تجريف بيوتهم بعدما قتل منهم من قتل وشرِّد من شرد، بينما قالت الحكومة إنَّها تنفِّذ خطةً موضوعة منذ سنوات اسمها "دمشق الكبرى"، وأنَّها بدأت الخطوات التمهيدية لما وصفته بـ"إعادة تنظيم وعمران المدن ومناطق السكن العشوائي".   حكومة الأسد تقول إنَّ هدم المنازل إنَّما هو لبنة حقيقية لإحداث نقلة نوعية في تنظيم وعمران المدن، بينما يتحدث الناشطون عن سياسة ممنهجة في هدم المنازل تحاكي ممارسات الاحتلال الإسرائيلي تجاه فلسطين، فيما قدَّرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ القصف المستمر تسبَّب في تدمير ملايين المنازل.     دعم إيران.. اسألوا حافظ؟  

الدعم الإيراني للأسد أيضًا ارتبط بالرئيس السوري الراحل "حافظ"، قال في أحد أيام حرب الخليج الأولى: "نحن نقف معهم (إيران) اليوم كأشقاء، وندعمهم بكل إمكانياتنا، وسيأتي يوم هم الوحيدون الذين سيقفون معنا، ويتخلى عنا الأشقاء الحقيقيون".

 

حديث حافظ جاء على لسان رئيسة البرلمان السوري هدية خلف في سبتمبر الماضي، بينما كانت في مؤتمر صحفي بطهران مع نظيرها علي لاريجاني، حيث اعتبرت أنَّ حديث "الأب الراحل" ثبت خلال الأزمة السورية.

  "الخطة ب"   الناشط السوري المهندس ميسرة بكور مدير مركز الجمهورية للدراسات وحقوق الإنسان قال إنَّ الأسد استدعى منذ بداية الثورة في 2011 كل الميليشيات الإيرانية ذات الطابع الشيعي من أجل تثبيت حكمه.   وأضاف بكور لـ"مصر العربية": "الأسد استجلب أيضًا ميليشيا حزب الله اللبنانية منذ معارك القصير، والآن باتت هذه القوات تسيطر على مساحات واسعة في سوريا وتحديدًا من القصير بمدينة حمص إلى جنوب دمشق على طول الخط الفاصل بين سوريا ولبنان".   وأشار إلى أنَّ "الخطة ب" وُضعت من قبل نظام الأسد وإيران، ففي حال فشلوا في السيطرة على كامل الأراضي السورية يتم التقسيم رسميًّا.   وتابع: "عمليات التبادل السكاني بموجب اتفاق الأربع وهو اتفاق البلدات الأربع -الزبداني ومضايا وكفريا والفوعة- هو تغيير أيديولوجي وديمغرافي مكتمل الأركان مهما حاولوا إضفاء الصبغة الإنسانية عليه.. ما يحدث هو تغيير للبنية الديمغرافية والسكانية والهوية الثقافية".   الهيئة العليا.. إيران متهمة   اتفاق البلدت الأربع كان للهيئة العليا للتفاوض موقفٌ بشأنه، فأعلنت رفضها لعمليات ترحيل وتهجير أهالي بلدتي الزبداني ومضايا في ريف دمشق، وذلك مقابل إخلاء سكان مدينتي كفريا والفوعة وترحيلهم إلى ريف دمشق ليحلوا محل أهل البلدتين المحاصرتين من قبل قوات الأسد وميليشيات حزب الله اللبنانية.   الهيئة دعت المجتمع الدولي إلى وقف ما أسمتها "هذه الجريمة"، معتبرةً الأمر قرارًا باطلًا يهدف لمزيد من التغيير الأيديولوجي والديمغرافي ويجب إلغاؤه.   وصنَّفت العملية في إطار خطة تصب في مصلحة إيران وميليشيا حزب الله للتغيير السكاني في سوريا، ومناقضة لقرارات الشرعية الدولية، من شأنها أن تؤدي إلى إثارة الفتن ومشروعات الحروب المفتوحة في المنطقة.   وطالبت أيضًا المجتمع الدولي لإدانة المشروع، الذي تقوده إيران بحق الشعب السوري، وخلصت إلى التشديد على أنَّ سوريا لجميع السوريين من مختلف المكونات الدينية والطائفية والعرقية.     خطر ولكن   نقل مزيدٍ من السكان "السنة" إلى إدلب وضواحي حلب يرى بكور أنَّه لا يسفر عن أي تغيير، غير أنَّ ما أسماها "الكارثة الحقيقية" تتمثل في دمشق، وأوضح ذلك بالقول: "تم استجلاب الميليشيات الطائفية الشيعية من لبنان والعراق وأفغانستان، وأعتقد أنَّ الأسد يحاول عمل حزام دمشق على الشيعي غرار حزام بغداد".   بكور أشار إلى أنَّ الغوطة الغربية تحت سيطرة الميليشيات اللبنانية، ما اعتبره يمثل خطرًا حقيقيًّا.   خطر آخر أوضح بكور أنَّه يقع في المسجد الأموي، حيث قال إنَّ شيعةً يمارسون التطبير داخله.   التطبير شعيرة دينية عند المسلمين الشيعة الاثني عشرية، وتستخدم فيه سيوف وقامات أو أي أدوات حادة أخرى، فيضرب المطبرون رؤوسهم بهذه الأدوات لإحداث جرح لإسالة الدماء من الرأس، ويردد المطبرون أثناء ذلك كلمة "حيدر" والتي تشير إلى الإمام علي بن أبي طالب الذي توفي بسبب ضربة سيف وجهها إليه عبد الرحمن بن ملجم في حال صلاته. وتخرج مواكب التطبير في عاشوراء والأربعين، وأحياناً في ليلة وفاة علي بن أبي طالب، وليلة وفاة فاطمة الزهراء.   على المدى الطويل، يرى بكور أنَّ إيران لا يمكنها إجراء تغيير كامل في المنطقة، وفسَّر ذلك بالقول: "هناك 20 مليون سني في سوريا، وإيران لن تستطيع أن تأتي بـ20 مليونًا بدلًا عنهم".     تقسيم سوريا.. أين الحقيقة؟   الربط بين ما يجري في سوريا والحديث عن تقسيمها إلى بعض دويلات، يقول عنه بكور: "ليست هناك رغبة لدى الأسد ومن ورائه إيران للتقسيم، فهم يريدون الحصول على سوريا كاملةً، لكن بنظرة استراتيجية يمكن أنَّ التقسيم يجري على الأرض".   ما يراه المحلل السوري تقسيمًا فعليًّا على الأرض في سوريا أوضحه بأنَّ "الأمريكان" يسيطرون على المناطق الشمالية والشرقية السورية، والروس وضعوا قبضتهم على "الساحل السوري"، فيما بات في قبضة طهران الشريط الحدودي من حمص إلى جنوب دمشق.   وأضاف: "نحن أمام شكل من أشكال التقسيم، وربما في فترة لاحقة إذا ضعفت مكانة إيران وميليشيا حزب الله يتم اللجوء إلى التقسيم".   خطر التقسيم الأشّد أوضح بكور أنَّه يتمثل في قوات سوريا الديمقراطية "ميليشيات كردية" وهي مدعومة من الولايات المتحدة، وذكر: "هؤلاء يعلنون علنًا أنهم يريدون دولة كردية خاصة بهم في شمال وشرق سوريا، وهذا خطر كبير".  

 

مقالات متعلقة