نيويورك تايمز: خلافًا للتوقعات .. اﻹرهاب حجر عثرة أمام لوبان

اﻹرهاب يقلص حظوظ لوبان

الهجوم الإرهابي الذي وقع الخميس الماضي في باريس، يعزز حظوظ ماريان لوبان - زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة - ومجموعة كبيرة من الدراسات تشير إلى أن هذه الآمال يمكن أن تتحقق وتؤدي الهجمات الإرهابية إلى تحويل الدعم إلى الأحزاب اليمينية بمقدار نقطة أو نقطتين مئويتين.

 

جاء هذا في تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" اﻷمريكية سلطت فيه الضوء على قدرة اﻹرهاب على التأثير في نتائج الانتخابات الفرنسية على المدى القريب، وزيادة حظوظ اليمين المتطرف، إلا أنه على المدى البعيد يخلق حالة من الاستقطاب التي تضر في النهاية بقدرة اليمين على الوصول إلى اﻷليزية.

 

وقالت الصحيفة هذا الدعم يمكن أن يحدث الاختلاف فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي تشير استطلاعات الرأي إلى أن هناك تعادلاً تقريبًا بين أربعة مرشحين، وسيواجه المرشحون الذين يحتلون المركزين الأول والثاني جولة ثانية فى مايو المقبل.

 

ولكن بعض الدراسات أظهرت أنَّ الإرهاب يمكن أن يؤدي إلى زيادة حالة الاستقطاب، مما قد يضر بقدرة لوبان على اجتذاب الناخبين اليساريين في الجولة الثانية.

 

وفي حين تؤكد الدراسات أن تأثير الإرهاب على الانتخابات عميق، إلا أنه معقد بشكل كبير، فـ الإرهاب قدرته ضعيفة على تضخيم أعمال الفرد، للتأثير على سلوك الملايين.

 

وأوضحت الصحيفة، أنه من خلال خلق الخوف من الهجمات، الإرهاب يؤثر حتى على أولئك الذين لا يتعرضون للعنف بشكل مباشر، وهذا الخوف يقود الناس إلى إعطاء الأمن أولوية أعلى، والسعي إلى شخصيات في السلطة تفرض النظام، وإعادة تقييم من قد يشكل تهديدا للمجتمع.

 

الباحثون الذين يسعون لفهم هذا التأثير  تعتبر إسرائيل ضالتهم، وبفضل تاريخها ونظامها السياسي المتعدد الأحزاب، فإن تل أبيب أحد المختبرات القوية لفهم التفاعل بين الهجمات والانتخابات.

 

"كلود بيريبي" من مؤسسة "راند واستيبان كلور" من الجامعة العبرية اكتشف في دراسة أجريت عام 2008 عندما تعرضت منطقة لهجوم إرهابي قبل الانتخابات بـ 3 أشهر أدى إلى تحول الناخبين في تلك المنطقة إلى أحزاب يمينية بمتوسط معدل 1.35 نقطة مئوية.

 

وكان التأثير أكثر فوضى في أجزاء من البلاد التي لم تشهد الهجوم، ففي المناطق التي يميل فيها الناخبون بالفعل إلى زيادة الدعم للأحزاب اليمينية كما هي، لكن المناطق اليسارية خفضت دعمها للأحزاب اليمينية.

 

حتى لو كانت هذه الآثار تضيع على المدى القصير، فإنّها في المدى الطويل يمكن أن تعمق الاستقطاب السياسي، مما يجعل السياسة أكثر تطرفا.

 

وتقدر الدراسة في إسرائيل أن الهجمات الإرهابية وجهت انتخابات 1988 و 1996 لصالح حزب الليكود اليميني الذي فاز بهامش صغير.

 

لكن إسرائيل دولة صغيرة وتحملت العديد من الهجمات خلال السنوات الماضية، مما جعل آثار الإرهاب واضحة، ومن الصعب القول ما إذا كانت هذه الآثار يمكن أن تقرر مصير الانتخابات الفرنسية.

 

ويعيش عشرة ملايين ناخب في المناطق التي تعرف بأنها باريس الحضرية، 1.35٪ من هؤلاء يمكن أن يحدثوا الفرق، لكن 56 مليونا يعيشون خارج المدينة.

 

وإذا أصبح هؤلاء الناخبون أكثر عداءً بعد هجوم الخميس، يمكن أن يساعد لوبان في الجولة الأولى من خلال تحفيز الناخبين اليمينيين، ولكن الاستقطاب يمكن أن يضرها في الجولة الثانية، عندما تحتاج إلى الاعتماد على أنصار اليسار للفوز.

 

ومع ذلك، من الصعب القول كيف سيؤثر الهجوم الإرهابي على الانتخابات الفرنسية الحالية، وهل يرى الناخبون خارج باريس هجوم الخميس على أنه يعمّق وجهات نظرهم الموجودة مسبقا؟ أم يرونه خطرًا عليهم أيضًا، مثل الهجمات الصاروخية في جنوب إسرائيل التي أدت إلى تحول الناخبين في جميع أنحاء البلاد إلى اليمين؟.

 

وهناك طريقة أخرى أقل وضوحًا من أن الإرهاب يمكن أن يغير السياسة، تتلخص في إعادة تشكيل الطريقة التي ينظر بها الناس إلى أنفسهم وبقية المجتمع.

 

التعرض للإرهاب يدعم السياسة المتطرفة بعدد من الطرق، وفقًا لدراسة أجريت عام 2015 بقيادة دافنا كانيتي نيسيم، وهي طبيبة نفسية سياسية في جامعة ميريلاند.

 

من بينها، زيادة العداء تجاه الأقليات، خاصة عندما يرتبط الهجوم بإحدى الأقليات، وأوضحت الدراسة أن الناس الذين يتحملون مسؤولية الإرهاب يشعرون بالتهديد والضعف.

 

ويمكن أن يزيد الإرهاب أيضًا "الدعم الشعبي للأنظمة والممارسات غير الديمقراطية"، ولا سيما تلك التي تستهدف الأقليات، ووعدت السيدة لوبان بفرض قيود على المسلمين والمهاجرين وهي اﻹجراءات التي وصفها النقاد بأنها "غير ديمقراطية أو حتى استبدادية".

 

الرابط اﻷصلي

مقالات متعلقة