هل تستفيد مصر اقتصاديًا من زيارة السيسي للسعودية ؟

الرئيس عبدالفتاح السيسي والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز

بعد فترة من التوتر في العلاقات بين مصر والمملكة السعودية، تأتي زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلي الرياض استجابة لدعوة الملك سلمان، وسط ترقب ما يمكن أن تؤل إليه هذه الزيارة وتأثيرها على المستويين السياسي والاقتصادي.

 

وتوترت العلاقات بين البلدين لاختلاف الرؤى فيما بينهم حول بعض القضايا الإقليمية في سوريا واليمن، وكذلك رفض القوى الوطنية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين التي تم ابرامها في أبريل ٢٠١٦، وصدور حكم من القضاء الإداري بمصرية جزيرتي تيران وصنافير.

 

وترتبط مصر بعلاقات اقتصادية قوية مع الرياض، إلا أنها تأثرت في الآونة الأخيرة ولم تكن على ما يرام نتيجة للأزمات السابقة، وهو ما عكسه قرار شركة أرامكو بالتوقف عن توريد 700 الف طن شهرياً من المشتقات النفطية إلى مصر قبل أن تتراجع عنه في مارس الماضي.

 

وتلقت مصر من السعودية إجمالي مساعدات بواقع 8 مليار دولار منذ العام 2011 حتى العام الماضي، ضمنها مليارا دولار فقط في الفترة بين ثورة يناير إلى 30 يونيو، وذلك وفقًا لتقرير عرضه البنك المركزي على البرلمان في أغسطس الماضي.

 

ووصل صافي تدفقات الاستثمارات السعودية المباشرة إلى مصر في العام المالي 2014/2015 إلى 649 مليون دولار، تبعًا لبيانات البنك المركزي، وهو أعلى مستوى لها منذ العام المالي 2011/2012، بينما بلغ إجمالي الاستثمارات السعودية في مصر 6.1 مليارات دولار، تبعًا لبيانات من الهيئة العامة للاستثمار.

 

وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 2.79 مليار دولار خلال الفترة ما بين يوليو من العام 2016 ومارس الماضي، أي 5% من حجم التبادل التجاري بين مصر والعالم، وشهد التبادل التجاري بذلك انخفاضًا بواقع 1.5 مليار دولار مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

 

ويصب الميزان التجاري في صالح السعودية، إذ بلغت الصادرات المصرية في تلك الفترة 733.9 مليون دولار قياسًا إلى واردات من السعودية بلغت حوالي ملياري دولار. ويشار إلى أن تحويلات المصريين العاملين في السعودية نحو 40% من حجم تحويلات المصريين العاملين في الخارج التي تتلقاها مصر.

 

وفي يوليو الماضي، قالت سحر نصر، وزيرة التعاون الدولي، إن مصر تلقت 500 مليون دولار من منحة سعودية بقيمة 2.5 مليار دولار، إحدى ثمار زيارة الملك سلمان للقاهرة في أبريل الماضي.

 

وسبق زيارة الملك لمصر الإعلان عن توقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين في العاصمة السعودية، الرياض، كان من بينها توقيع وزارة التعاون الدولي المصرية اتفاقًا مع الصندوق السعودي للتنمية، لتنفيذ برنامج الملك سلمان لتنمية سيناء، عبر قرض بواقع 1.5 مليار دولار.

 

وترصد "مصر العربية" آراء الخبراء حول كيفية استفادة مصر اقتصاديًا من زيارة السيسي للسعودية ومدى جدواها، خلال هذا التقرير..

 

من جانبه، قال نائب رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري، عبدالله بن محفوظ، إن اللقاء الهام بين الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس عبد الفتاح السيسي، سيفعل الاتفاقيات الاقتصادية المشتركة البالغة 25 مليار دولار.

 

ووقعت الرياض والقاهرة خلال وقت سابق من العام الماضي، رزمة اتفاقيات اقتصادية مشتركة، بقيمة إجمالية تبلغ 25 مليار دولار أمريكي.

 

وأضاف بن محفوظ أن زيارة الرئيس المصري، بمثابة فرصة لتفعيل شركة «جسور المحبة».

 

وكان 32 رجل أعمال أسسوا شركة «جسور المحبة»، لتنمية مشاريع بقناة السويس، و8 مشروعات في التنمية العقارية بالساحل الشمالي (شمال غرب)، وفي شرم الشيخ والغردقة (شمال شرق) ومشاريع الطاقة المشتركة بين الحكومة المصرية وشركة اكوا بور السعودية.

 

ويرى بن محفوظ، أن إعلان السعودية عن التوازن المالي 2020 لن يؤثر على حجم الاستثمار في مصر، «لأن الرؤية السعودية في رؤية 2030 تعتمد في أحد أهم اهدفها على إنشاء مشروع "جسر الملك سلمان" الذي يربط المملكة بمصر».

 

كان المشروع الذي يعود عمره أكثر من 28 عاماً، طرح من جديد خلال زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى المملكة في أبريل الماضي إلى مصر.

 

وكشف بن محفوظ أن مجلس الأعمال السعودي المصري، يحضر لعقد اجتماع تنفيذي للجانب السعودي في مصر في مطلع مايو 2017.

 

ويهدف الاجتماع إلى ترتيب أوضاع استثمارات القطاع الخاص السعودي، وإعادة فاعليتها في مصر والنظر في الاستثمارات الجديدة، والمرتكزة على مشاريع قناة السويس والزراعة والطاقة.

 

ونوه إلى أن مجلس الأعمال السعوي المصري، سيعمل في 2017 على تشجيع الاندماجات والتحالفات والاستحواذات الاستراتيجية، بين الشركات بمختلف أحجامها في البلدين، بهدف اكتساب مزايا تنافسية.

 

كما يسعى المجلس لمعالجة تعثر المشاريع التي يعاني منها البلدان، على أن تقوم الأجهزة والهيئات الرسمية بتسهيل الإجراءات الحكومية.

 

وتبلغ الاستثمارات السعودية في مصر 6 مليارات دولار، في مجالات البنوك والتأمين والفنادق والسياحة والقطاع الصناعي والزراعي، والتمويل والاستثمار والبترول، حسب بيانات وزارة الاستثمار المصرية.

 

قالت الدكتورة بسنت فهمي، عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، إنه ليس بالضرورة أن تكون أي زيارة خارجية للرئيس هدفها اقتصادي أو تصب بصورة مباشرة في صالح الاقتصاد المصري، إلا أنه في الوقت ذاته فإنه كلما كانت العلاقات السياسية طيبة ومستقرة بين البلدين كلما صب ها في صالح الاقتصاد.

 

وأضافت في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن زيارة السيسي للسعودية جاءت بعد فترة من التوتر في العلاقات، مؤكدة أن عودة العلاقات إلى طبيعتها سيصب في صالح مصر، خاصة وأنها مليئة بفرص جيدة للاستثمار.

 

وذكرت عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، أنه لابد في البداية معرفة أسباب الزيارة وجدول أعمالها للوقوف على مدى جدواها الاقتصادي، ولكن من المتوقع أن تساهم هذه الزيارة في تفعيل عدة استثمارات كانت قد تم الاتفاق عليها في وقت سابق.

 

اعتبر الدكتور صلاح فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن هذه الزيارة ليست اقتصادية ولا يمكن انتظار أي استفادة منها في هذذا الشأن بعد انعقاد القمة المصرية السعودية، سواء الحصول على دعم أو مساعدات أو استثمارات.

 

وأضاف في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن زيارة السيسي للمملكة السعودية يمكن أن يكون لها مردود اقتصادي على المدى البعيد، وذلك في حالة تحسن العلاقات السياسية بين القاهرة والرياض، قائلًا الاستفادة الاقتصادية مرتبطة بالعلاقات السياسية الجيدة.

 

وأشار فهمي، إلى أن الزيارة تعتبر نوعا من التصالح بين الدولتين بعد فترة جمود في العلاقات منذة عدة شهور، وفي حال نجاحها في اذابة التوتر لابد أن يكون هناك زيارات لوزير الاستثمار والصناعة ومحافظ البنك المركزي لاستعادة التعاون الاقتصادي مع السعودية.

 

ورأى مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، أن العلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية موجودة بالفعل، مشيرًا إلى استعادة العلاقات السياسية القوية بينهما يصب أكثر في صالح الاقتصاد والاستثمار بشكل خاص.

 

وأوضح في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن استمرار العلاقات بين البلدين على أساس الأخوة والعروبة يساهم في جذب المستثمر السعودي إلى السوق المصري، وأن هذا لن يتحقق إلا من خلال توقف الحملات الاعلامية التي تساعد في تأجيج الأزمات بين القاهرة والرياض.

 

ومن جانبه، أكد عبد الخالق فاروق، الخبير الاقتصادي، أنه ليس هناك أى استفادة اقتصادية من زيارة السيسي للسعودية، لأن أى استفادة في هذا المجال تعني امكانية واستمرار الرئيس في التنازل على جزء من تراب الوطن.

 

وأضاف في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن السعودية لا تقدم مساعدات أو منح اقتتصادية مجانية، موضحًا أنها علقت كل المساعدات التي تم الاتفاق عليها في أبريل الماضي خلال زيارة الملك سلمان للقاهرة، حتى الانتهاء من قضية تيران وصنافير بعد أن حكم القضاء بمصريتهما.

مقالات متعلقة