قال الصحفي الإسرائيلي "آساف جبور" مراسل الشئون العربية لموقع "nrg” العبري إن التوترات بين مصر والسعودية قد انتهت بزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الرياض أمس الأحد ولقائه الملك السعودي سلمان.
واعتبر في تقرير بعنوان "تجديد التحالفات في الشرق الأوسط برعاية ترامب"، أنه ورغم اتهام الرياض للقاهرة بـ"الخيانة" على خلفية قضية تيران وصنافير وتصويت مصر ضد القرار الفرنسي بمجلس الأمن الخاص بوقف القصف الروسي في سوريا، إلا أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان سببًا في رأب الصدع بينهما، في إطار سعيه لإعادة التحالفات القديمة التي تخلى عنها سابقه باراك أوباما.
إلى نص المقال..
استقُبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأحد في السعودية لدى الملك السعودي، منح كلاهما ابتسامات وأحضان لصيقة كي يثبتا أن الأزمة بين الدولتين قد انتهت، الأكثر من هذا؛ تشير زيارة عبد الفتاح السيسي إلى تجدد التحالفات القديمة في الشرق الأوسط المتفكك.
أصبحت السعودية أكبر داعمة للسيسي، بعد وصوله للحكم عام 2013. ورث الرئيس المصري، مصر مفككة اجتماعيًا ومتداعية اقتصاديًا. أدت الثورتان إلى انعدام الاستقرار الأمني وهروب السياح من مصر، والسفن من قناة السويس.
ناهيك عن كل الأزمات، فإن الولايات المتحدة بقيادة أوباما، التي تخلت عن الحليف القديم لواشنطن حسني مبارك، جمدت معظم أموال المساعدات العسكرية لمصر. ذلك بسبب عدم رضا إدارته على صعود نظام عبد الفتاح السيسي، الرئيس الذي تُوج عبر انقلاب عسكري وليس بإجراء ديمقراطي.
لإخراج مصر من المستنقع يحتاج السيسي للمال، ومن هنا دخلت السعودية للصورة، في الاتفاق النووي الذي وقعه أوباما مع الإيرانيين تخلت الولايات المتحدة عن حليف قديم آخر. المصير المشترك لمصر والسعودية دفع الرياض لمنح الدعم الاقتصادي للرئيس المصري لتمكين الأخير من التوقيع على اتفاقات جديدة مع أوروبا وتحديدًا مع روسيا.
وُقعت صفقات سياحية، وغذائية وتجارية واقتصادية بقيمة مليارات الدولارات بين موسكو والقاهرة بتمويل سعودي. كذلك وقع اتفاق سلاح بين بوتين والسيسي، تضمن أنظمة دفاعية، ودبابات وطائرات ميج جديدة.
رحابة الصدر السعودية جاءت انطلاقًا من رؤية طويلة المدى، ففي وقت يتفكك فيه الشرق الأوسط وتستخدم إيران حزب الله في سوريا والعراق، والحوثيين في اليمن الجارة من الجنوب، بحث السعوديون عن حليف قوي يمكنه مساعدتها في وقت الضيق، كان الجيش المصري القوي هو المرشح المفضل.
قبل عام زار الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود القاهرة، كانت هذه هي الزيارة الأولى منذ سنوات، والأولى منذ تتويجه ملكًا للبلاد. وقعت الدولتان على 14 اتفاقا وتفاهما في مجال الطاقة والنفط والزراعة والسياحة. لكن الأهم أن الملك السعودي جاء للقاهرة لمنح الشيكات الثمينة للرئيس المصري.
توقعت السعودية من المصريين الدخول للمعركة ضد الحوثيين الذين احتلوا العاصمة اليمنية، كذلك تدخل روسيا في مجريات الأمور بسوريا رسخ مجددًا مكانة الأسد وزعزع المساعي السعودية لإسقاط نظامه.
مشروع القرار الفرنسي لوقف القصف الروسي على سوريا، قُدم لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، كانت السعودية بحاجة للصوت المصري. أيضا مسألة نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير عند مدخل خليج العقبة من مصر للسعودية ظلت على جدول الأعمال. ظن الملك السعودي أن المسألة منتهية بعد المساعدات السخية التي قدمها لإعادة تأهيل مصر.
لكن هنا اختارت مصر شيئا آخر، فضل السيسي، الغارق في الحرب ضد ناشطي داعش على الحدود الشرقية بسيناء والحدود الغربية في ليبيا، عدم الدخول في حرب جديدة باليمن. بالنسبة للروس، دفع التحالف القوي الذي تشكل بين السيسي وبوتين بتشجيع السعوديين مصر للتصويت ضد مشروع القرار الفرنسي.
كذلك قرار نقل الجزيرتين للسعودية الذي أحيل للبرلمان المصري، جرى إلغاؤه على يد المحكمة المصرية، ولم يتم تنفيذه حتى الآن، اعتبر السعوديون الخطوات المصرية خيانة، وأُعلن عن أزمة غير رسمية بين الدولتين.
شرق أوسط جديد انتخاب دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة كان بمثابة بداية فصل جديد في العلاقات. بدأ ترامب قصة رومانسية مع الدول العربية المعتدلة، وزار الرئيس المصري واشنطن مؤخرًا وحظي بحضن دافئ. بعث الملك السعودي في مارس الماضي نجله، وزير الدفاع الأمير محمد، للقاء ترامب في واشنطن. تحدث الرجلان عن الخطر الإيراني وحرب اليمن.
التصريحات اللاذعة للرئيس ترامب ضد الاتفاق النووي مع إيران كانت بالنسبة للملك السعودي خطوة لطرق أبواب المملكة. وقد استضاف الملك هذا الأسبوع في الرياض وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيوس. هدف المبعوث الأمريكي كان واضحا، وهو استئناف العلاقات مع الحلفاء القدامى الذين هجرهم أوباما، الأمر الذي أثار سعادة السعوديين.
في زيارته للسعودية اليوم، يتكيف السيسي مع الرؤية الأمريكية الجديدة. فالشرق الأوسط المتفكك نموذج ليبيا والعراق وسوريا واليمن يلزم بشراكة قوية بين مصر والسعودية ودول الخليج والأردن وإسرائيل تحت جناحي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
الخبر من المصدر..