تجددت مطالبات الرئيس عبدالفتاح السيسي للمواطنين بضرورة الصبر والتحمل، على الإجراءات الاقتصادية الصعبة، التي كان يجب أن تتخذها الحكومة في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم، حسبما أكد الرئيس خلال خلال كلمته اليوم في جلسة حوارية عقدها مع الشباب ضمن فعاليات مؤتمر الشباب في الإسماعيلية.
الرئيس قال إن الوضع الاقتصادي الحالي صعب، والمشاريع الجديدة ستوفر فرص عمل للشباب في مدن القناة، مضيفًا: «وزير الدخلية طلب مني تأجيل إعلان إجراءات الإصلاح الاقتصادي إلى ما بعد 11 نوفمبر 2016 حت يمر هذا اليوم بسلام، لكن أنا رفضت».
وأضاف: «أنا قلت لوزير الداخلية لا والله العظيم أنا ما هخدع الناس، يعني اسكت المصريين لغاية لما 11 نوفمبر يعدي وبعد كده أعلن إجراءات الإصلاح ما يصحش».
وينتظر المصريون قرارات جديدة تتمثل في زيادة ضريبة القيمة المضافة من 13 إلى 14%، والتي سترفع أسعار كل السلع والخدمات تقريبا، والاتجاه نحو خفض جديد في دعم المواد البترولية والوقود، إضافة إلى ارتفاع أسعار المياه والدواء، فضلًا عن الزيادة الفعلية التي طبقت على تذكرة المترو، ودراسة هيئة النقل العام رفع سعر تذاكرها أيضًا.
وفي ديسمبر الماضي، وجه السيسي نداءً للمواطنين ورجال الأعمال وكل الفئات المصرية، قائلا: "من فضلكم من فضلكم قفوا جنب بلدكم مصر ستة شهور فقط" خلال افتتاحه المرحلة الأولى للمزارع السمكية في محافظة الإسماعيلية.
من جانبه، علّق الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، على حديث الرئيس قائلًا: «صندوق النقد الدولي لم يطلب من مصر إقامة مثل هذه المؤتمرات من أجل تمرير أي قرار اقتصادي، أو من أجل التشاور حول برنامج الإصلاح الاقتصادي وشروط الصندوق».
وأضاف في تصريحات لـ«مصر العربية»، أن صتدوق النقد لم يُعرف عنه أنه اهتم بشعب أي دولة أقدمت على خطوة الاقتراض، مشيرًا إلى أن الحكومة أصبحت عقيمة عن استحداث أي وسائل أو إجراءات جديدة، وتلجأ لمثل هذه الحيل من أجل تمرير إجراءات أشد خطورة على المواطن الفقير.
وفي نوفمبر الماضي، وافق صندوق النقد الدولي على منح مصر قرضا بقيمة 12 مليار دولار بعدما التزمت الحكومة بخطة إصلاحات، بما في ذلك تحرير سعر الصرف (تعويم الجنيه).
وكانت وثائق قرض صندوق النقد الدولي التي تم الكشف عنها في يناير الماضي خلت من أية إشارة إلى معدلات الفقر المستهدفة في مصر خلال العام المالي الحالي 2016/2017.
ولفتت الوثائق إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر يركز على تقليص عجز الموازنة، ووضع الدين العام على مسار هبوطي واضح في الأجل المتوسط، بما يسمح بخلق مساحة أكبر للإنفاق على البنية التحتية، وتخفيف وطأة الفقر، وتحسين قطاعات الصحة والتعليم والإنفاق الاجتماعي.
وأوضح «سرحان» أن ارتفاع معدل التضخم وزيادة نسبة الفقر، أبرز دليل على كل ذلك، مضيفًا: «كلام السيسي عن ضرورة الصبر والتحمل، عبارة عن تبرير لفشل الأدوات والسياسات الاقتصادية والتي لا يوجد ما يدعهما ولن يقبلها المواطن البسيط».
وأنهى تصريحاته لـ«مصر العربية»، قائلًا: «الاقتصاد المصري (حبيس) لوضع سياسي متأزم وإجراءات اقتصادية فاشلة في السنوات الأخيرة، إذ تعتمد الحكومة على إجراءات نمطية، والمخططون هم نفس العقول القديمة بل أسوأ».
وأعلن البنك المركزي المصري في أحدث تقرير له، انخفاض معدلات التضخم الأساسية فى مصر، إلى 32.2% فى مارس 2017، مقابل 33.1% فى فبراير.
من جانبه، قال الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، إن مطالبة الرئيس السيسي للشعب المصري بالصبر والتحمل مجددا حتى 30 يونيو 2018 ما هي إلا وعود ومناورات انتخابية كما حدث من قبل عندما وعد الشعب بأن تتحقق طفرة اقتصادية خلال عامين ولم يحدث شىء حتى الآن.
وطالب الرئيس عبدالفتاح السيسي، في كلمته الشعب بالصبر والتحمل حتى 30 يونيو 2018، مشيرًا إلى أن هذا التاريخ نهاية مشروعات التنمية التي وعد بها الفترة الأخيرة.
وأضاف «الدمرداش» في تصريحات لـ«مصر العربية»، أنه لم يعد يثق في وعود الرئيس عبدالفتاح السيسي بسبب السياسات الفاشلة التي تتخذها الحكومة، مشيرًا إلى أننا لم نلمس أي تحسن في اﻷداء الاقتصادي منذ تولي الرئيس في 2014.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن اﻷسعار كل يوم في تزايد وسوف تستمر في الارتفاع طالما تسير الحكومة بنفس السياسات التي تتبعها حاليا، لافتا إلى أن معدلات التضخم في تزايد كما أن الهدف اﻷساسي من برنامج الإصلاح الاقتصادي للحكومة وهو تحسين اﻷحوال المعيشية للمواطنين لم يتحقق حتى الآن ولن يتحقق خلال العام المقبل كما وعد الرئيس، قائلًا: «لم نر زيادة في الدخل القومي أو انخفاض في معدلات البطالة والتضخم حتى نطمئن على المستقبل».
وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والتي تؤكد انضمام نحو 1. 27 مليون مصري إلى شريحة ما تحت خط الفقر وأصبح أكثر من 28٪ من المصريين يعيشون تحت هذا الخط ولا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية.
وبحسب البنك الدولي تم رفع حاجز خط الفقر العالمى فى توازٍ مع ارتفاع التكلفة المعيشية حول العالم ليصل لحاجز الـ 1.90 دولار يوميًا للشخص الواحد بـ 17 جنيها، يصبح دخل المصريين لدى مستوى خط الفقر العالمى 969 للفرد شهريًا.
وفي مصر وطبقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء هناك المليون مواطن ينفقون أقل من 333 جنيها شهريًا وبمعدل إنفاق سنوى 36 ألف جنيه في المتوسط، فضلًا عن 38٪ من أصحاب الأسر عاطلون عن العمل و17٪ من الأسر تعولهم نساء، وحدد الجهاز خط الفقر المدقع للفرد بمبلغ 333 جنيها خلال 2016، وهو ما كان يعادل خلال 2015 حوالي 36.2 دولار.
محمد الشيمي، الخبير الاقتصادي، قال إن مصر توجهت لصندوق النقد الدولي في ظل حالة المرض التي أصيب بها الاقتصاد المصري، ولم تجد حلا سوى الدواء المر، والجميع سيشارك في دفع فاتورة هذا العلاج.
وأوضح «الشيمي» في تصريحات لـ«مصر العربية»، أن أرقام الحكومة تقول أن مصر تخطت المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي اتفقت عليه مع الصندوق، وهي حاليا لا تحتاج لمثل هذه المؤتمرات لتمرير أي خطوات جديدة.
وأشار إلى أنه في شهر يوليو المقبل، من المتوقع أن يكون هناك إجراءات جديدة منها تخفيض دعم الطاقة والتعامل بـ«كروت البنزين»، لافتًا إلى أن مصر تحاول الآن النهوض من سنوات الإجراءات الاقتصادية الخاطئة، قائلًا: «مصر كانت عايشة على المنح والمساعدات».
وكانت وزارة المالية قد أعلنت في وقت سابق من الشهر الماضي، عن زيادة جديدة في تعريفة الكهرباء بداية من يوليو المقبل، وفقًا للبرنامج الزمني المخطط لخفض دعم الكهرباء، بموازنة الدولة على مدار 5 أعوام.